دافع البابا فرنسيس أمس (الاحد) في طريق عودته من ارمينيا عن استخدامه مصطلح "الابادة" لوصف المجازر التي تعرض لها الارمن في عهد السلطنة العثمانية، مؤكدا ان الامر كان سيبدو "غريبا" لو انه لم يكرر في يريفان مصطلحا سبق له وان استخدمه في روما. وقال البابا للصحافيين على متن الطائرة التي عادت به الى روما في ختام زيارة الى ارمينيا انه "بعدما شعرت بنبرة خطاب الرئيس الارمني سيرج سركيسيان، وبما انه سبق لي وان استخدمت هذا اللفظ في ساحة القديس بطرس العام الماضي، فكرت انه سيبدو غريبا اذا لم استخدم الكلمة نفسها" في يريفان. واضاف "لم استخدم هذه الكلمة بروح هجومية، بل موضوعيا". وانهى الحبر الاعظم عصر الاحد زيارة لارمينيا موجها بادرة مصالحة الى تركيا التي اغضبها استخدامه مصطلح "الابادة" لوصف المجازر التي وقع ضحيتها الارمن مطلع القرن الماضي. وهي الزيارة الـ14 للبابا الى الخارج وتميزت ايامها الثلاثة بالتركيز على ذكرى الارمن الذين قتلوا على ايدي العثمانيين عامي 1915 و1916 والذين بلغ عددهم نحو مليون ونصف مليون بحسب الارمن. ولفت البابا في تصريحه للصحافيين على متن الطائرة الى أنه ذكر مرتين "بين مزدوجين" الاعلان الخطي ليوحنا بولس الثاني في 2001. واضاف "لقد تحدثت دوما عن ثلاث ابادات حصلت في القرن الماضي: تلك التي تعرض لها الارمن وتلك التي ارتكبها هتلر وتلك التي ارتكبها ستالين". وشرح الحبر الاعظم بأن المجازر التي تعرض لها الارمن ولم يعاقب عليها مرتكبوها كانت مثالا احتذى به هتلر لاحقا حين اراد القضاء على اليهود لان العالم لم يكترث للمجازر التي راح ضحيتها الارمن. وقال البابا الارجنتيني انهم اخبروه ان هتلر قال حين اراد ابادة اليهود "ولكن من يتذكر الارمن؟ فلنفعل نفس الشيء مع اليهود". واضاف الحبر الاعظم "في الارجنتين نتحدث عن الابادة الارمنية. انا لم اكن اعلم بوجود كلمة اخرى. انا لم اسمع صيغا اخرى الا عندما وصلت الى روما، صيغ مثل المأساة المروعة والشر العظيم". وكان نائب رئيس الوزراء التركي نور الدين جانيكلي ابدى السبت «الأسف» لأن يصف البابا فرنسيس مذبحة الأرمن في 1915 على أيدي القوات العثمانية بأنها إبادة جماعية، مشيراً إلى أن ذلك يعكس «العقلية الصليبية» للبابوية، فيما رد الفاتيكان بالقول إن البابا ليس في حملة صليبية وإنه لا يحاول تنظيم حروب أو بناء جدران. وفي خروج عن الكلمة المكتوبة التي ألقاها أثناء زيارته للعاصمة الأرمينية يريفان أمس، استخدم البابا تعبير «الإبادة الجماعية» ليصف عملية القتل الجماعي، وذلك بعد مضي عام على وصف مماثل أثار غضب تركيا. وقال جانيكلي للصحافيين إن «تصريح البابا مؤسف للغاية. من المؤسف أن نرى كل انعكاسات وآثار العقلية الصليبية في أفعال البابوية والبابا». وأضاف في تصريحات نشرتها صحيفة «حرييت» اليومية: «لم يكن بياناً موضوعياً، ولم يعكس الحقيقة. يعلم العالم أجمع هذا كما يعلمه الأرمن». ورد الفاتيكان اليوم على وصف تركيا للبابا فرانسيس بأنه يمتلك «عقلية صليبية»، وقال الناطق باسم الفاتيكان الأب فريدريك لومباردي للصحافيين، إن «البابا ليس في حملة صليبية. إنه لا يحاول تنظيم حروب أو بناء جدران بل يريد بناء الجسور»، وأضاف «لم يقل كلمة واحدة ضد الشعب التركي». وعاد البابا فرانسيس إلى روما اليوم بعد زيارة قام بها لدير قرب الحدود التركية. وكان استخدم تعبير الإبادة الجماعية للمرة الأولى في احتفال في الفاتيكان قبل عام. وردت تركيا الغاضبة بسحب سفيرها لدى الفاتيكان وأبقته بعيداً عشرة أشهر. وتسلم تركيا بمقتل الكثير من المسيحيين الأرمن في عهد الإمبراطورية العثمانية في اشتباكات مع القوات العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى، لكنها تشكك في التقديرات التي تؤكد مقتل حوالى 1.5 مليون شخص، وتنفي أن القتل كان ممنهجاً ومن ثم يمثل إبادة جماعية. وتقول أيضاً إن الكثير من الأتراك المسلمين لاقوا حتفهم في نفس الفترة. وصباح اليوم في آخر مراحل زيارته التي استمرت ثلاثة أيام لأرمينيا كرر البابا الإشارة للمذبحة وأبدى تقديره «للعديد من ضحايا الكراهية الذين عانوا وفقدوا حياتهم من أجل إيمانهم».
مشاركة :