لطالما شكلت سوق العقارات في بريطانيا نقطة جذب رئيسية للمستثمرين الخليجيين، ومن غير المرجح أن يؤثر تصويت البريطانيين على الخروج من الاتحاد الأوروبي، في شهية أثرياء الخليج للتملك في المملكة المتحدة، بحسب محللين. وتتراوح الاستثمارات الخليجية في بريطانيا بين المشاريع الكبرى كالفنادق الفخمة والمجمعات التجارية والمكتبية، إلى القصور الخاصة والمنازل الفارهة. وساهم تراجع أسعار النفط خلال العقد الماضي، في جذب المزيد من الاستثمارات الخليجية إلى سوق العقارات البريطانية. ويرى المحللون أن الإقبال لن تزعزعه نتيجة استفتاء الأسبوع الماضي. تقول كبيرة الاقتصاديين في مصرف أبوظبي التجاري مونيكا مالك لوكالة فرانس برس ، على المدى القريب سيكون ثمة شعور حذر، لكننا لا نتوقع عمليات بيع ملحوظة. تضيف : من غير المرجح حصول ردة فعل مفاجئة أو هلع. وتبلغ قيمة الاستثمارات الخليجية في بريطانيا 200 مليار دولار، حصة العقارات منها 45 ملياراً، ما يمثل 40 في المئة من الاستثمارات الخليجية في العقارات بأوروبا. وترى مالك أن العقارات في المملكة المتحدة جذابة جداً، وهي فئة أصول (استثمارية) ذات أداء جيد. ويتوقع أن يبقى الطلب الأجنبي عليها قوياً بمجرد أن تهدأ حالة عدم التيقن التي تلت نتيجة الاستفتاء. وانعكس تصويت غالبية البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، بشكل سلبي على أسواق الأسهم. كما دفعت النتيجة التي شكلت مفاجأة إلى تراجع الجنيه الاسترليني إلى مستويات غير معهودة مقابل الدولار الأمريكي منذ 30 عاماً. وتعد قطر من أبرز المستثمرين الخليجيين في بريطانيا، وتتوزع أصولها ما بين نصف أسهم فندق سافوي التاريخي في لندن، وناطحة السحاب شارد، وهي من الأعلى في أوروبا، ومتجر هارودز الفاخر. وباتت إحدى المناطق الراقية في لندن تعرف باسم الحي القطري نظراً إلى كمية العقارات التي ابتاعها مستثمرون قطريون فيها. وقدرت شركة روكستون العقارية البريطانية في وقت سابق من هذه السنة، أن القطريين باتوا يمتكلون عقارات تفوق قيمتها المليار دولار، في مايفير، إحدى أكثر مناطق العاصمة البريطانية فخامة. كما يملك إماراتيون، بينهم مستثمرون، عدداً من العقارات الفخمة في لندن. ويقول رئيس الأبحاث في مركز الكويت المالي ام. ار. راغو لفرانس برس إن المستثمرين من الإمارات يشكلون أكثر من 20 في المئة من المستثمرين الذين ابتاعوا عقارات لغرض تأجيرها في المملكة المتحدة عام 2015. يضيف : قطر من المستثمرين البارزين في لندن، وتستحوذ على مواقع معروفة. ويحذر راغو من أن أي انهيار في سوق العقارات البريطانية سيكون ذا تأثير هائل في الخليجيين الذين يستثمرون بشكل كبير في لندن. إلا أن نتيجة الاستفتاء قد تحمل معها بعض النتائج الإيجابية. انخفاض الجنيه حسب المحللين، يمكن لانخفاض قيمة الجنيه الاسترليني أن يشكل فرصة سانحة للمستثمرين من الدول الخليجية التي تربط معظمها عملاتها الوطنية بالدولار الأمريكي، لشراء عقارات جديدة باتت قيمتها حالياً أقل نسبياً، جراء الفارق في قيمة العملة. ويقول الخبير في الشؤون الخليجية نيل بارتريك انخفاض قيمة الجنيه قد يجعل من المملكة المتحدة أكثر جذباً لمواطني دول مجلس التعاون الخليجي، ربما للاستثمار في عقارات لندن. وترى دانا سلباق من شركة الاستشارات العقارية نايت فرانك، أن الاستفتاء أضعف الجنيه، وسيجعل من العقارات أرخص بالنسبة إلى المستثمرين من الدول التي تربط عملاتها بالدولار الأمريكي. وتشير إلى أن المستثمرين اعتمدوا مقاربة حذرة خلال الأشهر الماضية، مضيفة ما نشهده حاليا، وما نتوقع أن نراه خلال الأشهر المقبلة، هو أن هذا النشاط (شراء العقارات) سيستعيد عافيته وسيعمد المستثمرون إلى إتمام عمليات الشراء. وتوضح أن العديد من الأفراد من دول الخليج يبتاعون عقارات في المملكة المتحدة لغايات الاستخدام الشخصي وليس بدافع الاستثمار. وتقول الكثير من الاتفاقات التجارية التي يجب إعادة التفاوض عليها (بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي) لن تؤثر بالضرورة في عادات الإنفاق... لندن ستحافظ على مكانتها كوجهة مرغوبة بالنسبة إليهم. ويرى مسؤول تحرير أسبوعية استايتس غازيت البريطانية العقارية، داميان وايلد، أن الوضع على المدى المتوسط سيبقى قوياً، وأن فارق العملة سيؤثر بالتأكيد في حركة السوق العقارية. ويوضح على سبيل المثال أن قطر، وإذا ما وضعت المسائل المرتبطة بالمدى القصير جانباً، استثمرت بشكل كبير في لندن على المدى البعيد (...) ولا أرى سبباً يدفع إلى تغيير هذا الواقع. وإضافة إلى الجوانب الاقتصادية، يتحدث بارتريك عن ألفة تاريخية ولغوية بين المملكة المتحدة ودول الخليج التي خضعت بمعظمها في العقود الماضية لتأثير مباشر من الاستعمار البريطاني. وتقيم في الدول الخليجية حالياً جاليات بريطانية كبيرة. وفي إمارة دبي، يعد البريطانيون ثاني اكبر مستثمرين عقاريين. وفي حال بقاء الجنيه الاسترليني على مستويات منخفضة، قد يؤدي ذلك إلى خفض الاستثمارات البريطانية في العقارات بالإمارات، وربما أيضاً خفض عدد السياح البريطانيين الذي بلغ 1.2 مليون شخص العام الماضي. (ا ف ب ) جولدمان ساكس وميريل لينش يخفضان توقعاتهما للإسترليني خفض بنك أوف أمريكا ميريل لينش وبنك جولدمان ساكس توقعاتهما قريبة المدى للجنيه الإسترليني إلى أقل من المستويات الحالية وقالا إن خسائر العملة جراء الصدمة التي أحدثها الأسبوع الماضي التصويت لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد تنحسر بنهاية هذا العام. وبعد أكبر هبوط يومي في قيمة الجنيه الإسترليني في التاريخ الحديث الجمعة الماضي اضطر البنكان الأمريكيان إلى تخفيض توقعاتهما للفترة المتبقية من هذا العام. وبلغ مقدار التخفيض من قبل بنك أوف أمريكا ميريل لينش نحو 30 سنتا. غير أن بنك جولدمان ساكس توقع أن يجري تداول الجنيه الإسترليني عند المستويات التي سجلها امس والبالغة 1.34 دولار بنهاية العام وتوقع أن ترتفع العملة البريطانية بشكل مطرد بعدما تبلغ القاع أمام اليورو والدولار على مدار الأشهر الثلاثة المقبلة. وتوقع بنك جولدمان ساكس هبوط الاسترليني إلى 85 بنسا لليورو خلال ثلاثة شهور في حين خفض بنك أوف أمريكا ميريل لينش توقعاته لليورو إلى 1.05 دولار من 1.08 دولار وتوقعاته للدولار إلى 105 ينات من 110. وقال خبراء من جولدمان ساكس في مذكرة في الأجل المتوسط نعتقد أن الجنيه يستعيد بعض القوة. لا نتوقع صدمة من الضبابية السياسية على غرار تلك التي أحدثها (انهيار) بنك ليمان براذرز أو بنفس التداعيات العالمية. بينما نتوقع الآن دخول المملكة المتحدة في كساد فني في النصف الأول من 2017 فإنه ينبغي أن يكون خفيفا بالمعايير التاريخية.
مشاركة :