تراجع الليرة التركية يُعزّز المخاوف من تكرار سيناريو أزمة 2001

  • 1/27/2014
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

أحمد يلماظ، الذي عاش كابوس الأزمة المالية الخانقة في تركيا عام 2001م، لا يخشى اليوم سوى تكرار هذه التجربة المريرة، بعد أن سجّلت الليرة التركية تراجعا كبيرا خلال الفترة الأخيرة، خصوصا بسبب الأزمة السياسية المالية التي تعصف بالبلاد. وقال يلماظ، الذي يملك محلا لبيع السجائر في ميدان الاستقلال في إسطنبول "كثير من أصدقائي في تلك الفترة أُجبِروا على إغلاق محالهم التجارية بسبب الأزمة، وعانت عائلاتهم كثيرا، كما أن بعضهم وصل إلى حد الانتحار هربا من الديون". وتابع "ما أخشاه اليوم هو تكرار هذه الأزمة، لأن الأجواء مشابهة لتلك التي كانت سائدة قبل 13 سنة". وبعد ازدهار مميز لأكثر من عشر سنوات، عاد القلق ينتاب الأوساط المالية والاقتصادية في تركيا؛ فالبورصة تسجّل تراجعا، والليرة التركية تواصل انخفاضها، والسبب تلك العاصفة التي تضرب حكومة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان. وقالت وكالة الأنباء الفرنسية، في تقرير نشرته أمس "إنه في الأسابيع الخمسة الماضية، خسرت الليرة التركية 10 في المائة من قيمتها في مقابل الدولار واليورو، ولا شيء يُوحي بأن هذا التراجع لن يتواصل؛ ما يُذكِّر بما حصل في عامي 2000م و2001م. ويومها، وصل تراجع الليرة التركية إلى 40 في المائة خلال أيام قليلة، على خلفية فضيحة فساد، ولم تنجُ تركيا من الغرق إلا بفضل تدخل عاجل من صندوق النقد الدولي. وقد يكون من الصعب مقارنة حجم تراجع الليرة التركية اليوم بالتراجعات الهائلة مطلع الألفية الحالية، إلا أن الأجواء قاتمة والتوقعات غير مطمئنة، رغم تأكيدات الحكومة بأن الأمر ليس سوى "عاصفة عابرة". وقال التاجر أونسل كلكان، وهو يقف داخل محل أحذية صغير يملكه في إسطنبول "لقد عرفنا هذا النوع من الأزمات قبل سنوات، وعندما يرتفع الدولار فالأمر غير جيد لتجارتنا". وأضاف "قد تمر ثلاثة أيام من دون أن نبيع أي شيء، لقد تراجعت مبيعاتنا 70 في المائة منذ 17 كانون الأول (ديسمبر)". وفي هذا اليوم، اعتقلت الشرطة عشرات الأشخاص من رجال أعمال وأصحاب شركات ومسؤولين مقربين من حكومة أردوغان، بتهم فساد واختلاس وتبييض أموال. ويبدو أردوغان اليوم قد أصيب بالوهن من جرّاء هذه الأزمة الأخطر بالنسبة إليه، منذ وصوله إلى السلطة عام 2003م. وقبل أشهر قليلة من موعد الانتخابات البلدية في آذار (مارس)، والرئاسية في آب (أغسطس)، فإن ورقة أردوغان الأساسية كانت حتى الآن استعدادا لهذه الانتخابات هي البحبوحة الاقتصادية التي يعيدها إلى قراراته منذ تسلمه السلطة. وقالت صاحبة محل مجوهرات في إسطنبول، وهي ماريل أكدمير "بات الوضع صعبا خلال الفترة الأخيرة، ومبيعاتنا إلى تراجع منذ بضعة أشهر". مضيفة "نحن نعاني أزمة اقتصادية يرفض البعض الاعتراف بها". ومثله مثل كل الدول الناشئة، فإن الاقتصاد التركي يبقى مرتبطا كثيرا بالاستثمارات الأجنبية، وقد تأثر كثيرا بسياسة التقييد النقدي التي تفرضها الولايات المتحدة منذ منتصف العام الماضي. وأسهمت الأزمة السياسية في زيادة المخاوف من الثغرات التي تعانيها البلاد، مثل ارتفاع العجز العام إلى أكثر من 7 في المائة، والتضخم إلى 2.6 في المائة عام 2012م، و4.7 في المائة عام 2013م. ومع أن السلطات لا تزال متمسكة بالقول إن النمو لهذه السنة سيبقى بحدود 4 في المائة كما توقعت، فإن عديدا من المحللين يشككون في القدرة على الاحتفاظ بهذه النسبة. وقال نائب رئيس الحكومة التركي للشؤون الاقتصادية والمالية، علي باباجان، أمام منتدى دافوس قبل أيام "إن الذين منحوا ثقتهم للاستقرار في تركيا على المدى الطويل لن يخيب ظنهم". إلا أن صاحب محل المجوهرات، أحمد أرغين يعتقد غير ذلك، ويقول: "منذ بدء ارتفاع الدولار انتاب القلق المستثمرين، ولم يعودوا يعرفون أين يضعون أموالهم". مضيفا "نحن نخسر فرصا عدة". وعما إذا كان تراجع الليرة التركية قد يُشجّع السيّاح على القدوم إلى تركيا، قال بائع السجاد، مصطفى كوبان "كان يمكن أن يكون هذا الكلام صحيحا لو أننا في فصل الصيف، لكننا في الشتاء، وعدد السيّاح قليل جدا في هذه الفترة". ومعلوم أن تركيا تعتبر من أفضل عشر دول تستقبل سيّاحا في العالم، حيث وصل عدد السيّاح إليها عام 2013م إلى 32 مليون سائح. ويرى بعض التجار أن القمع الذي واجهت به الشرطة المتظاهرين المناهضين للحكومة في حزيران (يونيو) الماضي، شوّه كثيرا صورة تركيا في الخارج. وقال أرغين: "لقد انخفض عدد السياح منذ التظاهرات الأخيرة، ولا يزال الوضع سيئا منذ تلك الفترة".

مشاركة :