دروس وعبر من قصة طالوت عليه السلام

  • 6/29/2016
  • 00:00
  • 25
  • 0
  • 0
news-picture

أكد فضيلة الشيخ سعيد مصطفى أن القصص في القرآن الكريم ليس الهدف منها التسلية أو السرد التاريخي، وإنما لنهتم ونتعظ ونأخذ الدروس من تلك القصص، وضرب مثلا بقصة سيدنا طالوت والدروس المستفادة منها، فقد قال الله عز وجل «وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك». وقال خلال درس التراويح بمسجد الإمام محمد بن عبدالوهاب عقب صلاة التراويح: إن قصة سيدنا طالوت التي ذكرها الله عز وجل في القرآن الكريم، بها من الدروس والعظات ما يجب أن نتعلم منه، فكثيراً ما تبتلى الأمم والشعوب بالهزائم وترك الديار وخسارة الأوطان والتشتت ومفارقة الأهل والولد والأحبة، ولا ريب في أن تلك الهزائم والنكبات لا تأتي من فراغ، وإنما من خلال الأمراض الاجتماعية التي تعشش في النفوس، والتي أوجدت القابلية للهزيمة، مصداقاً لقوله تعالى «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم». وأضاف: القرآن الكريم فيه قصة طالوت نستلهم منها مزيداً من العبر والدروس، فالمتوقع أنه بمجرد أن نكص الزعماء عن القتال أن يتولى معهم جنودهم وأنصارهم، وحتى الذين لم يتولوا فليسوا جميعاً صادقين، حيث إنهم اعترضوا على قيادة طالوت قائلين «أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالمُلك منه ولم يؤت سعة من المال»، وهنا يظهر هدفهم سافراً واضحاً وهو أن يكون القائد الأعلى واحداً منهم، ويكون الكيان هشاً، لأن كلا منهم يريد مصلحته الشخصية فقط دون النظر لمصالح الأمة، ويظل كل واحد منهم على كرسيه ويبقى التمزق على حاله، إنهم يرفضون زعامة طالوت لأنهم -في تصورهم- أحق بالملك منه، فهم الذين ورثوا الزعامة كابراً عن كابر، وهم أصحاب الغنى والثراء، وهم الذين شاركوا في الحروب السابقة، وبالتالي هم الممثلون الشرعيون للشعب. وأوضح أن زعماء القوم ذهبوا إلى النبي ليفوتوا الفرصة على طالوت وأمثاله من القيادات المؤمنة الصاعدة، وحرصوا على أن يكون التعيين صادراً من القيادة الروحية، وهي نبيهم، لكن النبي الفطين الحكيم المؤيد بوحي الله، يعيّن القائد الذي لا يصلح سواه لهذه المرحلة، ليس ذلك فحسب بل إنه قبل ذلك يكشفهم أمام جماهيرهم، حين يعلمهم بأن الله قد فرض عليهم القتال فيكون منهم النكوص. ويشاء الله تعالى أن يجعل لطالوت كرامة يزيد فيها من رصيده في القلوب وقبوله في النفوس وليطوع له الرقاب، فتكون آية ملكه وعلامة اصطفاء الله إياه أن يأتي التابوت إلى قومه بني إسرائيل تحمله الملائكة _وهو صندوق فيه بعض آثار لما تركه آل موسى وآل هارون، يبدو أن بني إسرائيل فقدوه في إحدى معاركهم التي هزموا فيها_. وتابع الشيخ: ويدرك طالوت أن في جيشه من التحق به خجلاً أو بدون إيمان واقتناع، وأن فيهم المنافقين ومرضى القلوب وضعاف النفوس الذين إذا كانوا في الجيش زادوهم خبالاً، فكان لا مناص من استثنائهم، ويقف طالوت خطيباً بالجند فيعلمهم أن الله مختبرهم بنهر فمن شرب منه فليس من طالوت وليفارق الجيش، وأما من يصبر ولم يشرب أو شرب غرفة بيده فهو فقط الذي يسمح له بالاستمرار، ونستفيد منها أن من لا يصبر على الماء لا يرجى منه أن يصبر إذا حمي الوطيس، والذي لا يطيع قائده في الأمر الصغير فلن يطيعه في الأمر الكبير. وتحكي الآيات نكوص أكثرية الجند وقعودهم إذ شربوا من النهر، ولا يبقى مع طالوت إلا أقل القليل، حتى قيل إنه خرج مع طالوت 80 ألف جندي وما جاوز النهر معه سوى 4 آلاف جندي، وينظرون إلى أنفسهم فيستصغرونها أمام جحافل جالوت بعددهم وعُددهم ويقولون: «لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده»، فلو تأخر القتال كي نزيد عددنا وعتادنا، ويرجع عدد كبير من الـ4 آلاف جندي، ولم يبقَ معه إلا 317 جنديا، حتى قيل إن عدد الجنود مع طالوت هم نفس عدد المؤمنين في غزوة بدر مع النبي صلى الله عليه وسلم.;

مشاركة :