لا يخفى على أحد أن التوطين عنوان مبدئي وقضية أساسية في الإمارات. المفتتح المناسب هنا للتدليل على ذلك الاستشهاد بتخصيص وزارة خدمات كبرى ومعنية في الوقت نفسه بشأن اقتصادي، هي وزارة الموارد البشرية والتوطين، لكن بالرغم من ذلك فإن سؤال التوطين لجهة الامتيازات وتجسير الهوة بين القطاعين يظل حائراً: كم تحقق من الوعد، ولماذا هذا التعثر الواضح؟ النيات الحسنة حاضرة بالتأكيد، لكنها لا تكفي وحدها، ومعها لابد من البرنامج المفيد المدروس والقابل للتنفيذ. أول البرنامج الوطني المفترض تعديل قانون علاقات العمل العتيد تعديلاً جذرياً أو حتى تغييره بالكامل وفق مستجدات واقع متغير بامتياز، مع مراعاة نقطة تجسير الهوة الهائلة على وجه الخصوص فيما يتصل بالأجور والامتيازات المادية والمعنوية من ترقيات وإجازات، أما فرق الإجازات بين القطاعين الحكومي والخاص فيقف شاهداً بليغاً على ما يراد هنا: العطلة الأسبوعية وحدها تصنع فارق 52 يوماً كل عام، ناهيك عما يستجد أو يطرأ من إجازات كإجازة العيد مثلاً، وإجازة عيد الفطر المرتقبة خير برهان: في القطاع الحكومي تستغرق أسبوعاً ولا مقارنة مع القطاع الخاص. ويراد للقطاع الخاص أن يكون جاذباً، وأن يكون محلّ استقطاب المواطنين، فكيف يتحقق ذلك أو بعضه اليسير في مثل هذه الظروف الطاردة، والتي لا تؤدي، بسبب من طبيعتها، إلا لمزيد من التعطيل والتأجيل؟ تعديل الأنظمة والتشريعات مسألة مفصلية، وقانون علاقات العمل الحالي لم يعد ملائماً لنهضة وطموح الإمارات، حيث تجاوزه الواقع، ودل السعي المزمن إلى تعديله أو تغييره دليل الحاجة الماسة إلى غيره، فلماذا التأخير، وماذا حدث؟ الحكومة مع التعديل ومع تجسير الهوة بين امتيازات وإجازات القطاعين نحو استقطاب المزيد من المواطنين. هذا توجه معلن، وورد مراراً وتكراراً على ألسنة شخصيات قيادية ومسؤولين تنفيذيين كبار، وآخر العهد مع الدورة المستندية لمشروع تعديل قانون العمل عرضه باستمزاج آراء قطاعات معنية، خصوصاً قطاع الأعمال، فيما علم أن بعض هذا القطاع لا يريد التعديل، خصوصاً بالنسبة إلى فرض أو إقرار إجازة اليومين. فما العمل؟ في هذه الحالة، لابد من قرار سيادي يراعي مقتضيات المصلحة العامة. التوازن هنا ضروري ويمثل مسألة محورية، والكرة الآن، في التقدير السوي، في ملعب الحكومة، وكلنا ثقة في حرصها على حل متوازن ومعقول، ومعلوم أن نتائج استمزاج القطاعات قبل استصدار القوانين غير ملزمة، خصوصاً في حالة الاختلاف، وخصوصاً حين يتطابق التعديل مع توجه مجلس الوزراء والمجلس الوطني والمجتمع. أمل التوطين في النهاية يجب أن يتحقق، انطلاقاً من كونه مسألة وجود ومصير. هكذا يجب التعامل مع حلم التوطين، فهو ليس مزحة وإنما طريق، ولا نجاح لمنظومة التعليم والمستقبل من دون توطين حقيقي ومخطط له جيداً. ابن الديرة ebn-aldeera@alkhaleej.ae
مشاركة :