قد تجد من يظلمك، أو يؤذيك، أو يعتدي على كرامتك، أو يقوم بعمل يسيء إليك، فتكون ردة فعلك الانفعالية، تولد مشاعر الكره له في قلبك، لكن علماء النفس يحذرونك من ذلك، يسمحون لك أن تستثقل دمه، أن لا تحبه، ولكن لا تكرهه! حقا إن الكره له إغراء وجاذبية تجرنا إليه مرغمين، بحكم أنه نتاج انفعالات تنبت داخل الصدر يصعب التحكم فيها، ولكن مع ذلك، احذر، احذر من استضافة الكره مهما قوي إغراؤه ومهما شعرت بجاذبيته لك. مشاعر الكره مملوءة بسم يجلب التعاسة إلى صاحبها، حين تكره سرعان ما تظلم حياتك بسواد يحجب الضوء عنك، فيصيبك الضيق والتجهم، وكلما ازدادت جمرات الكره اتقادا في صدرك، زاد ثقل الضيق الجاثم عليه فتختنق بكل شيء، ربما حتى بنفسك. حين يقول لك علماء النفس لا تكره، هذا لا يعني أن تكون طوباويا فتحب من ظلمك أو آذاك أو اعتدى على كرامتك، هذه الدرجة من المثالية لا توجد في البشر مهما ادعى البعض امتلاك ذلك، ولأن علماء النفس يعرفون هذه الحقيقة، هم لا يطالبونك بشيء من ذلك، يكفيك أن تبتعد عن المصدر الذي يولد الكره في قلبك لكي تميت الكراهية داخله قبل أن تتجذر وتزهر. حين تشعر بدبيب الكره يتسلل إلى قلبك، ابتعد عمن وجوده قريبا منك يحيي الكره في قلبك، اتركه خلفك وامض بعيدا عنه. عندما تفعل ذلك، فإنك تحسن إلى نفسك وليس إليه، لأن مشاعر الكراهية المخزونة في صدرك ضده لا يصل أثرها إليه، لكنها تنخر في صدرك أنت، وقد تتلف قلبك وشرايينك وأوعيتك الدموية، تدمرك وأنت لا تدري. لا تقل إن علماء النفس يجهلون أن المشاعر تنبت داخل القلب بلا حول ولا قوة من صاحبها، وإن الكراهية كالحب تنزل القلب وهو لا يدري، فهم يعرفون ذلك، لكنهم يعرفون أيضا أن بإمكانك أن تشطب على مشاعر الكره وتدفنها في ركن من قلبك متى نبتت، هذا إن لم تستطع طردها خارجه، فالشطب عليها يفتح مجرى الهواء أمام رئتك، لتمتلئ بالأكسجين النقي من جديد. الكراهية حمل ثقيل، يجثم على صدورنا فنشعر بالاختناق، على عكس الحب الذي يشبه غاز الهليوم تمتلئ به قلوبنا فنشعر أننا نحلق في الفضاء نسابق السحاب.
مشاركة :