ألغاز كونية: الطاقة المظلمة في الكون

  • 6/29/2016
  • 00:00
  • 30
  • 0
  • 0
news-picture

تخيل لو كان هناك لغز رمضاني يتكرر سنة بعد سنة؛ لا بسبب افتقار القنوات لمادة يقدمونها، بل لأنه لا أحد يعرف الإجابة عنه! قد يمل منه بعض الناس، ولكن ما من شك في أن الفضول سيطغى على الكثير منهم: لماذا لم يعرف أحد الحل؟! وما هو الحل أساسا؟! مثل هذه الحال موجودة في الفيزياء منذ عقود. فهناك ألغاز لا نعرف الإجابة عنها وكل يوم يدخل إلى الركب باحثون لمحاولة الإجابة عنها، ويخرج بعضهم بيأس. وأحد أهم هذه الألغاز نسميه: الطاقة المظلمة في الكون، وهو محور حديثي في هذا المقال. هناك نوع غريب من الطاقة التي تملأ الكون ولا نعرف ما هي ولا منشؤها ولا سبب وجودها. ولكننا نعرف عن وجودها بسب أثرها الذي تتركه في الكون. تفسير هذه الطاقة وما يتبعها من ظواهر طبيعية هو لغز يشغل كثيرا من الفيزيائيين منذ عشرات السنوات. ومن يفلح في تفسيره سيحصل بالتأكيد على جائزة نوبل وسيخلد إنجازه في التاريخ. ولكن ما هي قصة الطاقة المظلمة هذه؟ في عام 1929م، أكدت أعمال الفلكي الأميركي (إدوين هابل) أن الكون آخذ في التوسع. ويتجلى ذلك في التباعد المستمر بين حشود المجرات. هذا الأمر هو من نتاج ما نسميه بالانفجار العظيم. فإذا كان الكون يتوسع مع مرور الزمن؛ فهذا معناه أن الكون يتقلص كلما عدنا بالزمن إلى الماضي. ولكن، في المقابل، فإن حشود المجرات تتجاذب فيما بينها بفعل قوة الجاذبية، وهي القوة نفسها التي تثبتنا على الأرض، وتجعل القمر يدور حولنا. وبسبب قوة الجاذبية، فإن الظن الذي كان عليه العلماء هو أن توسع الكون يتباطأ مثلما تتباطأ سيارتك مع اقترابك من إشارة المرور! في حالة السيارة سبب التباطؤ هو الاحتكاك، وأما في حالة الكون فإن السبب هو قوة الجاذبية كما ذكرت. تغير هذا الاعتقاد في عام 1998م، إذ أعلن فريقان بحثيان -يشارك فيهما باحثون من مختلف أنحاء العالم- عن اكتشاف مهم وهو أن توسع الكون آخذ في التسارع، مثلما تتسارع سيارتك بعد أن تضيء الإشارة الخضراء! فالفكرة هي أن سرعة توسع الكون تزداد مع مرور الزمن، وهذا ما نسميه: التسارع. وفي عام 2011م، فاز قائدا الفريقين البحثيين بجائزة نوبل للفيزياء. منذ ذلك الحين وحتى اليوم ما زال التسارع في توسع الكون هذا لغزا يحير الفيزيائيين. فلا توجد فيما نعرف عن الطبيعة قوة أو طاقة قد تتسبب في ذلك. ويبدو أنه يوجد في الفراغ ما لا نعرفه! طاقة جديدة أو قوة جديدة تعمل ضد عمل الجاذبية، طاقة مظلمة تنتظر أن يفك شفرتها الإنسان ويسلط عليها ضوءا يقشع ظلامها! ولهذا المسعى، تصرف الكثير من الحكومات والجامعات عشرات الملايين من ميزانيتها في أجهزة ومعامل ومراصد وذلك لمحاولة فهم هذا اللغز وحله. وخلال هذه الرحلة، يتدرب الكثير من الباحثين والطلاب والمهندسين والفنيين في أحدث التقنيات والمعارف التي يستطيعون أن ينقلوها وقتما يريدون إلى الكثير من المجالات الأخرى. أخيرا، حسب أقصى علمنا اليوم، فإن الطاقة المظلمة تشكل ما يقرب من 70% من محتوى كوننا المرئي. وهذا اللغز العظيم وإن كان واحدا من ألغاز كثيرة في عالم الفيزياء والعلوم عموما، غير أنه من أكثرها غموضا وعصيا على البشر! فهو يتكرر علينا كل يوم منذ عام 1998م، وما زلنا لا نعرف الإجابة!

مشاركة :