في الوقت الذي يحرص فيه الكثيرون خلال شهر رمضان ان يكون المحصل للعبادة والطاعات والاستباق للخيرات، نجد البعض قد وضع جل اهتمامه في تحضير وإعداد السفرة الرمضانية، وحرصه الشديد على احتوائها على كل الأصناف من الأطباق وما طاب من الأطعمة، غير مبال بصحته، وماقد تخلفه تلك الأطعمة المتكدسة بشكل عشوائي غير منظم، كما أنه بات التفاخر والتباهي بها عبر وسائل التواصل المختلفة من السمات الغالبة عليهم، فباتوا قاب قوسين أو أدنى من التنافس الذي لا وجه له ولا هدفا، بل أصبح الشغل الشاغل للكثيرين، وباتت تلك الصور عبر وسائل التواصل الاجتماعي نوعا من البروتوكول الاجتماعي الذي يسعد به الكثير من الناس. بذخ ومباهاة بالأكل وقالت أمال الشهري –معلمة-: ليس بالضرورة أن هناك مباهاة بالسفرة الرمضانية، عندما أحاول أن يكون رمضان مختلفا لأسرتي في هذه الشهر، وأشارك من أحب بالتصوير، وأرى أن السفرة من الضروري أن تكون مميزة ومختلفة ولها طقوس معينة تختلف عن باقي الأشهر. وتخالفها بالقول نجاة محمد –ربة منزل- بقولها: هناك حكمة عظيمة لشهر الصيام وهي العبادة والإحساس بالفقراء والمساكين، والإسراف في الموائد الرمضانية لا يجوز شرعاً، كذلك العبث في النعمة التي أنعم الله بها علينا والإسراف في إعداد الأصناف المختلفة المبالغ بها، كما يجب مراعاة الصحة العامة للأسرة من خلال اختيار الأصناف الغذائية المهمة التي يحتاجها الجسم. وأوضح حمد اليامي أن إسراف بعض الأسر في إعداد الكثير من الأصناف على الموائد الرمضانية يؤدي الى الكثير من الفائض الذي يذهب الى سلة المهملات، والتي كانت ستكفي لسد حاجة الكثير من الأسر المحتاجة، حيث يظن الكثير أن هذا من الكرم الرمضاني ومن العادات والتقاليد المتبعة والالزامية إلى حد ما. وذكرت أميرة حسن أن شهر رمضان عبادة ومغفرة ورحمة وليس شهر مباهاة في الأطعمة، يجب على ربة المنزل الاقتصاد في الأصناف الرمضانية حسب حاجة الأسرة، مبينةً أنه يرى الكثير من الأشخاص أن تلك الولائم من أهم الواجبات الاجتماعية، لافتةً إلى تطور طرح البذخ والمباهاة عن طريق التصوير في وسائل التواصل الاجتماعي من خلال عرض صور الأطباق والمشروبات قبل موعد الإفطار في موائد مزينة بالأواني الفاخرة التي تميل نحو البذخ والرفاهية. استهلاك الأغذية وتحدثت مي الحسن -أخصائية التغذية العلاجية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية- قائلةً: هذا الشهر من أهم المناسبات الدينية التي ترتبط بالغذاء والتغذية، ففيه يمتنع المسلمون عن تناول الطعام والشراب لمدة تتراوح (16) ساعة في اليوم، مما يسمح لأجهزة الجسم خاصةً الجهاز الهضمي براحة إجبارية من عناء العمل طوال عام كامل، ويقلل من الشعور بالتهيج والاستثارة والانفعال غير الضروري، مبينةً أن الاحتياجات الغذائية للإنسان في شهر رمضان لا تختلف عنها في الشهور الأخرى، بل قد تقل نظراً لكثرة النوم وانعدام النشاط البدني والحركي، لكن الواقع خلاف ذلك، فمن الواضح أن استهلاك المواد الغذائية يرتفع بمعدل كبير أثناء شهر رمضان، حيث يرتفع الاستهلاك بنسبة تتراوح بين (20- 40%) عن الاستهلاك العادي، وقد يرتفع استهلاك الأغذية في الفترة الزمنية المحدودة بين الإفطار والسحور، مما يعطي إحساساً بالتخمة، وقد يؤدي تراكم المواد الغذائية وتوالي تناولها إلى الإصابة بعسر الهضم والحموضة. متابعة الطبيب وذكرت مي الحسن أنه من المهم التركيز على الأكل المحتوي على نسبة عالية من البوتاسيوم كالموز، وإذا كان الصائم من ضمن عاداته استخدام المشروبات المحتوية على كافيين كالشاي والقهوة فعليه شربهما قبل السحور ليضمن عدم شعوره بالصداع أو قلة التركيز خلال اليوم، مضيفةً أنه لا يوجد أمراض يتعرض لها الصائم إذا أكثر من بعض أنواع الأطعمة، لكن يجب على المرضى المصابين بأمراض مزمنة كمرض السكري والضغط وأمراض القلب والكلى متابعة الطبيب وأخصائي التغذية لعمل نظام علاجي وغذائي يساعد المريض على الصيام خلال الشهر الكريم دون تعب أو مضاعفات، وأخذ تلك التعليمات بعين الاعتبار وعدم تجاهلها من قبل المريض والبيئة المحيطة به كالعائلة، فتوعية أسرة المريض لها دور كبير في تحفيز المريض لاتباع نظام غذائي صحي ومناسب لحالته المرضية. نكهات مبتعث وقال عبدالرحمن الخلف -مؤسس برنامج نكهات مبتعث-: إن الثقافة والوعي مهمان لكل فرد من الناحية الصحية، ففي مشروعه الشبابي الذي أطلق عليه مسمى نكهات مبتعث مع مجموعة من سفراء في بريطانيا حمل مبادرة تحت وسم# رمضان_صحي لنشر ثقافة الطعام الصحي وصناعه الأطباق وتحضير الوجبات المفيدة التي تمد الجسم بالمفيد والابتعاد عن الحشو الذي يسبب الكثير من الأمراض والأزمات الصحية، شارك في تلك الحملة الأخصائية رند بدوي والنادي الصحي في عنيزة ممثلة بالأستاذة أفنان طيفور ود. شيهانة المتروك، ونجلاء قاسم، وندى الجهني وهذه المبادرة ليست الأولى فقد سبق تنظيم حملات سابقة، مبيناً أن حساب نكهات مبتعث يعرف عن نفسه بأنه يحمل لواء الطعام الصحي وتحفيز الأفراد والمبتعثين منهم على الاهتمام بنوعية الوجبات اليومية وممارسة العادات الغذائية الصحيحة سواء في شهر رمضان أو غيره. تواصل اجتماعي وأوضحت مباركة الزبيدي -باحثة وأخصائية في علم الاجتماع ومدربة التنمية البشرية-: منذ أن عرفت مواقع التواصل الاجتماعي إلاّ ووجدت ترحيباً من أفراد المجتمع بكافة شرائحهم من الاستخدام الرسمي والتسويق والتجارة ونحوها إلى عرض ما يحدث في الحياة اليومية من رحلات ومناسبات ومشتريات، مما جعل لهذا الأمر تنافسا إمّا سلبيا أو إيجابيا بين أفراد المجتمع في عرض الجديد لديهم خاصة النساء والفتيات، وعلى وجه الخصوص في رمضان بعرض ما لديهنَّ من أطباق وما قمن بإعداده من مأكولات ومشروبات على مائدتي الإفطار والسحور، مضيفةً أن هذا التنافس مهم من ناحية تشجيع الفتيات على الطبخ والتنسيق وتعلم فنون الحياة الأسرية بطرق محفزة وغير رسمية وغير مباشرة عندما تحرص كل واحدة منهن على تصوير ما قامت بإعداده وتحضيره لتشارك المضافين في هذه المواقع ما يقومون بعرضه وتنال إعجابهم، وقد تكرر ذلك مراراً، إلاّ أن لهذا الأمر سلبيات من الناحية الاجتماعية والنفسية لدى مجموعة أخرى من المشاركين في هذه المواقع ممن ظروفهم أو ظروفهن بالمنافسة بعرض أصناف قد تم طهيها وعرضها على سفرة إفطار فخمة أو تناول إفطار أو سحور في المطعم الفلاني، وحتى في الواقع يتحاشون التواصل مع أقرانهم أو من يرغبون التواصل معهم خوفاً من أن ينظروا إليهم بنظرة دونية بسبب الفروق المادية فيما بينهم، مع العلم أنه ربما هناك ممن يعرضون الصور على الانستقرام أو المقاطع على السناب شات يعيشون أوضاعا مادية متواضعة أو بسيطة، لكنّ شعورا بالرغبة القوية في تجاوز هذا الأمر ومسايرة غيرهم دفعهم لذلك، مشيرةً إلى أن أفضل الحلول توعية المجتمع لأفراده من خلال إقامة دورات وحملات ترشدهم لكيفية الاستغلال لمواقع التواصل الاجتماعي الاستغلال السليم، وأنها منصات للعرض والاستفادة وليست منصات استعراضية للبذخ المبالغ به. تصوير موائد البذخ والإسراف ظاهرة مزعجة
مشاركة :