يقتل القتيل ويمشي في جنازته

  • 6/30/2016
  • 00:00
  • 74
  • 0
  • 0
news-picture

ثبت عقلياً ويقينياً لديّ بعد عدة تجارب وقراءات في الحراك الإسلامي وخاصةً في ظل الظروف الأمنية والسياسية الراهنة؛ أن شجب واستنكار بعض الدعاة والحركيين الإسلاميين للعمليات الإرهابية التي تتعرض لها البلاد يأتي بالتزامن مع وقوع الحدث فقط والاكتفاء بذلك، وهذا لا يعدّ أسلوب مواجهة ولا أداةً لمحاربة التطرف والإرهاب كما يدّعون محاربته، فردات الفعل هذه لا تعدو كونها تهرباً من المسؤولية وتنصّلاً من سموم الأفكار التي استطاعوا بثّها وتمريرها عبر خطاباتهم المتطرفة المتخمة بأفكار العنف والقتل وسحق الجماجم وجزّ الرقاب، ومعتقدات كانوا يتبنونها ثم تجردوا منها وتراجعوا عنها -على حدّ زعمهم-، سواءً كان ذلك التراجع شكلياً أو ضمنياً أو كان "نقل قدم" فالعلم عند الله وحده! ولكن يتملكني ذهول واستغراب هل هم يرون أننا بهذا القدر الذي يتوقعونه من السذاجة كي نصدّق تجييرهم لمسؤولية صناعة داعش والجماعات المتطرفة إلى جهات دولية معادية! وتمييع الأسباب والدوافع الحقيقية المؤدية لجرائم هذه الجماعات الإرهابية؟ نحن نقرّ جميعاً وندرك تماماً ما يحاك من مؤامرات ضد بلادنا من الدول المعادية، ولكن أيضاً في المقابل لا ننكر الخطب النارية والحماسية المتصدّعة التي تغنّوا فيها بعودة الخلافة المزعومة وكيف كانوا يترقبونها، ولا ننسى موضة النفير إلى المجهول التي روجوا بأنها أقصر الطرق إلى الجنة وإلى الحور العين، كل ضلالات هذه الجماعات وجرائمها وأوزارها موزّعة على عواتقهم، زجوا بشبابنا من بسطاء العقول إلى مواطن الفتنة والضياع حتى اتسعت رقعة هذه التنظيمات وتوسعت عملياتها ظناً منهم أنهم سينتصرون للدين، وهم أساؤوا إليه وإلى أهله وحققوا مآرب الأعداء في حماقة لن ينساها التاريخ، وبعد ذلك تأتي استنكاراتهم وإداناتهم تتوالى تباعاً بعد وقوع الفواجع! وعلى النقيض يسيطر عليهم صمت مطبق حين يكون هناك عمل إرهابي في مكان آخر! أو كان الضحايا من غير مذهبهم بالرغم من أن الاعتداء يعد انتهاكا لحرمة الوطن ذاته! يحق للمتابع أن يستقبح استنكارهم ويمقت أفعالهم ويزدري تقلباتهم، ويتساءل أين هو تراجعهم المزعوم؟ كيف تم هذا التراجع وفكرهم وتحريضهم وفتاواهم المعلّبة لا يزال أثرها حيّاً ومشتعلاً ينتشر في مجتمعاتنا؟ وفي كل حادثة أو اعتداء إرهابي تأتي الجريمة في صورة أبشع من سابقتها، مما يجعلني أكاد أجزم أن تراجع معظمهم لم يكن إلا تراجعا شكلياً، تراجع الخائف الوجل من سلطة القانون فقط وليس تراجعاً حقيقياً يستخدم فيه مكامن القوة المؤثرة نفسها التي استخدمها في التحريض والتنفير ليوظفها في التوعية والتحذير، ويبدي ندمه علانية على أفكاره المتطرفة السابقة ويسخر جهوده ويكثفها في محاربتها، بدلاً من محاربة المختلفين معه عرقياً أو فكرياً أو مذهبياً..!

مشاركة :