تناولت الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية الغربية خبر قرار اندماج شركتي مبادلة للتنمية والاستثمارات البترولية الدولية إيبيك، وخططهما لتشكيل صندوق استثماري مشترك، وأفردت العديد من الصفحات متحدثةً عن أهميته وآثاره المستقبلية على اقتصاد الإمارة، وأجمعت على أن مثل هذا القرار الجريء يأتي ضمن خطة الإمارة في سبيل تعزيز التنمية المستدامة وتنويع الاقتصاد لمواجهة عصر ما بعد النفط من خلال تشكيل كيانات مالية ومؤسسات استثمارية ضخمة تنافس إقليمياً وعالمياً وتعود بالنفع على الاقتصاد المحلي، حيث أكدت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية أن قرار صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدمج شركتي الاستثمارات البترولية الدولية إيبيك ومبادلة للتنمية سيكون له العديد من الآثار الإيجابية على اقتصاد الإمارة خلال السنوات القليلة القادمة، لا سيما أن كلا الشركتين تتمتعان بوضع اقتصادي جيد ومحافظ استثمارية قوية. قالت وكالة بلومبيرغ إن إمارة أبوظبي أعلنت عن خططها لدمج أكبر صندوقين سياديين لديها، في الوقت الذي تواصل فيه استراتيجيات الإندماج بعد تراجع أسعار النفط. وأوضحت أن الإندماج بين شركة الاستثمارات البترولية الدولية آيبيك وشركة مبادلة للتنمية سيشكل كياناً استثمارياً بأصول تبلغ قيمتها نحو 135 مليار دولار، وديون بقيمة 42 مليار دولار، وفقاً لحسابات بلومبيرغ. وكان تراجع أسعار النفط العالمية وتباطؤ الاقتصاد دافعاً لحكومة أبوظبي لإعداد الخطط والاستراتيجيات التي من شأنها المساهمة في خفض التكاليف، لذا لجأت إلى سياسة دمج المؤسسات المالية والاستثمارية التي تعمل في عدة قطاعات مثل الخدمات المالية والطاقة والصحة. حيث يعد الإندماج الثاني من نوعه بعد الإعلان في الآونة الأخيرة عن محادثات لاندماج محتمل بين بنك الخليج الأول وبنك أبوظبي الوطني. وقال فيليب دوبا بانتاناتشي، الخبير الاقتصادي والمحلل السياسي في بنك ستاندرد تشارترد في لندن، إن الصفقة تلائم عملية ترشيد تكاليف الكيانات المملوكة للحكومة وتبسيط المبادرات الاستراتيجية، مضيفاً أن أبوظبي تراجع استراتيجياتها السابقة المتعلقة بالكيانات والمؤسسات المنفصلة التي تمثل قطاعات مختلفة. ولدى مبادلة مجموعة متنوعة من الأصول ذات الجودة العالية في داخل الإمارات وخارجها. وتعتبر أكبر مستثمر في شركة أدفانسد مايكرو لأشباه الموصلات الأمريكية، بحصة تبلغ نسبتها 18%، في حين تمتلك حصة بنسبة 30% في شركة الدار العقارية، أكبر شركة تطوير عقارية في أبوظبي، بالإضافة أنها تستحوذ على حصة بنسبة 7.1% في بنك الخليج الأول. من جهة أخرى تتركز استثمارات شركة الاستثمارات البترولية الدولية آيبيك في شركات الطاقة والبتروكيماويات، بما في ذلك شركات سيبسا الاسبانية وبورياليس التي تتخذ من فيينا مقراً لها. وتخطط أبوظبي التي تستأثر بنحو 6% من احتياطيات النفط العالمية المؤكدة، لخفض الإنفاق بنسبة 17% هذا العام. وتأتي خطة الاندماج بين الصندوقين بعد خطط سابقة لبيع أصول متعثرة، حيث قالت مصادر مطلعة في شهر فبراير/شباط الماضي إن مبادلة تفكر في بيع شركة أس آر تكنيكس السويسرية لصيانة الطائرات، وتخطط لطرح أسهم شركة الياه سات للأقمار الاصطناعية في الاكتتاب العام، كما كانت تسعى إلى بيع حصتها في شركة غلوبال فاوندريز الأمريكية لصناعة الرقائق الالكترونية. ويمثل قطاع الطاقة نقطة التقاء بين مبادلة وآيبيك، حيث عملتا معاً لبناء أول حقل بري للغاز الطبيعي المسال في الإمارات. وتمتلك آيبيك حصة بنسبة 21% في شركة كوزومو أويل اليابانية، بالإضافة إلى أن لديها حصة في لشركة مصفاة النفط الباكستانية العربية. وتتركز الأعمال النفطية لشركة مبادلة في تايلاند، في حين أن لديها مشاريع للطاقة الشمسية والرياح في كل من أبوظبي والمملكة المتحدة. وقال رضا آغا، كبير الاقتصاديين في شركة تي بي كابيتال: من المنطقي جداً توحيد الكيانات المرتبطة بالحكومة وصناديق الثروة السيادية، وكثير من هذه المؤسسات لديها أهداف مشتركة. كما أن ذلك يفتح الباب أمام توحيد العديد من الكيانات المملوكة للحكومة. وقالت بلومبيرغ إنه وبالنظر إلى العوائد والأرباح السنوية التي تحققها كل من الشركتين فإن اندماجهما معاً يتيح إمكانية تأسيس صندوق استثماري ضخم يمكنه أن ينافس وبقوة على المستويين الإقليمي والدولي، حيث إن خطة أبو ظبي في تأسيس مثل هذه الاندماجات في ظل الظروف الراهنة التي تشهدها الساحة الاقتصادية العالمية من شأنه أنه يساعد على تخفيض التكاليف وتعزيز العوائد المالية في المستقبل، مضيفة أن معظم المحللين وخبراء الاقتصاد يرون أن هذا القرار جريء وحكيم لا سيما وأن الشركتين تمتلكان أصولاً متشابهة في بعض القطاعات. ونقلت الوكالة عن ريحان أكبر، الخبير المالي في وكالة موديز أن الجميع يمكنه أن يلاحظ التكامل الاستثماري بين الشركتين، حيث إن مبادلة و شركة الاستثمارات البترولية الدولية لديهما أصول وحصص في قطاعات مشتركة كالطاقة والنفط والغاز. وذكرت الوكالة أن الشركتين تتمتعان بأرباح عوائد مالية قوية حيث بلغت قيمة أصولهما في الربع الأول من العام 2015 أكثر من 68 مليار دولار، مع ديون بقيمة 30 مليار، أما العوائد فقد بلغت 18 مليار دولار، ونقلت عن روبن ميلز، الرئيس التنفيذي لشركة قمر للطاقة قوله إن الاندماج بين الشركتين سيشكل قاعدة قوية بأصول كبيرة وبانتشار واسع إقليمياً ودولياً. وقال إدوارد بيل، محلل في قسم السلع الاستراتيجية في بنك الإمارات دبي الوطني إن مثل هذا الاندماج يشير إلى استراتيجية أبوظبي إلى تأسيس صندوق استثماري ضخم يركز بشكل أساسي على قطاع الطاقة مع التركيز على كافة جوانب هذا القطاع. من جانبها عنونت وول ستريت جورنال إحدى مقالاتها أبوظبي تعلن اندماج صندوقين استثماريين في إشارة إلى قرار اندماج الشركتين، وقالت إن قرار صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان القوي بدمج شركتي آيبيك ومبادلة ستظهر آثاره الإيجابية خلال الأعوام القليلة القادمة وهو جزء من خطة أبو ظبي الرامية إلى تنويع الاقتصاد والابتعاد عن النفط كمورد رئيسي للدخل، مشيرة إلى أن هذا القرار جاء بعد أسابيع قليلة من إعلان الإمارة خطط اندماج لتشكيل أكبر كيان مالي في الشرق الأوسط، مضيفةً أن مبادلة وآيبيك تصنفان ضمن أكبر 25 صندوقاً استثمارياً في العالم بأصول تبلغ حوالي 66 مليار دولار لكل منهما، وذلك بحسب معهد صناديق الثروة السيادية العالمي. ومن جهتها أكدت فايننشال تايمز أن خلق مؤسسة مالية بهذا الحجم وبأصول تتجاوز 135 مليار دولار سيعزز بالتأكيد مجالات عمل هذا الكيان الجديد خاصة وأن كليهما يمتلكان حصصاً في العديد من الشركات المحلية والدولية، حيث تعد شركة مبادلة من أنشط الشركات حول العالم وأكثرها ربحاً وتمتلك حصصاً في شركات عديدة حول العالم. ومن جانبها تمكنت آيبيك من الاستحواذ على حصص شركات عالمية للطاقة أهمها في إسبانيا واليابان، الأمر الذي سيسهم في نهاية المطاف في تنويع أنشطة الكيان المرتقب وزيادة موارد وأرباحه. وأشارت ديلي ميل إلى أن اندماج الشركتين سيعزز بكل تأكيد المزايا الاستثمارية والعوائد الاقتصادية لإمارة أبوظبي. كما سيؤدي الاندماج إلى خلق كيان قادر على تحقيق أعلى درجات التكامل والنمو في قطاعات متعددة ومنها الطاقة والتكنولوجيا وصناعة الفضاء والصحة، إضافة إلى الصناعات والقطاع العقاري والاستثمارات المالية الأمر الذي من شأنه تعزيز قدرة الكيان الجديد على المساهمة في دعم جهود الإمارة في تنويع اقتصادها بما ينسجم مع خطة أبوظبي وتوفير بيئة متطورة لتنمية الكفاءات البشرية، إلى جانب فرص عمل جديدة في القطاعات الحيوية. أما مجلة ميد فقد أشادت بقرار دمج شركتي مبادلة وشركة الاستثمارات البترولية الدولية آيبيك واعتبرته خطوة جادة وقوية على طريق تعميق تجربة التنويع الاقتصادي. واستعرضت المجلة فقرات من قرار الدمج والحيثيات والمحفزات الكامنة وراءه مشيرة إلى تنوع محافظ الشركتين حيث تنشط آيبيك في مجال الصناعات النفطية والاستثمارات العالمية وتبلغ قيمة محفظتها 14 مليار دولار، في حين تتعدد أوجه نشاط مبادلة أكثر لتشمل التعدين وتقنية المعلومات والبنى الأساسية والمرافق والعقارات وتبلغ قيمة محافظ استثماراتها 67 مليار دولار. ونوهت المجلة بالمزايا التي تنطوي على صفقة الاندماج، وفي مقدمتها خلق كيان اقتصادي ضخم يحقق عوائد وقيمة أعلى مع خفض النفقات والتحري عن الفرص التي تضمن عوائد أفضل في مختلف القطاعات.(بلومبيرغ)
مشاركة :