«حارة الشيخ» ما بين انطلاقة فنية حقيقية وتشويه الهوية الحجازية

  • 7/2/2016
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

أثار مسلسل «حارة الشيخ» منذ عرض حلقاته الأولى جدلا كبيرا بين معجبين به ويرون فيه قيمة فنية وبداية حقيقية لدراما محلية، قد تحرض على وجود صناعة فنية سعودية، وآخرين اعتبروه تشويها للهوية الحجازية، مؤكدين على احتوائه مغالطات كثيرة من الناحية التاريخية أدت إلى ضعف الحبكة والمصداقية بالاضافة الى استهلاك الفكرة. «الجسر الثقافي» رصد انطباع عدد من الفنانين والنقاد حول المسلسل الذي يشارك فيه نخبة كبيرة من الفنانين المعروفين على الساحة المحلية والخليجية. ضعف الحبكة في البداية، اعتبر الناقد السينمائي خالد ربيع مسلسل «حارة الشيخ» تقليدا للأعمال المصرية مع عدم المصداقية، قائلا «هناك مغالطات من الناحية التاريخية أدت إلى ضعف الحبكة والمصداقية الفنية فيه، رغم ترديد المؤلف بأنه لا يقدم تأريخا بل فانتازيا مبنية على واقع، أدت للكشف عن اعتراض المشاهد السعودي الذي لم يتعود على الدراما الشعبية، ولعل حسنة المسلسل أنه أحدث صدمة عند المتلقي، ربما ستقود لأن يعيد الجمهور ترتيب وجدانه المعرفي في تلقي الفن». وأضاف ربيع «العمل من الناحية الفنية تعتريه نقاط ضعف واضحة، فعامل المحاكاة للمعالجة الدرامية المتبعة في كل من حارة الباب وأفلام الفتوات المصرية ظاهر وطاغ، وكان من الأجدر بالمخرج أن يبني معالجته بطريقة أصيلة وغير مقلدة للمدرسة المصرية على وجه التحديد، فيما الحوار جاء بلهجة غريبة في بعض ألفاظها وهذا يدخل ضمن المصداقية الفنية، كما أن الموسيقى التصويرية المصاحبة، رغم عذوبتها أحيانا، إلا أنها لا تنقطع طوال الحلقة، فلا تترك للمشاهد برهة من الراحة السمعية لتجعله يتماهى أكثر مع الاحداث، لذلك الموسيقى هنا ليست تصويرية لان الهدف منها خلق إثارة تشد المشاهد، إلى جانب ذلك ظهرت تكوينات الكوادر وحركة الكاميرا وانتقال المشاهد وإيقاعها بذات الطريقة المصرية، التي لا أعيبها ولكنها خاصة بالمصريين ونتقبلها منهم». وتابع ربيع: «الملابس لا تتوافق مع الظروف المادية للفترة التاريخية، فهي تبدو زاهية وفاخرة، وجميع الممثلين ظهروا مهندمين وأنيقين، وهذا يقتص من مصداقية العمل أيضا، فالصور الفتوغرافية الموثقة عن جدة قبل 100 عام فقط، تبرز الملابس بغير ما ظهرت في المسلسل، فما بالنا بفترة أقدم، والحال ينطبق على الأثاثات والمفروشات المنزلية والفضاء الداخلي للبيوت». وعن أداء الممثلين ذكر ربيع أنه لا يعترض على ادائهم لكون اغلب الممثلين متمكنين، ولكن أسلوب التمثيل ولغة الأجساد وطريقة التحاور تتبع الطريقة المصرية، مؤكدا على أن أغنية التتر في المقدمة والمؤخرة لا تخلق ودا مع أذن المستمع، وتنشز في بعض جملها الموسيقية، ما سيجعل المشاهد لا يتذكرها أو يحن لسماعها بعد انتهاء المسلسل. عمل ملحمي فيما أكد الفنان عبدالمحسن النمر المشارك في العمل أن المسلسل خال من أي إساءة او تشويه للهوية الحجازية قائلا:«بداية سعيد أن أكون جزءا من هذه التجربة والتى أعتقد انها خطوة مهمة كثيرا بالنسبة للدراما السعودية على مستوى (التمثيل)، و(الميزانية)، و(الكوادر الفنية) التي عملت في مسلسل حارة الشيخ الذي يعتبر عملا ملحميا، بعد أن تعود المشاهد على الأعمال الأحادية ذات الخط الدرامي البسيطة السهلة، فيما يتميز الجو في هذا العمل بالملحمية الذي يتكون عادة من خطوط عديدة تحتاج إلى تركيز شديد من قبل المشاهد ليتمكن من فهمه والاستمتاع به». وحول من يرى بأن العمل يحتوي على تحريف وإهانة لماضي منطقة معينة، قال النمر«المسلسل خال من تشويه الهوية الحجازية، فهو يصنف كعمل «درامي» وليس تجسيدا ولا فيلما وثائقيا، حتى وإن كان مستوحى من حقبة زمنية قديمة، لذلك فمن الضروري أن يتم التفريق بين الفيلم الوثائقي والعمل الدرامي حتى لا يكون هناك أي لبس». درويش والفارق العمري من جانبه، رأى الناقد الدرامي محمد السحيمي أن العمل ضعيف دراميا ولا يمثل المجتمع الحجازي، وقال:«لم يتوفر في العمل عناصر التميز والنجاح سواء كانت تمثيلاً أو إخراجاً أو تأليفاً أو ديكوراً أو تصويراً، وهو ما جعله يظهر بشكل ساذج، فالاحداث لا تملك أي حافز في مفاجأة المشاهد، بالاضافة الى استهلاك الفكرة، وضعف الأداء، وصولا لبطء أحداث المسلسل واختيار الشخصيات التي لم يوفق المخرج في اختيارها بشكل صحيح، فشخصية درويش«مشكل الحارة»من الناحية العمرية لا تليق بالفنان محمد بخش، وهذا كان واضحا في تلك المنازلة بين«العم غيثو» و«درويش» والتي ظهر فيها ضعف بخش نظرا لعامل السن وعدم امتلاكه القدرة الكافية على تقديم المشهد كما يجب». واضاف السحيمي: «المسلسل ورغم الرفض الكاسح له تاريخيا وثقافيا الا ان مؤشرات النجاح التجاري القائمة على مجرد الإثارة وحديث المجالس تغري أي منتج بتحويله الى ناطحة سحاب». صناعة فنية واستغرب الكاتب فاضل العماني من الحملة الكبيرة ضد المسلسل والتي ظهرت من الحلقات الاولى سواء من المتخصصين او المشاهدين، رغم ان العمل يعد تجربة درامية سعودية جديدة تستحق الوقوف عليها. وقال العماني «حارة الشيخ مسلسل يمكن الاختلاف حول قيمته الفنية، وهذا امر طبيعي في عالم الدراما والفن، ولكن الامر الذي لا بد من الاجماع حوله، أنه بداية حقيقية لدراما محلية، قد تُحرض على وجود صناعة فنية سعودية لها أذرعها المتعددة كالمعاهد الفنية والاستديوهات والمؤسسات المنتجة». وأشاد العماني بنجاح المسلسل في جذب المشاهدين السعوديين، وهذا هو الأهم، أما باقي التفاصيل، فإنها ستأتي لاحقاً، خاصة في ظل وجود إرادة ملهمة وقدرة واعية وقناعة حقيقية من قبل صناع هذا القطاع الحيوي المهم -أي الفن والتمثيل-.

مشاركة :