مكة المكرمة، المدينة المنورة الشرق دعا إماما وخطيبا المسجد الحرام والنبوي في خطبتي صلاة الجمعة، أمس، المسلمين إلى اغتنام ما تبقى من أيام شهر رمضان وجعلها مطايا إلى رضوان الله، والإكثار من الصلاة والدعاء ليزدادوا قربا من الله، وان نجعل في دعائنا حظا لمن يدافعون عن الثغور وإخواننا المنكوبين خاصة إخواننا في سوريا وفلسطين وكل جرح للمسلمين. كما حذرا من الظلم الأعظم وهو بخس الناس حقوقهم وانتقاص كرامتهم بفعل أو قول والظلم في الحق المعنوي أعظم من الظلم في الدرهم والدينار. وقال إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن محمد آل طالب: إن شهر رمضان قد فرطت أيامه وانقضت ساعاته ولم يبق منها إلا أيام الوداع ثلاث ليال أو أربع كقطرات ماء يتصابها صاحبها، إلا أن ما بقي من الشهر هو خيره وأرجاه، ففيه أرجى الليالي هي ليلة القدر، وفيه ليالي العتق من النار، ولآخر ليالي رمضان هيبة لا تضارع فالاعتماد كل الاعتماد إنما هو على رحمة الله وحده». وأضاف:»ولأنه شهر مبارك في ساعاته وأيامه ولأن بركة الله لا منتهى لها ولا حد فتزودوا من ساعاته ما لم تزل فإنكم لا تعلمون أي ساعة تحل عليكم فيها سعادة الأبد ولا اللحظة التي تطويكم فيها رحمات الله ويتفضل عليكم بالقبول، فاجعلوا ما بقي من ساعات الشهر ولياليه مطايا إلى رضوان الله واستحثوها في المسرى لتبلغ موعود الله. واستطرد قائلا: إن ليلة القدر هي أفضل الليالي، ليلة العتق والمباهاة، ليلة القرب والمناجاة، ليلة الرحمة والغفران، ليلة هي أم الليالي، كثيرة البركات عزيزة الساعات، القليل من العمل فيها كثير، والكثير منها مضاعف، ومن رحمة الله بعباده أن أخفى عليهم علم ليلة القدر ليكثر عملهم في الليالي العشر بالصلاة والذكر والدعاء فيزداد قربا من الله وثوابا وأخفاها اختبارا لهم، ليتبين بذلك من كان جادا في طلبها حريص عليها ممن كان كسلان متهاونا فإن من حرص على شيء جد في طلبه وهان عليه التعب في سبيل الوصول إليه وفي الظفر به، فعليكم بالعمل وكل ليلة حرية بليلة القدر أرجاها ليالي الوتر وأرجاهن ليلة السبع وعشرين وفي كل ليلة عتقاء من النار». وبين آل طالب أن القيام مع المؤمنين نعمة عظيمة في هذه الليالي، تحيَي العزيمة وتذكي الهمة، قرآن يتلى وركوع وسجود ودعاء ورب كريم، وطول القيام يحتاج مجاهدة وصبر. ومن تأمل عدد الساعات التي فرطت منه طول العام لم ير قيام هذه السويعات طويلا تذكر بطول قيامك طول القيام بين يدي الله يوم العرض فخفف ذاك بإطالة هذا، أما طول السجود فأخرج لله حاجاتك ورغباتك ورهباتك فإنه قريب مجيب. وذكر أن للعبد بين يدي الله موقفين. موقف بين يديه بالصلاة وموقف بين يديه يوم لقائه، فمن قام بحق الموقف الأول هون عليه الموقف الآخر فأحسنوا الختام ختم الله لنا ولكم بالحسنى، وألحوا على الله بالدعاء فإنه يحب الملحين، تضرعوا لله وارجوه وتملقوا بين يديه سبحانه واستغفروه، اطلبوا خيري الدنيا والآخرة لأنفسكم ولأهليكم ولقرابتكم ولبلادكم ولمن ولاه الله أمركم ولمن يدافعون عنكم على ثغور بلادكم وللمسلمين واجعلوا حظا من دعائكم لإخوانكم المنكوبين، خصوا إخوانكم في سوريا وفلسطين وكل جرح للمسلمين ينزف. ودعا إلى الاهتمام بزكاة الفطر، فقال إن الله شرع لكم زكاة الفطر في ختام شهركم وهي واجبة بالإجماع على القادر عن نفسه وعمن يعول، والعيد للغني والفقير والواجد والمعدم وحتى يكون عيدا فلابد أن يفرح الجميع، فوقتها من قبل العيد بيوم أو يومين فاحرصوا على أن تخرجوها على مستحقها. كما دعا الناس أن يؤدوا صلاة العيد مع المسلمين وأن يصحبوا إليها أولادهم ونساءهم فهي شعيرة من شعائر المسلمين ويسن التكبير ليلة العيد وصبيحة العيد حتى يدخل الخطيب ويجهر بالتكبير في الأسواق والطرقات. وفي المدينة المنورة، بين إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ علي بن عبدالرحمن الحذيفي، أن القرآن الكريم هو أعظم معجزة لمحمد صلى الله عليه وسلم، وما سمعه أحد يعلم معانيه إلا آمن بصدق يقين ومحبة، وما كفر أحد به إلا عناداً واستكباراً وإعراضاً، وإن هذا القرآن له سلطان وتأثير على النفوس في رمضان وفي غير رمضان وهو في رمضان أشد وأقوى في التأثير، لأن النفس تصفو بالصوم والعبادات فتقبل على القرآن وتتنعم به وتضعف نوازع الشر في البدن بضعف مادة الشرور ومجانبة المحرمات. وأشار إلى أن القرآن الكريم ما نزل إلا رحمة بالعباد، وإن من تتبع الآيات والأحاديث تبين له أن السعادة كلها ترجع إلى تلاوة القرآن العظيم والعمل به قال الله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ) وبين الحذيفي أن من عمل بالقرآن فهو من أهل القرآن ولو لم يكن حافظاً ومن لم يعمل بالقرآن فليس من أهل القرآن ولو كان حافظاً، وأن القرآن نزل لغايتين عظيمتين ومهمتين كبيرتين أولاهما حفظ الإنسان من ظلم نفسه فأعدى الأعداء للإنسان نفسه قال الله تعالى (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ) فظلم الإنسان لنفسه بالتوجه بالعبادات التي هي حق لله إلى التقرب بها بدعائه أو رجائه أو طلب نزول الخيرات من المخلوق قال الله تعالى (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) وظلم الإنسان لنفسه باتباعه لملذاته المحرمة وتضييع الفرائض، قال الله تعالى (فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا). وذكر أن الغاية الثانية للقرآن الحكيم حفظ الإنسان من ظلم أخيه الإنسان في دمه أو ماله أو عرضه بل حرم القرآن ظلم الحيوان، فالظلم شر كله وما هلك فرد أو أمة إلا بالظلم والبغي قال الله جل في علاه (وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا). وأوضح أن من أعظم الظلم بخس الناس حقوقهم وانتقاص كرامتهم بفعل أو قول، والظلم في الحق المعنوي أعظم من الظلم في الدرهم والدينار، مبيناً فضيلته عظم رحمة الله في حماية الإنسان بالقرآن المنزل في رمضان من جميع أنواع الظلم والعدوان والبغي المعنوي، قال الله تعالى (وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ).
مشاركة :