مظلّة أمنية لعطلة الفطر في لبنان ودينامية سياسية تطلّ بعده - خارجيات

  • 7/2/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

دخل لبنان مدار عيد الفطر وسط عملية تدارُك متكاملة للمناخ البالغ السلبية الذي ساد البلاد في أعقاب تفجيرات بلدة القاع الانتحارية الاثنين الماضي، وسط سيل الشائعات عن «بنك أهداف» للمجموعات الارهابية يشمل مجمعات تجارية ومرافق سياحية وتجمعات سكنية، والإرباك الرسمي الذي عبّرت عنه «فوضى» التسريبات بلسان مصادر عسكرية وأمنية معطوفة على كشْف الجيش عن إحباط عمليتين على درجة عالية من الخطورة، كان «داعش» خطّط لتنفيذهما «ويقضيان باستهداف مرفق سياحي كبير ومنطقة مكتظة بالسكان». وسعت قيادة الجيش اللبناني الى احتواء جوّ الهلع بالدعوة الى عدم الأخذ بالشائعات ونفي «ما يتردّد عن معلوماتٍ منسوبة إلى مراجع أمنية او عسكرية عن أحداث حصلت أو ستحصل»، في الوقت الذي تم اتخاذ تدابير أمنية على الأرض من ضمن خطة شاملة بدأ تنفيذها في سياق «سكب مياه باردة» على المخاوف التي «قبضت» على المشهد الداخلي. وشملت الإجراءات تسيير دوريات راجلة ومؤللة في مختلف الشوارع التجارية في بيروت والمدن الرئيسية بالتوازي مع عمليات دهم ورصْد لصيقة لحركة النازحين السوريين ومخيماتهم ومناطق تجمُّعهم، الأمر الذي ترك انطباعات مريحة بين المواطنين الذين انصرفوا الى إحياء «أول غيث» المهرجانات السياحية التي انطلقت ليل الجمعة صاخبةً ومتحدّية كل المخاطر الأمنية. وسيكون الواقع الأمني محور المحادثات التي ستجريها الممثلة الشخصية للأمين العام للامم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ في واشنطن ونيويورك الاسبوع المقبل، مع مسوؤلين في الإدارة الأميركية وفي مجلس الأمن، بعدما كانت وصفت المرحلة الحالية بأنها «صعبة جدا للبنان»، معتبرة ان «المسار السياسي هو بالتأكيد الذي في استطاعته تأمين وثبة جديدة وقوة دفع ومستوى من الأمن والاستقرار للمواطنين»، ومشددة على وجوب «تأمين انتخاب رئيس للجمهورية الذي نأمل في أن يتم عبر تسوية مناسبة بين كل الأفرقاء حتى يمكننا التطلع الى لبنان بطريقة مختلفة». وجاء كلام كاغ فيما المأزق السياسي في لبنان عالق بين «مطرقة» الواقع الأمني الذي دخل مرحلة جديدة من بوابة تفجيرات القاع، سواء من حيث نوعية العمليات و«استهلاك» 8 انتحاريين في يوم واحد، او من حيث جغرافيته في البيئة المسيحية، بين «سندان» آفاق الحلول لأزمة الفراغ في رئاسة الجمهورية والتي تحكمها خريطة الطريق التي رسمها رئيس البرلمان نبيه بري والقائمة على مفهوم السلّة المتكاملة للحلّ التي تشمل الرئاسة الأولى وقانون الانتخاب والحكومة الجديدة رئيساً وتوازانات وبياناً وزارياً الى بنود إصلاحية في اتفاق الطائف. وعلى مشارف زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت لبيروت في 12 يوليو الجاري حاملاً معه حصيلة اللقاءات التي شهدتها باريس مع كل من ولي ولي العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان ووزير الخارجية الإيراني محمّد جواد ظريف، ورغم الانطباع في بيروت بأن لا شيء تغيّر في المقاربة الإيرانية للملف اللبناني وربْطه بمجمل الواقع الاقليمي، فإن اللافت ان لبنان يشهد دينامية داخلية متجددة تتناول الفراغ في رئاسة الجمهورية وسبل إنهائه، من دون ان يتضح أفق هذا الحِراك ولا اذا كان منطلقاً من معطيات خارجية مستجدّة نتيجة تبدّل في حسابات لاعبين اقليميين، ام انه نتيجة محاولات محلية لإنضاج طبخة داخلية تتيح قفل الثغرة الرئاسية مستفيدة من تقاطُع مصالح لبناني قد لا يلقى ممانعة اقليمية. وفي هذا السياق، انهمكت الدوائر السياسية في رصْد تطورين بالغيْ الأهمية محلياً. الأول الحركة التي بدأها رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع في اتجاه الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط، في محاولة لتوفير مظلّة تتيح انتخاب زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون (المدعوم ايضاً من «حزب الله») رئيساً على قاعدة «تعطيل التعطيل» الذي تتّهم «القوات» «حزب الله» بممارسته لأسباب تتصل بحساباته الاقليمية. وثمة انطباع في هذا السياق بأن جعجع يحاول إقناع «تيار المستقبل» بأن عون، الذي نال دعماً لانتخابه من جنبلاط، أفضل من المجهول وبأن تبنيه من «المستقبل» والزعيم الدرزي اضافة الى «القوات» سيكون بمثابة ضمانة جيّدة لحفْظ التوازنات في مقابل علاقة عون مع «حزب الله» الذي لن يكون في وسْعه بحال سير الحريري بزعيم «التيار الحر» مواصلة تعطيله للاستحقاق الرئاسي. اما التطوّر الثاني، فهو الانفراج المباغت الذي تَحقّق في ملف النفط بين الرئيس بري والعماد عون في توقيتٍ سياسي تم التعاطي معه على انه في سياق ترتيب علاقة الرجلين في ضوء الـ «لا» الكبيرة لبري على انتخاب زعيم «التيار الحر» رئيساً للجمهورية، في ظل تقديراتٍ بأن التفاهم النفطي يشكّل جزءاً من مناخٍ مستجدّ في الملف الرئاسي يحتّم «اختبار نيات» على خط فتح الطريق الرئاسية أمام «الجنرال». وقد استند «الدخان الأبيض» الذي تَصاعَد من ملف النفط العالق في جانبه الداخلي منذ نحو عامين على الخلاف الكبير بين بري وعون، الى اتفاقٍ أنهى التباين حول اولويات التنقيب عن الغاز والنفط في البلوكات المحدّدة ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة واذا كان سيبدأ من الجنوب او الشمال، وذلك على قاعدة طرح البلوكات العشرة على التلزيم من قبل الشركات، على أن لا يتمّ التلزيم سوى لبلوكين أو ثلاثة.

مشاركة :