جميلة ومنطقية .. لكنها متجمدة | محمد أحمد مشاط

  • 7/2/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

عندما تصل المؤسسات عادة إلى الخطط الإستراتيجية لمستقبلها، تنشرها لاعتمادها وتنفيذها من قبل الرؤساء التنفيذيين والمديرين في تلك المؤسسات. ثم تصبح عقب اعتمادها مستنداً يتم الحرص عليه، والعناية به، والإسراع بتنفيذ معظم بنوده. عندئذ تصبح الخطة الاستراتيجية للمؤسسة شيئاً غير قابل للتغيير خوفاً من أن تتعرض المؤسسة لعدم تحقيق الأهداف، أو من الارتماء في المجهول! بيد أن المقال المنشور في مجلة «هارفارد للأعمال» الشهيرة، لكاتبه (قرام كيلي)، العضو المنتدب لمؤسسة (العوامل الاستراتيجية)، ومؤلف كتاب (فك شفرة الاستراتيجية)؛ وكان عنوانه (الخطط الاستراتيجية أقل أهمية من التخطيط الاستراتيجي) والذي يستعرض الكاتب فيه أقوال بعض القادة العسكريين المشهورين الذين اقتنعوا بعدم أهمية الخطط الاستراتيجية واستمراريتها بعد تنفيذ المراحل الأولى منها. وإيمان أولئك القادة بأن الخطط الاستراتيجية لا يجب أن تكون جامدة طوال مدة اعتماد تنفيذها الزمني. فيقول القائد الألماني بالقرن التاسع عشر (مولتكي): «لا يمكن لأي خطة للعمليات، الصمود بعد المواجهة الأولى مع العدو». ويقول (ونستون تشرشل): «الخطط قليلة الأهمية، ولكن التخطيط أساس». ويقول الرئيس الأمريكي (أيزنـهاور): «الخطط لا قيمة لها، ولكن التخطيط هو كل شيء». ونكتفي بـهذا القدر من المقال. ولعل عدم التفكير بـهذه الطريقة هو من أسباب فشل أو عدم اكتمال الخطط الإستراتيجية في بلداننا ومجتمعاتنا العربية والشرق أوسطية، حيث يتم اعتبار الخطط الاستراتيجية مستنداً غير قابل للتغيير والتعديل. ولعل مرجع ذلك، هو خوف المؤسسات ذات الاستراتيجية من المتاهة والضياع، لو تخلّت عن خططها الاستراتيجية، فتمسي من بعد ذلك وقد احتواها ظلام المجهول. ولكن الذي يجب الاقتناع به، وإقناع التنفيذيين به هو اعتبار التخطيط الاستراتيجي كائناً متفاعلاً ومتغيراً مع البيئة التي تحتويه، وغير ساكن متجمد مع تعاقب الأيام، ومنتجاً للخطط الاستراتيجية المرحلية ومطوراً لها. فلا يمكن أن تظل قناعات الماضي، بأي حال، متسيدة على المستقبل دوماً نظراً لاختلاف عوامل الزمان والمعطيات والتقانة والثقافات والأجيال. لذا من الضروري الذي لا مناص منه، ضخ الحياة بكل انعكاساتها ومتغيراتها باستمرار في خططنا الاستراتيجية لكيلا تموت، أو تصبح عديمة الفائدة، أو لا تتوافق عملياً ومنطقياً مع المتطلبات والرؤى المستقبلية. m.mashat@gmail.com

مشاركة :