لم تكن نتائج الاستفتاء البريطاني الأخير مفاجأة لشريحة واسعة من البريطانيين والأوروبيين، بل كان مفاجأة للمطالبين بالخروج من الاتحاد الأوروبي أيضاً، فمعسكر الخروج لم يكن مستعداً للفوز، وهو اليوم محاصر بفوزه. الأمر الذي جعل عمدة لندن السابق، بوريس جونسون، الذي قاد الحملة المناهضة للاتحاد الأوروبي، يرد على أسئلة الصحافيين بعبارة «لا داعي للتسرع» في ما يخص الخطوات القادمة. لقد فقدت المملكة المتحدة تصنيفها الائتماني، في حين تراجعت قيمة الجنيه الاسترليني وأصاب الشلل مؤسسات الدولة. في المقابل، بدأ معسكر الخروج يتراجع عن الوعود التي كان وعد بها قبل الاستفتاء. وبعد أن كان جونسون يشتكي من هجرة الأوروبيين إلى بريطانيا، أصبح يطالب اليوم بضمان الدخول إلى السوق الأوروبية المشتركة وحرية التنقل داخل الاتحاد. وبينما يعيش المناهضون لأوروبا في حالة ارتباك شديد هذه الأيام، تجتاح العاصمة لندن مسيرات حاشدة تطالب بعدم قبول نتيجة الاستفتاء والبقاء ضمن الاتحاد الأوروبي. وقد تكون لندن الخاسر الأكبر في هذا الاستفتاء، إذ من المحتمل أن تنقل مئات الشركات الصغيرة والمتوسطة، في العاصمة البريطانية، والتي تتعامل مع دول الاتحاد الأوروبي، تنقل مقراتها إلى باريس أو فرنسا بصفة عامة، من أجل الحفاظ على السوق الأوروبية والتسهيلات والضمانات مع بروكسل. ويواجه قادة حملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مأزقاً حقيقياً يتمثل في الوفاء بالوعود التي قطعوها على أنفسهم، وبنوا عليها دعاياتهم التي مكنتهم من الفوز غير المتوقع في الاستفتاء التاريخي. وينحي الكثير باللائمة على رئيس حزب العمال، جريمي كوربين، لعدم قيامه بما يكفي من الجهود خلال حملة الاستفتاء لإقناع الناخبين بالتصويت لصالح البقاء داخل الاتحاد، أو حتى اتخاذه خطوات لمعالجة الاستقالات العديدة من الحزب التي حصلت أخيراً.
مشاركة :