همسات رمضانية / أعظم الجهاد - إسلاميات

  • 7/4/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

هذه مجموعة متنوعة من الهمسات الرمضانية ذات القيمة الإيمانية والفائدة العلمية بقلم الأستاذ الدكتور وليد مُحمَّد عبدالله العَلِيّ أستاذ الشريع والدراسات الإسلامية بكلية الشريعة - جامعة الكويت وإمـام وخطيب المسجد الكبير بدولة الكويت. إنَّ أعظم الجهاد: هُو جهاد العبد نفسه؛ واجتهاده في إصلاح قلبه وجوارحه، وهذا إنَّما يتحقَّق له بعون الله تعالى بمراتب. ومراتب جهاد النَّفس أربعٌ، فمن بلغ هذه المراتب: فقد استقام له قلبه؛ وانقادت له جوارحه، وبيان هذه المراتب على النَّحو الآتي: المرتبة الأُولى: أن يُجاهد العبد نفسه على تعلُّم الهُدى ودين الحقِّ؛ الذي لا فلاح لها ولا سعادة في معاشها ومعادها إلا به، فيعلم العبد أنَّه متى فات النَّفس هذا العلم: شقيْت في الدَّاريْن. المرتبة الثَّانية: أن يُجاهدها على العمل به بعد علمه، وإلا فمُجرَّد العلم بلا عملٍ: إن لم يضرَّ نفسه؛ لم ينفعها. المرتبة الثَّالثة: أن يُجاهدها على الدَّعوة إليه؛ وتعليمه من لا يعلمه، وإلا كان من الذين يكتمون ما أنزل الله من الهُدى والبيِّنات؛ ولا ينفعه علمه ولا يُنجِّيه من عذاب الله. المرتبة الرَّابعة: أن يُجاهدها على الصَّبر على مشاقِّ الدَّعوة إلى الله وأذى الخلق؛ ويتحمَّل ذلك كُلَّه لله. فإذا استكمل هذه المراتب الأربع: صار من الرَّبَّانيِّين، فإنَّ السَّلف مُجمعون على: أنَّ العَالِمَ لا يستحقُّ أن يُسمَّى ربَّانيًّا: حتَّى يعرف الحقَّ؛ ويعمل به؛ ويُعلِّمه، فمن علَّم وعمل وعلَّم: فذاك يُدعى عظيماً في ملكوت السَّماوات. وإنَّ بركة النَّفس إنَّما تكون في تعلُّمها الخير وتعليمها، فمن كان مُتعلِّماً ومُعلِّماً للخير حيث حلَّ وارتحل؛ مُستنصحاً وناصحاً لكُلِّ من اجتمع به: فهُو المُبارك، قال الله تعالى إخباراً عن المسيح عيسى بن مريم عليه السَّلام: ﴿وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ﴾. أي: مُعلِّماً للخير؛ داعياً إلى الله مُذكِّراً به؛ مُرغباً في طاعته، فهذا من بركة الرَّجل. ومَنْ خلا من هذا؛ فلم يتَّصف بالتَّعلُّم ولا التَّعليم: فقد خلت نفسه من البركة، ومُحقت بركة لقائه والاجتماع به، بل تُمحق بركة من لقيه واجتمع به، لأنَّه يُضيِّع الوقت. فكُلُّ آفةٍ تدخل على النَّفس: إنَّما هي بسبب ضياع الوقت، وعن ضياع الوقت يتولَّد: فساد القلب؛ وفساد الجوارح، فمبتدأ انفراط عَقْدِ أُمور العبد كُلِّها: ضياع وقته، وقد قال الله تعالى لنبيِّه صلَّى الله عليه وسلَّم: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾. وحفظ الوقت بمُصابرة النَّفس مع الذَّاكرين الله تعالى كثيراً: يتضمَّن إصلاح القلب بالذِّكر؛ وإصلاح الجوارح بالاستقامة، وضياع الوقت بهجر مُجالستهم: يتولَّد منه غفلة القلب عن ذكر الله تعالى، وتَبَعٌ لهذه الغفلة: اتِّباع الجوارح هواها، فبسبب هذه الأُمور الثَّلاثة –ضياع الوقت؛ وغفلة القلب؛ واتِّباع الجوارح هواها-: تنفرط أُمور العبد كُلِّها. ومن تأمَّل حال هذا الخلق: وجدهم كُلَّهم إلا أقلَّ القليل مِمَّن أضاعوا أوقاتهم؛ فقد غفلت قُلوبهم عن ذكر الله تعالى؛ واتَّبعت جوارحهم أهواءها؛ وصارت أُمورهم فُرطاً، ففرَّطوا فيما ينفعهم في دُنياهم؛ ويعود بالصَّلاح عليهم في أُخراهم، واشتغلوا بما يعود بالضَّرر عليهم عاجلاً وآجلاً. اللَّهُمَّ إنَّا نسألك من الخير كُلِّه؛ عاجله وآجله؛ ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشَّرِّ كُلِّه؛ عاجله وآجله؛ ما علمنا منه وما لم نعلم، اللَّهُمَّ إنَّا نسألك من خير ما سألك عبدك ونبيُّك صلَّى الله عليه وسلَّم، ونعوذ بك من شرِّ ما عاذ به عبدك ونبيُّك صلَّى الله عليه وسلَّم. w-alali@hotmail.com

مشاركة :