ذهنية التكفير..التطرف بنية عقلية متكاملة

  • 7/5/2016
  • 00:00
  • 19
  • 0
  • 0
news-picture

هناك عوامل اقتصادية وسياسية وثقافية ونفسية تقف وراء تزايد وتجذر ظواهر التطرف والعنف والإرهاب في واقع الثقافة المصرية، وهذه العوامل تساعد على إعادة إنتاج الخطاب الأصولي المتشدد لجماعات الإسلام السياسي بفصائلها المختلفة، ويمكن تقسيم تلك العوامل إلى عوامل ذاتية وأخرى موضوعية، وبالطبع هناك تفاعل جدلي بين ما هو ذاتي وما هو موضوعي، إذ يصعب الفصل بينهما تماما، لكن هذا التداخل لا يمنع من أن يعرض د. حسن حماد في كتابه ذهنية التكفير لكل منهما بطريقة مستقلة عن الآخر. ما يعنيه د. حماد بالإرهاب المقدس هو توظيف الدين لخدمة الأغراض السياسية والحياتية للبشر، وهو ما يعد أبشع أنواع السيطرة التي يمكن أن تمارس على الإنسان، كما يوضح، ويقول: برغم أننا في هذه الدراسة معنيون بالإرهاب الذي تمارسه التيارات الأصولية الإسلامية المعاصرة، التي تسمى أحيانا بتيارات الإسلام السياسي، فإننا يجب أن ننوه بحقيقة مهمة وهي أن الحاضر ليس منفصلا عن الماضي وأن مرجعيات هذه الجماعات هي مرجعيات تنتمي إلى التراث الإسلامي، الذي ينبغي مراجعته بصورة جذرية بما يتلاءم مع مشكلات العصر وهموم الإنسان الحياتية الراهنة، ولا يمكن أن يتحقق ذلك بغير التحرر من هيمنة من يعتبرون أنفسهم أوصياء على الحقيقة المطلقة، ويحتكرون لأنفسهم حق التحدث باسم المقدس. يشير المؤلف إلى أن تناول العنف في مصر يعد أمراً مهماً في الوقت الراهن، بخاصة أننا إذا تأملنا المشهد السياسي العام في دول الربيع العربي سنجد أن الصورة مروعة، سوريا والعراق وليبيا واليمن ، بلدان أصبحت تحيا فوق فوهة بركان، والجماعات الجهادية من كل صوب وحدب تعيث فساداً في جسد هذه الدول التي تحولت إلى مجتمعات خارج التاريخ، لم يعد العنف الديني مجرد ظاهرة، لقد تخطى هذه المرحلة بمراحل وأصبح بنية ثقافية وعقلية متماسكة تفرز التطرف والإرهاب بصورة دائمة، وهو لم يعد أيضا مجرد رد فعل لظاهرة أو لأزمة فقط، بل صار يدخل في شبكة متماسكة ومعقدة جداً، من العلاقات في مختلف القطاعات والمؤسسات، ولم يعد مجرد ظاهرة تطفو على سطح المجتمع، بل أصبح جزءاً من ثقافته ومكوناً أساسياً من مقومات وجوده، ومن الطبيعي أن ينتقل التطرف من كونه بنية ثقافية إلى كونه بنية عقلية، بما يعني أن بنية التطرف الثقافي الديني أفرزت ذهنية عقلية متطرفة أيضاً، وبنظرة سريعة نستطيع أن نلمس ذلك بصورة صارخة في مساحة حرية الفكر والإبداع التي أخذت تضيق إلى أقصى حد، وأصبح الخوف من التكفير والخروج على التقاليد سيفاً مسلطاً على رقاب المثقفين.

مشاركة :