دبي:ثابت الجرو بعد قرابة العامين من التدهور الذي شهده النفط الخام، والانتعاش الأخير في أسعاره خلال الربع الثاني من العام الجاري، أصبح عدد من المستثمرين في حيرة من أمرهم وبدؤوا بطرح الأسئلة حول ما يخبئ لهم المستقبل من مفاجآت جديدة، وذلك بعد الضربة القوية التي وجهها البريطانيون للأسواق بتصويتهم لصالح الانسحاب من الاتحاد الأوروبي. ذكر تقرير نشرته وول ستريت جورنال، أن أسعار النفط انتعشت خلال الربع الثاني من العام الحالي، مدعومة بضعف الدولار الأمريكي وتراجع الإمدادات النفطية في كل من كندا ونيجيريا، حيث وجد المستثمرون أنفسهم في وضع لا يمكنهم التنبؤ معه بماذا سيحدث خلال الأشهر القادمة من حيث عدم القدرة على الاتفاق حول مسألة، هل تواجه الأسواق العالمية فائضاً أم عجزاً في المعروض من النفط الخام؟، وهو ما عبر عنه إلدار سايتر، الرئيس التنفيذي لشركة ستيت أويل النرويجية في مقابلة معه، حيث قال إننا نشهد فترة جديدة من الغموض تختلف عما شهدناه من قبل فيما يتعلق بالحال الذي ستكون عليه الأسعار خلال الأشهر القادمة. ارتفاع النفط الأمريكي وكانت أسعار النفط الأمريكية قد ارتفعت بنحو 9.99 دولار بنسبة 26% في الربع الثاني من العام الحالي، مسجلة 48.33 دولار للبرميل، ومحققة أفضل أداء فصلي منذ عام 2009، بارتفاع وصل إلى 30% منذ بداية العام، كما ارتفع سعر خام برنت بنحو 10.08 دولار بنسبة 25%، ليصل إلى 49.68 دولار للبرميل، كما ارتفع سعر الغاز الطبيعي أيضاً، ليصعد بنحو 49% إلى 2.924 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، مسجلاً أفضل أداء فصلي منذ عام 2005، ومحققاً مكاسب بلغت 25% منذ بداية عام 2016، إلا أن هذه الأسعار شهدت تقلبات ملحوظة خلال شهر يونيو/حزيران الماضي، مع سعي من قبل المستثمرين لتوقع نتيجة استفتاء المملكة المتحدة، حيث انخفض سعر النفط بنحو 4.9% في اليوم التالي لتصويت البريطانيين لصالح خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي، لتواصل التقلب منذ ذلك الحين. تشكك بالاستثمارات المستقبلية ويرى ويل رايلي مدير المحافظ في مؤسسة جينيس إتكينسون لإدارة الأصول، أن انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أضاف حالة عدم يقين بشأن الاستثمارات المستقبلية، إلا أن الواقع يشير إلى أن جانب العرض الذي يعيد التوازن لسوق النفط لا يختلف كثيراً اليوم عما كان عليه قبل الاستفتاء البريطاني. وتقارب الأسعار حالياً لمستوى الـ50 دولاراً للبرميل، ما يمثل حوالي نصف السعر الذي كان عليه منذ نحو عامين، لكنه يشكل مستوى مريحاً للمنتجين والدائنين في السوق، بعد أن كانت الأسعار قد بلغت أدنى مستوى لها منذ 13 عاماً في مطلع العام الجاري. انقسام في الرأي كل هذه الأمور جعلت خبراء الاقتصاد والمحللين منقسمي الرأي حول اتجاه الأسعار خلال الفترة المقبلة، حيث يعتقد المتفائلون منهم أن الإنتاج اليومي يواكب بالكاد الطلب المتنامي على الخام معللين ذلك بعوامل عدة أبرزها انخفاض الإنتاج الأمريكي من النفط عن مستوياته المرتفعة السابقة، إضافة إلى تعطل الإمدادات بفعل الحرائق في كندا والاضطرابات السياسية في كل من نيجيريا وليبيا، وقد أسهمت جميعها في خفض المعروض من الخام خلال الأشهر الماضية، مما أدى إلى تراجع المعروض في الربع الثاني من العام الحالي الأمر الذي أدى بدوره إلى رفع أسعار النفط، رغم فشل كبار منتجي النفط الخام في التوصل إلى اتفاق لتجميد الإنتاج. وفي الجهة المقابلة يصر محللون عدة على أن المخزون العالمي من النفط ما يزال عند مستويات قياسية مرتفعة، مما يجعل حالة فائض المعروض تستمر رغم تراجع الإنتاج اليومي. تطابق العرض والطلب يرى جوليوس ووكر، المستشار في شركة جيه بي سي إنرجي في فيينا، أن السؤال هنا يتعلق بمفهومنا لـ إعادة التوازن، حيث إن التوقعات تشير إلى أن الربع الثالث من العام الحالي سوف يشهد تطابقاً في العرض والطلب من النفط الخام، إلا أنه من المرجح أن يبقى مخزون النفط عند مستوياته المرتفعة، حيث ذكرت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن مخزون النفط الخام حتى 24 يونيو/حزيران المنصرم قد استقرت عند 130 مليون برميل، حوالي 33% فوق متوسط المعدل المسجل خلال نفس الفترة في السنوات الخمس الماضية، بينما سجلت المخزونات التجارية في الدول الصناعية مستوى قياسياً في إبريل/نيسان. وتوقع خبير السلع في صندوق فانيك لإدارة الأصول رولاند موريس، أن يشهد الإنتاج الأمريكي من النفط تراجعاً بنحو 200 ألف برميل يومياً خلال الأشهر القليلة المقبلة، الأمر الذي من الممكن أن يسهم في إعادة التوازن لسوق النفط ليتم تداوله عند مستوى 50 دولاراً للبرميل في الربع الثالث، ثم يرتفع إلى أعلى من ذلك في الـ 3 أشهر الأخيرة من هذا العام. عودة التوازن إلى السوق يوافق الرئيس التنفيذي لمؤسسة هارتلاند أدفايزورز الاستثمارية، ويل ناسجوفيتز، سابقه موريس في رأيه بخصوص إمكانية عودة التوازن لسوق النفط خلال الأشهر القادمة لا سيما في الربع الأخير من هذا العام، حيث ضخ مزيداً من الاستثمارات في أسهم الطاقة خلال العام الحالي مؤكداً أن المعروض من الخام في أمريكا الشمالية بدأ في الهبوط خلال الفترة الماضية. إلا أن المستثمرين الحذرين ما زالوا يؤكدون أن أسعار النفط ربما تقف عند هذا الحد حتى 2017 مع فشل الأسعار في الاستمرار بالارتفاع الذي شهدته في موسم الربيع، نتيجة لاستغلال منتجين أمريكيين لارتفاع أسعار النفط لزيادة منصات التنقيب في النفط الصخري خصوصاً، ما جعل وتيرة انخفاض الإنتاج تتراجع بأقل من التوقعات.
مشاركة :