إردوغان مستبعدًا التقارب مع مصر: الأمر مختلف عن روسيا وإسرائيل

  • 7/6/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

استبعد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أمس أي تقارب مع النظام المصري، وذلك بعد المصالحة التي أجرتها أنقرة مع إسرائيل وروسيا. وقال إردوغان في تصريحات بعد أدائه صلاة العيد في إسطنبول إن «إطار (التطبيع) مع مصر يختلف عن النهج الذي بدأناه مع روسيا وإسرائيل»، حسبما أوردت عنه وكالة «دوغان» للأنباء. وأكد أن تركيا ليست في نزاع مع الشعب المصري، موضحا أن المشكلات سببها النظام المصري. وندد مجددا بأحكام السجن والإعدام التي صدرت بحق أعضاء من جماعة الإخوان المسلمين في مصر. وعبر الرئيس التركي مجددًا أمس عن رفضه لسياسة الحكومة المصرية تجاه جماعة الإخوان المسلمين، خصوصًا الأحكام الصادرة بحق قياداتها ومنهم الرئيس الأسبق محمد مرسي. وقال إردوغان: «نرفض أحكام القضاء المصري. الأحكام الصادرة في حق مرسي ورفاقه بنيت على ادعاءات. هؤلاء الناس إخواننا، ولا يمكن أن نقبل قرار نظام قمعي». وردت الخارجية المصرية على هذه التصريحات وخصوصًا على تعليق إردوغان بخصوص حصر الخلاف التركي مع النظام وليس مع الشعب المصري، بقولها إن على القيادة التركية أن تتذكر أن الشعب المصري هو الذي اختار قيادته الحالية في انتخابات حرة وديمقراطية. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية المستشار أحمد أبو زيد في بيان له إنه «من المهم التذكير دائما بأن احترام إرادة الشعوب هو نقطة الانطلاق لإقامة علاقات طبيعية بين الدول، وهي الحقيقة التي ما تزال غائبة عن البعض»، مضيفا أن «مصر هي التي لديها تحفظات على التعامل مع القيادة التركية التي تصر على تبني سياسات متخبطة إقليميا». وتوترت العلاقات بين مصر وتركيا منذ عزل مرسي المنتمي لجماعة الإخوان في يوليو (تموز) 2013. عقب احتجاجات شعبية ضده ساندها الجيش، حيث رفضت تركيا الاعتراف بعزل مرسي وما ترتب عليه، كما استضافت قيادات جماعة الإخوان الهاربة على أراضيها. وتدار العلاقات بين البلدين حاليا عبر قائم بالأعمال. وحوكم مرسي في أكثر من قضية، وصدرت ضده أحكام غير نهائية بالإعدام والسجن في قضايا مختلفة كان آخرها قضية التخابر مع قطر. وما زال يحاكم الآن في قضية تتعلق بإهانة القضاء. من جهة ثانية، طرح الرئيس التركي أمس خططا لمنح الجنسية لبعض من نحو ثلاثة ملايين مهاجر فروا من الحرب في سوريا لا سيما من تتوفر لديهم مؤهلات قد تفيد تركيا. وقال: «الدول الغربية تفتح أبوابها لمثل هؤلاء الأفراد الموهوبين وليس لدى هؤلاء أي خيار سوى الذهاب (للغرب) عندما لا نفتح لهم أبواب المواطنة. نود أن ننتفع من علمهم». وأبرمت تركيا اتفاقا مع الاتحاد الأوروبي في مارس (آذار) للحد من تدفق المهاجرين إلى أوروبا وقلص هذا الاتفاق بشكل حاد من أعداد اللاجئين والمهاجرين التي تصل اليونان. لكن الاتفاق واجهته عقبات بسبب الخلاف على قانون تركيا لمحاربة الإرهاب والذي يريد الاتحاد الأوروبي أن يتماشى مع قوانينه. وقالت أنقرة بالفعل إنها ستسهل على المهاجرين من سوريا ودول أخرى الحصول على تصاريح عمل، وقال إردوغان إنهم قد يحصلون على الجنسية التركية. وأضاف إردوغان في مستهل عطلة عيد الفطر الذي احتفلت تركيا بأول أيامه أمس «هناك الكثير من الأفراد ذوي المؤهلات العليا بين اللاجئين السوريين في تركيا»، مشيرا إلى أن منحهم الجنسية «سيخدم مصالح تركيا وسيحسن مستوى معيشتهم». ونقلت وكالة رويترز عن إردوغان قوله: «لا نعتقد أنه من الصواب استضافة هؤلاء الأشخاص في مخيمات أو مساكن من الحاويات أو في أماكن بدائية». وطرح إردوغان فكرة منح السوريين الجنسية خلال مطلع الأسبوع قائلا: إن وزارة الداخلية تتخذ تحركات في هذا الصدد. جاءت تصريحاته بعد أن اتخذت الحكومة التركية خطوات الأسبوع الماضي لتحسين العلاقات مع إسرائيل وروسيا الأمر الذي يمثل تحولا في السياسة الخارجية التي وضعت تركيا في حالة عزلة حرمتها من نفوذها. إذا كان إعلان الرئيس التركي عن منح اللاجئين السوريين فرصة الحصول على الجنسية التركية أشاع ارتياحا لدى هؤلاء إلا أن المحللين يرون أن رجب طيب إردوغان يرمي من خلاله إلى تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية. ولجأ إلى تركيا نحو 2. 7 مليون سوري منذ بداية النزاع في بلادهم في 2011 ولا يعيش سوى 10 في المائة منهم في مخيمات قريبة من الحدود، أما الباقون على مختلف انتماءاتهم الاجتماعية فيعانون الأمرين للاندماج في المجتمع وفي سوق العمل. وغالبا ما يشير المسؤولون الأتراك إلى هؤلاء على اعتبارهم «ضيوفا» وليسوا لاجئين بالمعنى القانوني، حسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية. ويقول محمد نزار بيطار السوري المقيم في تركيا منذ خمس سنوات إن الحديث عن التجنيس «نبأ ممتاز، لأننا سنبقى هنا على أي حال». ويضيف بيطار الذي يملك ثلاثة مطاعم في إسطنبول ويعمل لديه عشرات السوريين «هذا سيحسن كثيرا من ظروف حياة أبناء بلدي». بدوره، قال جان ماركو أستاذ العلوم السياسية في غرونوبل بفرنسا إن «الأرجح أن يرغب غالبية اللاجئين في البقاء في تركيا أو حيث استقروا ووجدوا عملا أو بدأوا بالاندماج». ويضيف أن «تركيا تعرف أنه لم يعد أمامها سوى أن تتصرف حيال وضع بات يفرض نفسه». ويقول المحلل لدى مؤسسة كارنيغي أوروبا مارك بيريني إنه «في إطار هذا التقارب بات على تركيا أن تقبل بأن حل النزاع في سوريا لا يمر إلا عبر بقاء الرئيس بشار الأسد في السلطة». ويرى الباحث لدى مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات آيكان أردمير أن «إعلان الرئيس إردوغان لا علاقة له بالتعاطف مع الأوضاع الصعبة للاجئين» وإنما «ينظر إليه عموما على أنه استراتيجية جديدة لخدمة طموحاته الشخصية». وفي هذا السياق، يرى بيريني أنه وبحثا عن المزيد من التأييد لضمان حزب العدالة والتنمية غالبية الثلثين في مجلس النواب بعد أن فقد أصوات الأكراد، يجد الرئيس إردوغان في مئات الآلاف من اللاجئين «مستودعا للأصوات الانتخابية» فهؤلاء الذين «وصلوا بحقيبة ظهر ليس إلا ينظرون إلى إردوغان بوصفه الأب الذي أعاد لهم كرامتهم ومنحهم بطاقة هوية مؤقتة ورعاية صحية مجانية». ويقول أردمير: «في حال ضمن غالبية أصوات السوريين المجنسين يمكنه أن يحقق غالبية ساحقة لتعديل الدستور و-أو الفوز في استفتاء حول النظام الرئاسي» الذي يرغب في إقامته بدلا من النظام النيابي. وحسب ماركو فإن إردوغان يسعى إلى «تحسين صورته» أمام المجتمع الدولي عبر «تكريس تركيا بلدا للهجرة» بعد أن عانى الاتحاد الأوروبي الكثير من موجة الهجرة الحالية. ويضيف أن «تجنيس اللاجئين السوريين يمكن أن يتيح لأنقرة كذلك الدخول في مرحلة من الاستقرار والحصول على تأييد جديد واستعادة مكانتها في الشرق الأوسط» بعد أن أعادت الأسبوع الماضي تطبيع علاقاتها مع إسرائيل. على المستوى الوطني، ستكسب تركيا الكثير من دمج اللاجئين السوريين في سوق العمل، وفق أردمير. ويقول: «لطالما تغنت البلاد بشباب سكانها لكن هذه الفرصة الديموغرافية وصلت إلى نهايتها ودمج اللاجئين السوريين سيعطي دفعة للاقتصاد التركي المتعثر». ويضيف الباحث أن «هذا يتطلب من أنقرة تبني خطة اجتماعية اقتصادية لتوفر التدريب وبرامج الاندماج» معربا في الوقت نفسه عن خشيته من أن إردوغان «ليس مدركا لمدى تعقيد هذه المهمة». ويقول إنه « يخشى من أن يحول اتفاقا منصفا لتركيا واللاجئين السوريين إلى تدبير يخسر فيه الطرفان. فإعلان إردوغان الصادم أحدث ردود فعل معادية للاجئين وللأجانب». وعلى مواقع التواصل الاجتماعي شكك كثيرون بجدوى المشروع ولا سيما على «تويتر» من خلال وسم «لا أريد سوريين في بلدي».

مشاركة :