بعد أكثر من أربع سنوات من ممارستي للكتابة المنتظمة في الصحيفة المتميزة (الأيام)، أتوقف الآن ليس عن مواصلة الكتابة التي يبدو أنني أدمنتها ولكن لأقيّم المردود من وراء هذا الجهد المتواضع ولكي أرسم خطًا بيانيًا قد يرشدني الى نتيجة ذلك الجهد مقابل الهدف الذي وضعته لنفسي عند اتخاذي قرار الكتابة وهو الوصول الى الأستاذ الجامعي وطلبته وإلى الرئيس التنفيذي في مؤسسته والعاملين معه وإلى المهتم بعلوم الادارة ومكامن شغفه ومحور اهتمامه. قررت أن تكون المادة العلمية للمقالات في مجال الادارة على أن تأخذ شكلاً عمليًا فتقدم للقارئ بصورة مواقف مستقاه من بيئات عمل مختلفة وهي مواقف حية وواقعية غيبت شخوصها الحقيقية. ومن أجل الدعم العلمي فإني أحاول أن أسند تلك المواقف بآراء الخبراء وعلماء الادارة والأكاديميين. سيدي القارئ يسرني أن أشركك معي في التعرف على بعض الآراء والتعليقات التي وردت إلي من قبل بعضكم والتي أعتبرها مؤشرات توضح لي الاتجاه الذي يمكن أن أسلكه لألتقي باهتماماتكم وهي الغاية التي أبتغي الوصول إليها. (1) اتصل أحد المسؤولين في احدى الممؤسسات الاقتصادية مبديا تفاعله واهتمامه بموضوع نشرته عن عملية تقييم الأداء الوظيفي وأكد لي في تعليقه بأن العقبة الرئيسة التي تواجه التطبيق السليم لهذه العملية هي تشابك وتداخل الثقافة المجتمعية مع الثقافة المؤسسية عند اجراء عملية التقييم. وفي ختام تعليقه أثنى على الاستشارات المجانية كما أسماها واقترح أكثر من موضوع لأكتب فيه. (2) محاضر في احدى الجامعات المحلية اتصل ليخبرني بأنه يستخدم بعض المواقف الادارية التي تنشر كحالات دراسية يناقشها مع طلبته في برنامج بكالوريوس الادارة وادارة أعمال، ويقول انه يلمس تفاعلاً جيدًا من قبل الطلبة وهذا يحفزه كما يقول بالمشاركة في تزويدي ببعض المواضيع لتكون المادة العلمية للمواقف الادارية. يضيف الدكتور قائلاً: بأن المواقف الادارية تجعل الطالب يعيش حالة أو موقفًا حيًا وواقعيًا يدفعه للتفكير والسؤال والتحليل. (3) المستشار القانوني في احدى المؤسسات المالية يبدي اهتمامه بالمواقف الادارية التي يتم نشرها ويطلب الاستمرار في اتباع ذات النهج عند تناول المواضيع الادارية. ويقول المستشار بأنه يتابع وباهتمام تلك المواضيع فهو يجد كما يقول بأن هناك خيطًا رفيعًا بين القانون والادارة وخاصة عند التعامل مع بعض القضايا. كلمات الأخ الدكتور المستشار فعلاً تحفز على الاستمرار ومواصلة الكتابة، فعندما نلتقي في أي مناسبة يكون موضوع حديثنا في غالب الأحايين في الادارة والقانون. (4) أعجبني جدًا أحدى الأخوات الاختصاصيات في مجال الموارد البشرية التي قالت بأنها لا تكتفي فقط بقراءة المقال ولكنها تقوم بتوزيع نسخ منه على زملائها وزميلاتها العاملات في ذات المجال ليكون موضوع نقاش فيما بينهن وتبدي الأخت الكريمة استعدادها للمساهمة في تزويدي بمواقف إدارية عاشتها هي بنفسها أو عاشها آخرون وكانت هي بحكم عملها قريبة منها. تؤكد القارئة الكريمة بأن نشر مثل هذه المواقف يساعد ويساهم في فهم بيئات العمل وثقافاتها المختلفة وأساليب التكيف معها. (5) بعض القراء يتساءل: ما فائدة الكتابة اذا لم تحدث تغييرًا في نمط التفكير mind set لدى بعض المسئولين الذين يصرون بأن اسلوبهم ونهجهم في ادارة مؤسساتهم وتنظيماتها الادارية هي الأنجع والأفضل دائمًا. أنتم تبذلون الكثير من الجهد والوقت في اعداد مقال واحد كما يقول بعض القراء، بينما لا تستغرق قراءته أكثر من ثلاث دقائق ومن ثم يتلاشى موضوعه ويدفن في طي النسيان. فهناك المسئول الذي هو دائم الاعتقاد بأنه لا يوجد من يضاهيه خبرة وعلما ودراية في مجال عمله، ويعتقد هذا المسؤول بأنه لا حاجة للاستماع الى الغير أو عمل المقارنات المرجعية benchmarking للوقوف على مستوى أداء مؤسسته ولكن لا مانع لديه من التظاهر بذلك للاستهلاك الاعلامي. (6) لماذا الادارة؟ ولماذا هذا الاهتمام بعلم الادارة والخبرة الادارية؟ ربما نجد الاجابة في الاقتباس التالي من كتاب الدكتور محمد عيسى الكويتي تحت عنوان واقع البحث العلمي في البحرين.. دراسة وصفية يقول الاقتباس: التنمية الادارية في الدول السائرة في طريق النمو هي أم (أساس) التنمويات الأخرى الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية ومن دونها ستبقى النتائج المرجوة منها في مهب الريح والأهداف التي تسعى اليها التنمية بعيدة المنال انتهى. وبعد خبرة تزيد عن الثلاثين عاما في ممارسة العمل الاداري، استطيع القول وبثقة ان الادارة هي أساس التنمية فعلاً. الكثير يدرك هذه الحقيقة وبعترف بها ويقرها ولكن هل ينعكس ذلك أثناء الممارسة الفعلية وخاصة لدى صانعي ومتخذي القرار؟ أترك لك سيدي القارئ فرصة الإجابة.
مشاركة :