سببت الآثار الاقتصادية الأولى لتصويت البريطانيين على الخروج من الاتحاد الأوروبي والمخاوف على المصارف الإيطالية توترا لدى المستثمرين العالميين ما يؤدي إلى تراجع البورصات وضعف واضح للجنيه الإسترليني والإقبال على شراء السندات. وتراجع الجنيه الإسترليني إلى دون العتبة الرمزية 1.3 دولار للجنيه الاربعاء ليصل إلى 1.29 حوالي الساعة السابعة بتوقيت غرينتش، أدنى مستوى منذ منتصف 1985. فالآثار الاقتصادية العملية الأولى لتصويت البريطانيين المؤيد للخروج من الاتحاد الأوروبي بدأت تظهر. وعلقت ثلاثة صناديق عقارية نشاطاتها يومي الإثنين والثلاثاء بسبب تدفق طلبات سحب أموال من قبل مستثمرين قلقين. وكشفت معطيات جمعت قبل وبعد الاستفتاء الذي جرى في 23 يونيو، أن نمو قطاع الخدمات المزدهر في بريطانيا سجل تباطؤا في يونيو. وحاول حاكم بنك إنجلترا مارك كارني الحاضر منذ الاستفتاء تهدئة المخاوف ودعا يوم الثلاثاء المصارف إلى تقديم الأموال لدعم اقتصاد تسوده مخاوف من الانكماش. ويبدو أن أسواق المال تمكنت من امتصاص صدمة هذا الاستفتاء الذي كانت تأمل أن تكون نتيجته مختلفة، لكن التصدعات واقعية. وقال ستيفن إينيس الذي يعمل في مجموعة «واندا غيجا باسيفيك» إنه «عندما تصورنا أن الهدوء عاد، بدأ الجنيه يهتز». أما مايكل هوسن من مجموعة «سي أم سي ماركيتس» فقال صباح الأربعاء «نرى ما يشبه مفعول الدومينو على الأسهم المعرضة للتعامل بالجنيه الإسترليني وبشكل أوسع على الأسهم التي تنطوي على مجازفة في العالم». ويبحث المستثمرون القلقون عن قيم آمنة مثل الين أو السندات التي أدى التدفق عليها إلى انخفاض مردودها بشكل آلي. وقال جون بلاسار مساعد مدير مجموعة ميرابو سيكيوريتيز إن «الكلمة قوية لكنها تتطابق تماما مع ما يحدث حول مردود السندات السيادية: إنها مجزرة». وانخفضت السندات الألمانية (بوند) إلى مستويات غير مسبوقة وسلبية (ناقص 0.2%). وللمرة الأولى تراجع معدل السندات اليابانية لعشرين عاما أمس ليصبح سلبيا وكذلك تراجع مردود السندات الألمانية لعشر سنوات الذي مازال إيجابيا لكنه يواصل تراجعه بعدما وصل يوم الثلاثاء إلى أدنى مستوى. وفي هذه الأوضاع فتحت البورصات الأوروبية على انخفاض. وخسرت كل من بورصتي باريس وفرانكفورت 0.87%، ولندن 0.23%، بينما أنهت بورصة طوكيو جلستها على انخفاض نسبته 1.9% بعد خسارتها أكثر من 3 بالمئة في بداية الجلسة. وإلى جانب الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي، يؤثر عامل آخر على الأسواق هو المصارف الإيطالية. فقد تراجعت في البورصة وتثير تساؤلات لدى المستثمرين حول ما إذا كانت ستسبب أزمة مالية جديدة في منطقة اليورو بينما يبدو أن هناك خلافا بين رئيس الحكومة ماتيو رينزي وشركائه الأوروبيين حول طريقة تمويل هذه المصارف. وقال فيليب هليديبراند نائب رئيس «بلاكروك» أكبر مؤسسة لإدارة الأصول في العالم، في مقال في صحيفة فايننشال تايمز إن «رينزي محق، هناك مشكلة مصرفية». وبدأت روما محادثات مع الاتحاد الأوروبي لدعم النظام المصرفي. لكن الاتحاد الأوروبي وألمانيا خصوصا يطالبان بأن تحترم الحلول المطروحة القواعد المتعلقة بمساعدة الدول. عمليا تطالب القواعد الجديدة بأن يدفع المساهمون والدائنون وأصحاب الودائع في المصارف، الأموال لإنقاذها بينما تفضل إيطاليا إنقاذا حكوميا أقل إيلاما للجمهور. وقال هوسن إن هذا «مزيج مسم يمكنه تركيع النظام المصرفي الأوروبي وحاليا يبدو أن السياسيين ليس لديهم أي فكرة عن الطريقة التي يمكنهم من خلالها حل المشكلة».
مشاركة :