توقع مسؤول مصرفي تراجع قيمة التحويلات المالية للمغتربين العرب في بريطانيا بعد قرار انفصالها عن الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي ستكون له تداعيات سلبية على اقتصادات الدول العربية المتلقية للتحويلات من بريطانيا. وأوضح لـ "الاقتصادية" وسام فتوح أمين عام اتحاد المصارف العربية أن قيمة تحويلات المغتربين العرب من بريطانيا إلى الدول العربية بلغت نحو 560 مليون دولار عام 2015، استحوذت مصر على نسبة 29.8 في المائة منها، يليها لبنان 27.5 في المائة، فالمغرب 8.7 في المائة، فاليمن 7.0 في المائة وبالتالي، فإن انخفاض سعر صرف الجنيه الاسترليني والتضخم المترتب عن ذلك، إضافة إلى احتمال ارتفاع نسبة البطالة في بريطانيا، من المتوقع أن يؤدي إلى انخفاض قيمة تحويلات العرب. وتوقع أن تأثيرا محدودا على المصارف العربية العاملة في بريطانيا، مؤكدا استمرار عمل هذه المصارف بشكل طبيعي، مشيرا إلى أن هذه المصارف غالبا ما تعمل لتلبية الاحتياجات التمويلية للشركات العربية والعرب المقيمين في بريطانيا وأوروبا. لكن قد تحقق هذه المصارف خسائر في محفظة قروضها المقومة بالجنيه الاسترليني نتيجة التراجع الحاد في قيمته إلى أدنى مستوياته منذ 31 عاما. وتابع فتوح، كما أن أثر الخروج على القطاع المصرفي العربي محدود أيضا نظرا لمحدودية انكشافه على الجنيه الاسترليني واليورو. لكن قد يؤثر خروج بريطانيا على قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي برفع الفائدة واختيار المسار القادم للسياسة المالية، ما يؤجل رفع أسعار الفائدة في لبنان والدول الخليجية وبالتالي يؤثر على ربحية المصارف. وسام فتوح واستبعد أمين عام المصارف العربية أي سحب للودائع المالية العربية في المصارف البريطانية، بل يمكن أن ترتفع في ظل توقعات رفع بنك إنجلترا لمعدلات الفائدة لجذب مزيد من الودائع المالية، ومنها العربية والخليجية، بهدف دعم القطاع المصرفي البريطاني، كما حصل بعد الأزمة المالية العالمية. وأشار إلى أن قرار رفع الفائدة يرتبط بتوقعات تراجع الاقتصاد البريطاني بأكثر من 5 في المائة، وقيام الأوروبيين بسحب رؤوس أموالهم من بريطانيا، وانخفاض سعر صرف الجنيه الاسترليني الذي قد يفقد 15 في المائة من قيمته على المدى المتوسط، بحسب معظم التقديرات. وقدر فتوح إجمالي استثمارات الأفراد والصناديق السيادية الخليجية في بريطانيا بنحو 200 - 250 مليار دولار، نسبة العقارات منها تفوق 23 في المائة ومن المتوقع أن تراوح الخسائر سواء في الاستثمارات العقارية أو أسواق الأسهم والسندات بين 10 و15 في المائة نتيجة انخفاض سعر صرف الجنيه الاسترليني بأكثر من 10 في المائة وهبوط سوق الأسهم بنحو 6 في المائة فور إعلان نتائج الاستفتاء، ما يؤدي إلى تراجع قيمة الأصول المقومة باليورو والجنيه الاسترليني. وأشار إلى أن التداعيات السريعة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ستظهر في أسواق المال وأسعار العملات، بينما تظهر تبعات الخروج على التجارة والاستثمار على المدى المتوسط والطويل. وتابع فتوح، لا يزال حجم الخسائر الفعلية التي قد يتكبدها المستثمرون والصناديق السيادية الخليجية على المدى المتوسط والطويل محاطا بالغموض، وذلك لأن معظم الاستثمارات العربية في بريطانيا، وخاصة الخليجية منها، تتركز في القطاع العقاري كالفنادق والمجمعات التجارية والمكتبية مثل متجر "هارودز"، وفندق "سافوي"، وناطحة السحاب "شارد"، إضافة إلى القصور والمنازل الفاخرة. وسيتوقف الأمر على مقدار التراجع في قيمة العقارات البريطانية الذي قد تراوح بين 10 و18 في المائة بحلول 2018. إلا أن فتوح توقع أن يكون قطاعا السياحة والعقارات في الإمارات، وخاصة دبي، الأكثر تأثرا بتراجع الجنيه الاسترليني واليورو نتيجة لقرار انفصال بريطانيا، حيث إن أوروبا الغربية تشكل 23 في المائة من حجم السياحة في دبي. أما من الناحية الاقتصادية والتجارية، فأشار أمين عام اتحاد المصارف العربية أن يؤدي انخفاض قيمة اليورو والجنيه الاسترليني إلى خفض قيمة الدين الخارجي للدول العربية المقوم باليورو أو الجنيه الاسترليني، إضافة إلى خفض تكلفة الواردات الأوروبية والبريطانية، ما يؤدي إلى انخفاض فاتورة الاستيراد، الأمر الذي يقلص العجز في الميزان التجاري وميزان المدفوعات، واحتمال خفض مستويات التضخم في الدول العربية التي تستورد من بريطانيا. ولفت إلى أن قرار الخروج قد يتيح عددا من الفرص والمكاسب الاقتصادية للدول العربية، خاصة دول مجلس التعاون الخليجي، تتمثل بتحسين شروط الاستثمار والقوة التفاوضية مع كل من الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، خصوصا فيما يتعلق باتفاقيات التجارة الحرة التي تهدف إلى تعزيز التجارة والاستثمار بين الطرفين. كما يوجد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فرصا استثمارية أمام المستثمرين الخليجيين خصوصا في السوق العقارية، بعد هدوء حالة الحذر وعدم اليقين الحالية، وذلك لأن انخفاض قيمة الجنيه الاسترليني مقابل الدولار الأمريكي يجعل العقارات والأصول البريطانية الأخرى أرخص وبالتالي أكثر جاذبية بالنسبة إلى المستثمرين من الدول الخليجية التي تربط عملاتها بالدولار الأمريكي. كما أن عودة الاقتصاد البريطاني إلى التعافي على المدى البعيد، سيؤدي إلى زيادة أسعار الأصول والعقارات في بريطانيا إضافة إلى ارتفاع قيمة الجنيه الاسترليني من جديد، ما يؤدي إلى تحقيق أرباح كبيرة للمستثمرين، في ظل توقعات بأن وزارة المالية البريطانية تخطط إلى خفض الضرائب على الشركات بشكل كبير من أجل تشجيع الشركات الدولية على الاستثمار في بريطانيا وذلك في مسعى لضمان استمرار التدفقات المالية إليها بعد الانفصال عن أوروبا.
مشاركة :