تبدو الفرصة سانحة أمام فرنسا للثأر من غريمتها ألمانيا المثقلة بإصاباتها في نصف نهائي كأس أوروبا 2016 لكرة القدم، غدا في مرسيليا، في موقعة منتظرة بين المضيفة وبطلة العالم. وصحيح أن ألمانيا، المتوجة على العرش العالمي في 2014. كانت ستبدو مرشحة قوية لانتزاع بطاقة التأهل إلى المباراة النهائية الأحد المقبل لملاقاة الفائز من مواجهة البرتغال وويلز، إلا أنها تعرضت لسلسلة من الصفعات بعد مباراة إيطاليا في دور الثمانية. خاض فريق المدرب يواكيم لوف مواجهة في غاية الصعوبة أمام المنتخب الإيطالي، وأنقذته ركلات الترجيح 6 - 5 بعد التعادل 1 - 1 في الوقتين الأصلي والإضافي، لكن قلب دفاعه الأنيق ماتس هوملز نال بطاقة صفراء ثانية ستحرمه خوض نصف النهائي. كما تعرض لاعب وسطه سامي خضيرة ومهاجمه ماريو غوميز لإصابتين قويتين، فيما يحوم الشك حول مشاركة لاعب الوسط الآخر وقائد الفريق باستيان شفاينشتايغر العائد أصلا من إصابة أبعدته عن الدور الأول. وستكون فرنسا في أمس الحاجة لدعم مشجعيها المتفانين في مرسيليا من أجل تجاوز الماكينات الألمانية، وهي تخوض اللقاء بمعنويات مرتفعة بعد اكتساحها الضيفة الجديدة آيسلندا 5 - 2 في دور الثمانية. وقال لوف إن النشوة الكبيرة التي تشعر بها فرنسا الدولة المضيفة لبطولة أوروبا 2016 بعد تأهلها للدور قبل النهائي تمثل حافزا إضافيا لفريقه قبل مواجهة المنتخبين. وأضاف لوف الذي قاد ألمانيا للفوز بكأس العالم 2014 في البرازيل للصحافيين «مثل هذه المباريات تكون رائعة». وتابع: «يشكل هذا حافزا بالنسبة لنا. أقصد بسبب حالة النشوة (التي تعيشها فرنسا). كانت الأمور مشابهة في البرازيل في الدور قبل النهائي (لكأس العالم 2014) أمام دولة يبلغ عدد سكانها 200 مليون نسمة. قدمنا أداء جيدا أمامهم». وصحيح أن فرنسا فازت على ألمانيا 6 - 3 في أولى مواجهاتهما في البطولات الكبرى، لكنها كانت في مباراة هامشية لتحديد المركز الثالث في مونديال 1958. بعدها، عقد الألمان حياة الفرنسيين في ثلاث مناسبات، الأولى في مواجهة تاريخية في نصف نهائي مونديال 1982 انتهت بالتعادل 3 - 3 وشهدت أحداثا درامتيكية ثم انتهت بركلات ترجيح ابتسمت للألمان 5 - 4. وفي نصف نهائي مونديال 1986 سقط ميشال بلاتيني ورفاقه مرة ثانية أمام ألمانيا صفر – 2 آخر مواجهات البطولات الكبرى بين الطرفين، حسمتها ألمانيا أيضا في دور الثمانية بمونديال البرازيل 2014 بهدف هوملز الغائب عن مباراة اليوم لإيقافه. تحمل ألمانيا سجل إنجازات خارقة، فهي بطلة العالم أربع مرات آخرها في 2014، وأوروبا ثلاث مرات آخرها في 1996، فيما توجت فرنسا بلقب المونديال مرة وحيدة على أرضها في 1998، وكأس أوروبا عام 1984 على أرضها أيضا و2000. استهلت ألمانيا مشوارها بالفوز على أوكرانيا 2 - صفر بهدفي شكودران مصطفي وباستيان شفاينشتايغر ثم تعادلت مع بولندا سلبا، قبل أن تضمن صدارة مجموعتها بفوز ضيق على آيرلندا الشمالية بهدف مهاجمها ماريو غوميز. وفي الدور الثاني، سحقت سلوفاكيا بثلاثية مدافعها جيروم بواتنغ وغوميز والمتألق يوليان دراكسلر. وفي دور الثمانية، تقدمت عبر مسعود أوزيل قبل أن تعادل إيطاليا، ويتألق حارسها مانويل نوير بإبعاد ركلتي ترجيح من أصل أربع محاولات فاشلة للطليان. في المقابل، كان المشوار الفرنسي أقل صخبا، إذ احتاجت إلى هدف رائع من ديمتري باييه، أحد أبرز نجوم الدورة، لإنقاذها أمام رومانيا افتتاحا (2 - 1)، ثم هدفين في الوقت الضائع من أنطوان غريزمان وباييه لتخطي ألبانيا المتواضعة 2 - صفر قبل أن تتعادل مع سويسرا سلبا. وفي دور الستة عشر، عانت متاعب كبرى أمام جمهورية آيرلندا فتخلفت بعد دقيقتين بركلة جزاء عوضها غريزمان بثنائية رائعة في الشوط الثاني. وخاض رجال المدرب ديدييه ديشامب أفضل مبارياتهم في دور الثمانية، فتقدم الآيسلنديين برباعية نظيفة في الشوط الأول، قبل حسمها 5 - 2 بثنائية لجيرو وأهداف من بول بوغبا وباييه وغريزمان الذي تصدر ترتيب الهدافين (4). يقول مهاجم ألمانيا توماس مولر الذي عانده الحظ حتى الآن في هذه البطولة: «بالنسبة لنا لسنا خائفين. نعرف أن فرنسا لديها كثير من اللاعبين الموهوبين، لكنها تحت الضغط بسبب الاستضافة». وتابع لاعب بايرن ميونيخ: «نحترمهم، لكني متفائل بإيجاد حلول (للإصابات)». في ظل غياب هوملز الموقوف، وغوميز وخضيرة المصابين في المغبن والفخذ على التوالي، وشفاينشتايغر لإجهاد في ركبته، تبدو مهمة المدرب يواكيم لوف حساسة. فبعد تعديل خطته كي تتناسب مع مكامن القوة الإيطالية إلى 3 - 5 - 2. قد يعود إلى خطته الأساسية 4 - 2 - 3 - 1 أو يبقي على التكتيك السابق من خلال الدفع بشكودران مصطفي بدلا من هوملز إلى جانب جيروم بواتنغ وبنديكت هويديس. وبدلا من غوميز، يرجح إشراك ماريو غوتزه الذي لم يقدم المطلوب منه في الدور الأول، أو الدفع بمولر في رأس الحربة. لكن السؤال الأصعب يبقى حول هوية بديل خضيرة في الوسط للعب إلى جانب المتألق طوني كروس، ويبدو الشاب يوليان فايغل صاحب فرصة أكبر من إيمري جان، برغم أن فايغل (20 عاما) لم يخض سوى مباراة دولية واحدة، فيما قدم جان (22 عاما) موسما جيدا مع ليفربول الإنجليزي وخاض 6 مباريات دولية. وبالنسبة لفرنسا، يعود إلى صفوف الزرق قلب الدفاع عادل رامي ولاعب الوسط نغولو كانتي بعد انتهاء إيقافهما، بيد أن الأداء الجيد الذي قدمه قلب الدفاع الشاب صامويل أومتيتي المنتقل أخيرا من ليون إلى برشلونة الإسباني، في مباراة آيسلندا، قد يدفع ديشامب لتركه في التشكيلة الأساسية. وقال مهاجم آرسنال الإنجليزي أوليفييه جيرو، صاحب ثلاثة أهداف حتى الآن: «نريد أن نكتب فصلا جديدا في تاريخ الكرة الفرنسية»، فيما عنونت صحيفة «ليكيب» الواسعة الانتشار: «متعطشون للثأر». وقال نوير عن مهاجم فرنسا أوليفييه جيرو الذي سجل آخر 3 مرات في مرماه مع فرنسا أو فريقه آرسنال الإنجليزي: «هو لاعب صياد داخل منطقة الجزاء. قوي في الهواء وخطير على مدافعي الوسط، لكننا نعرفه وسنكون مستعدين له». لم يسامح الفرنسيون الألمان بشأن ما حصل في نصف نهائي مونديال 1982. حفلت المواجهة الحدث بكل شيء في عالم المستديرة: أهداف استعراضية، التحامات بدنية قاسية، عودة دراماتيكية واحتكام المنتخبين إلى ركلات ترجيحية لتحديد هوية الفائز. خلال المباراة تلقى البديل باتريك باتيستون كرة بينية وانفرد بالحارس هارالد شوماخر وسدد باتجاه المرمى، لكن الأخير صدمه بعنف عمدا، فوقع على الأرض دون أن يحرك ساكنا في الوقت الذي لامست فيه الكرة القائم. أغمي على باتيستون ولم يحرك ساكنا، فظن زملاؤه أنه توفي وصرخ بلاتيني طالبا النجدة، في الوقت الذي نهض فيه شوماخر ولم يكترث بما فعل وراح يلاعب الكرة. واضطر المدرب ميشال هيدالغو إلى القيام بالتغيير الاضطراري الثاني فأدخل كريستيان لوبيز. تقدمت فرنسا 3 - 1 لكن ألمانيا أدركت التعادل في الوقت الإضافي وابتسمت لها ركلات الترجيح. التقى المنتخبان 27 مرة، ففازت فرنسا 12 مرة مقابل 9 لألمانيا و6 تعادلات، علما بأن مواجهتهما الأخيرة كانت يوم الاعتداءات المشؤومة في العاصمة الفرنسية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ويوم ذاك فازت فرنسا 2 - صفر بهدفي جيرو وأندريه - بيار جينياك. والتقى الفريقان مرة وحيدة في مرسيليا عام 1968 وتعادلا 1 - 1. وفي حال مشاركة الفرنسي الشاب كينغسي كومان، قد يواجه زملاءه في بايرن ميونيخ نوير وبواتنغ وجوشوا كيميش وغوتزه ومولر، في حين لن يواجه باتريس إيفرا وبول بوغبا زميلهما في يوفنتوس الإيطالي سامي خضيرة لإصابة الأخير، على غرار الفرنسي أنطوني مارسيال وشفاينشتايغر لاعبي مانشستر يونايتد الإنجليزي، فيما سيتنافس الألماني مسعود أوزيل مع زميليه في آرسنال جيرو والمدافع لوران كوسيليني.
مشاركة :