أصر الشيخ يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أن يبقي الباب مواربا بعدم تراجعه أو تأكيده لفتواه السابقة التي أطلقها والتي تجيز العمليات الانتحارية، التي حددها بالعمليات الانتحارية تجاه إسرائيل. وجاء رد القرضاوي في تغريدة على وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد حينما قال في تغريدة له «هل تذكرون تحريم الشيخ الجليل بن باز رحمه الله للعمليات الانتحارية، هل تذكرون مفتي الإخوان القرضاوي عندما حرض عليها»، ليأتي الرد من القرضاوي قائلا: «ردا على عبد الله بن زايد أني أشجع العمليات الانتحارية، خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين.. نعوذ بالله من شر الشياطين إذا ما انحلت أصفادها». وانتقد علماء في الأزهر في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أمس، رد القرضاوي الذي اعتبروه مكابرة منه وعدم تراجعه عن فتاواه السابقة، مشيرين بقولهم «القرضاوي يعتبر تراجعه عن فتاواه المحرضة على العنف عيبا كبيرا، ويشعر أن الذي يقوله هو الحق ويصر على عناده»، موضحين أن «فتاواه لها هيمنة على وجدان الناس، وخطورته أن بعض أنصاره يعتبرونه المفتي الأول في العالم.. وأن الفتاوى القتالية المخالفة التي يطلقها هي صحيح الدين». واعتبر هؤلاء العلماء أن القرضاوي رجل «التناقضات»، ويرون أنه شخصية متناقضة للغاية، فقد أدخل نفسه في خصومات عدة مع علماء دين مرموقين بالعالم الإسلامي، ودائما ما ينتقد الأنظمة العربية. وقال الدكتور محمد طه عصر، الأستاذ بجامعة الأزهر لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن «القرضاوي يعتبر تراجعه عن فتاواه المحرضة على العنف عيبا كبيرا ويشعر أن الذي يقوله هو الحق وأنه على صواب، فضلا عن أن العزة بالنفس تأخذه وتجعله يرفض التراجع عن آرائه السابقة»، موضحا أن فتاواه لها هيمنة على وجدان الناس، وخطورته أن بعض أنصاره من الجماعات الإرهابية يعتبرونه المفتي الأول في العالم، ويأخذون فتاواه على أنها صحيح الدين. وسبق أن وجه القرضاوي دعوة المسلمين في أنحاء العالم في كل مكان من «إندونيسيا وماليزيا ونيجيريا والسنغال وباكستان وبنغلاديش والهند والصومال وفي العراق وإيران وليبيا وتونس وسوريا وفي لبنان وفلسطين والأردن» وفي كل بلاد الدنيا، ليكونوا «شهداء». وفي 14 أغسطس (آب) عام 2013 ظهر القرضاوي على قناة «الجزيرة» عقب فض اعتصام لجماعة الإخوان في القاهرة بعد عزل الرئيس المخلوع محمد مرسي، للتحريض على الحرب الأهلية ودعوة المصريين للاقتتال، ووصف ذلك حينها بأنه «فرض عين على كل مسلم مصري قادر ومؤمن بأن يترك منزله». في حين أرجع الشيخ رسمي عجلان، من علماء الأزهر، عدم تراجع القرضاوي حتى وقتنا هذا عن فتاوى العمليات الإرهابية إلى «العناد» والحرص على أن يظل في صدارة المشهد العام، لافتا إلى أن «من ضل من العلماء وهو على علم مشكلة كبرى وجريمة (موجها كلامه للقرضاوي)»، كاشفا عن أن مسألة تمسك القرضاوي (90 عاما) بفتاواه المحرضة على العنف، مسألة فيها حرص منه على الدنيا وليس الآخرة، خصوصا أن سنه كبرت وأصبح قاب قوسين من القبر.. وأرد عليه «ألم يأتك نذير، هل شعرك لم يصبه الشيب؟ العبر كثيرة وما زلت مُصرا على العناد». وخاطب عجلان القرضاوي بقوله: «لا تنس أن كل ذلك عند الله لا يساوي جناح بعوضة.. ومن الواجب أن تتراجع عن هذه الفتاوى التي تدعو لسفك الدماء والترويع». واشتهر الشيخ يوسف القرضاوي منذ أحداث 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001 في أميركا، باعتباره المرشد العام للانتحاريين حول العالم.. ونصت فتوى سابقة للقرضاوي على أنه «ينبغي التأكد من وجود الناس في المنطقة المستهدفة (أي من العملية الإرهابية) وأن يكون الناس من حفدة القردة والخنازير - على حد تعبيره -». وشجع الفلسطينيين من قبل على تفجير أنفسهم بدعوى أن هذا هو من أنواع «الجهاد». كما شدد القرضاوي على أن كل من سيعمل بفتواه فعليه أن يبعث بسلامه وتحياته الخاصة لأحمد ياسين وحسن البنا وسيد قطب، وجميع مؤسسي الإخوان الذين رحلوا، قائلا: «إذا كان العالم الغربي عندهم قنابل ذرية فنحن عندنا قنابل بشرية، في إشارة إلى الانتحاريين الذين يعملون بفتاواه». وأفتى القرضاوي من قبل للجنود المسلمين في الجيش الأميركي بقتل المسلمين في أفغانستان بدعوى محاربة الإرهاب. وأضاف عجلان لـ«الشرق الأوسط»، أمس: «يجب على القرضاوي أن يخرج الآن وليس غدا وأن ينطق بالحق لأنه هو من شجع على الفتاوى القتالية المخالفة»، لافتا إلى أن فتاوى القرضاوي جاذبة للمقاتلين لأنهم يعتبرونه من كبار علماء المسلمين في العالم العربي والإسلامي، ويلبس عمامة الأزهر وكان عضوا بهيئة كبار العلماء بمصر قبل إقالته منها، ويشغل منصب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، مشيرا إلى أنه «عندما يتحدث عالم دين للعناصر الإرهابية بأن هذه العمليات والقتل والعنف حرام، يردون على الفور: إن من قالها القرضاوي»، موضحا أن «الجماعات الإرهابية تستخدم فتاوى القرضاوي استخداما سيئا».
مشاركة :