مسافي الفجيرة.. لوحات طبيعية خلابة بأنامل التاريخ

  • 7/8/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الفجيرة: بكر المحاسنة تتمتع منطقة مسافي الفجيرة التي تقع بين أعلى جبال الدولة، بالهدوء والطبيعة الساحرة التي تأسر الألباب، بجوها المعتدل صيفاً ومنعدم الرطوبة تقريباً، وغزارة الأمطار معظم أيام العام، فضلاً عن وقوعها على مجرى الأودية، ما جعلها مرتعاً للمناظر الخلابة والمزارع الخضراء التي تطرح مختلف المحاصيل من النخيل والخضراوات. وتعد مسافي أيضاً منطقة سياحية يأتي إليها السياح والزوار من داخل الدولة وخارجها، فهي تتمتع بمقومات سياحية تاريخية وطبيعية وتسويقية عدة، نظراً لوجود سوق الجمعة الذي يحظى باهتمام كبير من الزوار والسياح للإمارة. الخليج زارت المنطقة للتعرف أكثر إليها وإلى مواقعها التاريخية والسياحية وللتمتع بمناظرها الطبيعية الجبلية والتاريخية التي تبهر الناظرين، وتسر العين وتريح النفس.. سالم عبيد راشد السلامي، من أهالي المنطقة، يقول: مسافي نالت الحظ الوافر من التطور والتحديث الذي طال أرجاء الدولة، فانتهت المعاناة التي عرفها الأهالي قديماً، إذ انتشرت المدارس الحكومية والعيادات الصحية ودوائر المؤسسات المحلية والاتحادية في مسافي والمناطق المجاورة لها، فضلاً عن بناء المساكن الجديدة والطرق، كما توفرت خدمات الكهرباء والمياه والإنترنت والاتصالات وسبل العيش الكريم، بفضل توجيهات المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، وأخيه الشيخ محمد بن حمد الشرقي، رحمه الله، وتوجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي، عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة، وسمو الشيخ محمد بن حمد بن محمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة، الذين لم يقصروا يوماً في تقديم أي احتياجات، ولم يقصروا يوماً في توفير سبل العيش الكريم، فأصبح المواطن يعيش حياة سعيدة وأكثر أماناً وراحة عما كان عليه في الماضي. ويشير إلى أن المنطقة عُرفت بالزراعة بأنواعها وتربية الحيوانات وجمع الحطب وصناعة الفحم منذ القدم، فضلاً عن جمع العسل البري من الجبال وبيعه في أسواق الفجيرة ورأس الخيمة والشارقة، فالمنطقة تشتهر بوجود ينابيع ووديان غزيرة بالمياه، مما أسهم في انتشار المزارع بنسبة كبيرة، واهتمام أهلها بمهنة الزراعة حتى وقتنا الحاضر. وتتميز مسافي بزراعة أشجار النخيل ونبات الغليون والمانجو والليمون والسدر وحبوب الذرة والشعير والغليون وخضروات عدة كالطماطم والفلفل والخيار وغيرها من المحاصيل، وكان الأهالي يقومون بأعمال الحراثة والسقي والعناية بالأشجار وفرش الأرض للزراعة، وكان الاعتماد في الري على الأمطار والأفلاج، كما اعتمدوا تربية المواشي وتسويق منتجاتها في سوق الجمعة الذي ما زال يجتذب العديد حتى وقتنا الحاضر، بحسب السلامي. اختلاف حياة الماضي عن الحياة في الوقت الحاضر، يحدثنا عنها الوالد محمد سعيد محمد القايدي، ويقول: عشنا في الماضي بمنطقة مسافي حياة صعبة وقاسية، نظراً لطبيعة المنطقة الجبلية، ولعدم وجود مصادر رزق متعددة، فانحصر مصدر الرزق في الزراعة بأنواعها، خصوصاً التمور ونبات الغليون وبيعه، إضافة إلى رعي وتربية الماشية وجمع الحطب والعسل البري، وكان سكن الأهالي في الماضي عبارة عن منازل بدائية تقليدية صغيرة، في الشتاء تكون عبارة عن منازل مبنية من المواد المحلية، كالطين والحجارة، أما في الصيف، فتكون المنازل عبارة عن بيوت من العريش تقام بالقرب من المزارع أو على تلال المنطقة، كما كانت الحياة بسيطة، ولا يوجد فيها عناء ولا تكلف ولا مسؤوليات مثل التي نعيشها اليوم. وعن التعليم قديماً، يقول راشد محمد سعيد، أحد سكان المنطقة: لم تكن هناك مدارس، وإنما التعليم كان على يد كبار السن من المطاوعة، ويكون عبارة عن حلقات دينية وتعليم القرآن في مسجد القرية، أما في عام 1970 فكان أبناء منطقة مسافي والمناطق المجاورة يدرسون في مدرسة مسافي الثانوية للبنين النموذجية للتعلم، وكانت الدولة تقدم للطلاب في ذلك الوقت وجبة غذائية متنوعة سندويشات الجبن والمربى والتمر والفواكه، وتقدم أيضاً الملابس الصيفية والشتوية، كما كانت تقدم بعض المعونات المادية للأيتام والمتعففين، وتوفر لهم الكراسات والكتب التي كانت تحوي منهج الكويت. أما اليوم، فانتشر التعليم وتطور من جميع النواحي وأصبح هناك مدارس عدة لجميع الفئات العمرية في المنطقة وأصبح أبناء مسافي من الطلبة المتميزين والمبدعين في جميع المجالات، وأصبح من أبناء المنطقة الطيار والمهندس والدكتور والمعلم والشعراء والأدباء. ويشير إلى أن منطقة مسافي تتميز بطبيعة خلابة وجميلة، نظراً لوجودها بين الجبال العالية التي تنتشر بداخلها المزارع الخضراء وأشجار السمر والسدر والغاف البرية كما تتميز بطقسها الجميل، وتعد من أهم المناطق التي ما زالت تحافظ على طبيعتها الأصلية البعيدة عن الضوضاء والتلوث البيئي، مشيراً إلى تميز بالهدوء والمناخ المعتدل صيفاً وشتاء وانعدام الرطوبة فيها، وفق سعيد. سيف راشد أحمد الدهماني، أحد أبناء المنطقة، يقول: تتميز مسافي باحتضانها مواقع أثرية وتاريخية عدة، أهمها قلعة مسافي التاريخية التي تعود إلى عام 1450، والمنازل القديمة التي تعبر عن التاريخ المجيد للأجداد والآباء، وهي مبنية من الطين والحجارة وصاروج النخيل، وتقع على تل صغير ومنخفض الارتفاع وهي مربعة الشكل وتضم برجاً دائري الشكل في زاويتها الجنوبية الغربية، ويبلغ ارتفاع الجزء المتبقي منه نحو 7 أمتار وطول قطره من الداخل 5 أمتار، إضافة إلى غرف متعددة بنيت في فترات مختلفة، كما توجد أفلاج مائية اكتشفها فريق الآثار الياباني أسفل القلعة مباشرة يصل طولها إلى بضعة كيلومترات ويعود تاريخها إلى نهايات الألف الأول قبل الميلاد، فهي تشكّل سجلاً تاريخياً، إذ عرفها التجار والقادة والحكام منذ آلاف السنين، لذلك حملت تفاصيل الحياة في المنطقة. وظلت القلعة المعلم الرئيسي للمنطقة ومركزاً تاريخياً لأهليها حتى العصر الحديث. ويؤكد الدهماني، أن المنطقة كانت موطناً للعديد من السكان بسبب موقعها الاستراتيجي في أعلى جبال الإمارات وكثرة الأراضي الزراعية وعيون المياه والبرك فيها، وكانت تقع على الممر الواقع بين الساحل والأراضي الداخلية عبر فترات التاريخ المتعاقبة، لذلك بنيت قلعة مسافي لتكون نقطة ارتكاز لحماية المنطقة والحفاظ على أراضيها الزراعية. كنز من الماض يقول محمد ناصر محمد، من أهالي المنطقة: تتميز المنطقة باحتضانها سوق الجمعة الذي يعد واحداً من أكبر الأسواق الشعبية المعروفة على مستوى الدولة، ويأتي إليه الزوار والسياح من مختلف أنحاء العالم، وهو يعتبر كنزاً من كنوز الماضي، فهو أقيم منذ أكثر من 100 عام وتوارث العمل به الأجداد حتى الأبناء، ويأتي الزبائن إليه لشراء الأسماك الجافة والمالح التي مازالت تباع حتى وقتنا الحاضر في سوق الجمعة، وكان أهل البحر يأتون لشراء التمور ومنتجات الحيوانات من سمن عربي وصوف وغيره، ولشراء المنتجات التي اشتهرت بها مناطق الفجيرة منذ مئات السنين، ومازالت حتى وقتنا الحاضر تباع أنواع التمور والحمضيات والموز والجوافة والنبق والطماطم والبصل والخيار، والمحاصيل التي تأتي من مزارع الأهالي بأقل الأسعار. ويضيف: هناك العديد من الزبائن من أبوظبي ودبي والشارقة، إلى جانب السياح من جميع الجنسيات يقصدون محال سوق الجمعة منذ سنوات.

مشاركة :