استقرت أسعار النفط الخام أمس في تعاملات متقلبة، لكن خام القياس العالمي برنت تكبد أكبر خسارة أسبوعية منذ كانون الثاني (يناير) على الرغم من بيانات قوية بشأن الوظائف في الولايات المتحدة وإقبال المستثمرين على تصيد الصفقات وذلك في مواجهة ضعف موسمي في استهلاك الخام. وبحسب "رويترز"، فقد ارتفعت سوق النفط في البداية نحو 1 في المائة بعدما سجل الاقتصاد الأمريكي أكبر زيادة في الوظائف في ثمانية أشهر في حزيران (يونيو) وبفعل مخاوف بسبب هجمات جديدة شنها متشددون على منشآت نفط في نيجيريا، غير أن مكاسب الخام تبددت مع عودة القلق بشأن تخمة الإمدادات. وجرى تداول العقود الآجلة لبرنت مرتفعة 20 سنتا أو 0.4 في المائة عند 46.60 دولار للبرميل بعدما تراجعت في وقت سابق إلى 46.15 دولار للبرميل، وارتفع الخام الأمريكي 15 سنتا إلى 45.29 دولار للبرميل بعدما نزل في وقت سابق إلى 44.77 دولار، وعلى الرغم من تكبد برنت والخام الأمريكي خسارة أسبوعية بنحو 8 في المائة هي الأكبر لبرنت منذ كانون الثاني (يناير). وجاء صعود الأسعار في التعاملات الآسيوية بعد أن منيت بخسائر بلغت 5 في المائة في الجلسة السابقة بعد أن أظهرت بيانات للحكومة الأمريكية انخفاضا في مخزونات الخام جاء أقل من معظم التوقعات. لكنّ متعاملين قالوا، إن هبوط الأسعار في الجلسة السابقة ردا عن الانخفاض في المخزونات كان مبالغا فيه؛ لأن مخزونات الخام هبطت الآن لشهرين متتاليين تقريبا، كما أن إنتاج النفط الأمريكي تراجع مجددا، وهبط إنتاج الخام الأمريكي بنسبة 12.3 في المائة منذ أن سجل أعلى مستوياته في 2015 وبنسبة 8.7 في المائة منذ كانون الثاني (يناير) هذا العام ليصل إلى 8.43 مليون برميل يوميا وهو أدنى مستوى منذ حزيران (يونيو) 2014. وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، إن مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة هبطت 2.2 مليون برميل في الأسبوع المنتهي أول تموز (يوليو) متراجعة بذلك للأسبوع السابع على التوالي، وجاء ذلك أقل قليلا من توقعات محللين في استطلاع إذ توقعوا انخفاضا قدره 2.3 مليون برميل لكنه أقل كثيرا من التراجع الذي ذكره معهد البترول الأمريكي أمس الأول عند 6.7 مليون برميل. وأفادت إدارة معلومات الطاقة أن مخزونات البنزين هبطت 122 ألف برميل وهو نحو ثلث توقعات السوق ما دفع العقود الآجلة للبنزين إلى التراجع أيضا، وشهدت مخزونات الخام بمركز التسليم للعقود الآجلة الأمريكية في كاشينج بولاية أوكلاهوما انخفاضا متواضعا بلغ 82 ألف برميل. وأظهرت بيانات بشأن التجارة الخارجية من مكتب الإحصاء الأمريكي أن صادرات النفط الخام ارتفعت لمستوى قياسي بلغ 662 ألف برميل يوميا في أيار (مايو) من 591 ألفا في نيسان (أبريل)، حيث بلغت الصادرات لكندا 308 آلاف برميل يوميا تليها الصادرات إلى هولندا التي بلغت 110 آلاف برميل وجزيرة كوراكاو 67 ألف برميل يوميا. ومن بين الوجهات الرئيسة الأخرى للصادرات المملكة المتحدة التي استوردت 36 ألف برميل يوميا واليابان التي استوردت 29 ألف برميل يوميا وإيطاليا التي استوردت 23 ألف برميل يوميا، ووفقا للبيانات الحكومية الأمريكية فقد بلغت الصادرات الإجمالية أعلى مستوى مسجل منذ 1920 على الأقل. وجاء ارتفاع صادرات الخام لمستوى قياسي بعد رفع حظر استمر عشرات السنين على الصادرات الأمريكية في كانون الثاني (يناير) الماضي، ومنذ ذلك الحين باع تجار ومنتجون وشركات تكرير الخام إلى مناطق منها أمريكا اللاتينية وأوروبا وآسيا. وأشار محللون إلى انخفاض قيمة العملة الأمريكية كأحد أسباب ارتفاع أسعار النفط لكن متعاملين حذروا من أن تباطؤا اقتصاديا وتخمة في المعروض من المنتجات المكررة تلقي بظلالها على أسواق النفط، وأظهرت البيانات انخفاضا في الإنتاج الصناعي في ألمانيا بشكل غير متوقع في أيار (مايو) بنسبة 1.3 في المائة في أقوى هبوط شهري له منذ آب (أغسطس) 2014 بما يشير إلى أن أكبر اقتصاد في أوروبا فقد الزخم في الربع الثاني بعد بداية قوية مفاجئة في بداية العام. من جهة أخرى، ذكرت منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أن سعر سلة خاماتها تراجع 17 سنتا ليصل إلى 44.18 دولار للبرميل مقابل 44.35 دولار الأربعاء، مضيفة أن المعدل السنوي لسعر السلة للعام الماضي بلغ 49.64 دولار للبرميل. وتضم سلة "أوبك" التي تعد مرجعا في مستوى سياسة الإنتاج خام صحارى الجزائري والإيراني الثقيل والبصارة العراقي وخام التصدير الكويتي وخام السدر الليبي وخام بوني النيجيري والخام البحري القطري والخام العربي الخفيف السعودي وخام مريات والخام الفنزويلي وجيراسول الأنجولي وأورينت الإكوادوري وميناس الإندونيسي. وبلغت العلاوة السعرية لمزيج برنت فوق خام دبي أدنى مستوى لها في ثلاثة أشهر أمس، وذكرت المصادر أن الفرق بين خامي برنت ودبي في عقود أيلول (سبتمبر) بلغ 2.90 دولار للبرميل بانخفاض قدره 32 سنتا عن تسوية أمس الأول، ومن شأن تقلص الفارق في السعر تشجيع شركات التكرير الآسيوية على شراء المزيد من الخامات المرتبطة بخام برنت بعيدا عن تلك المرتبطة بخام دبي التي تنتجها منطقة الشرق الأوسط وروسيا. وكان وزراء نفط "أوبك" أوصوا في ختام اجتماع وزاري في فيينا في الثاني من شهر حزيران (يونيو) الماضي الدول الأعضاء بضرورة متابعة تطورات سوق النفط بدقة خلال الأشهر المقبلة مع عدم تحديد سقف إنتاجي محدد ما يشير إلى استمرار معدلات الإنتاج وفق وتيرتها الحالية التي تبلغ أكثر من 32 مليون برميل يوميا والاتفاق على عقد اجتماع وزاري جديد في 30 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وارتفع إنتاج منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) من النفط خلال حزيران (يونيو) الماضي في أعقاب تحسن إنتاج نيجيريا بعد إصلاح الأضرار التي أصابت البنية التحتية لقطاع النفط نتيجة هجمات المسلحين عليها. وذكرت وكالة بلومبرج للأنباء الاقتصادية أن متوسط إنتاج نيجيريا ارتفع بمقدار 90 ألف برميل يوميا إلى 1.53 مليون برميل يوميا مقارنة بالشهر السابق، وكانت نيجيريا قد تمكنت من إصلاح بعض أنابيب النفط التي تعرضت لإشعال النار بسبب هجمات المسلحين على المنشآت النفطية في منطقة دلتا نهر النيجر. في الوقت نفسه ارتفع إنتاج السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم إلى 10.33 مليون برميل يوميا خلال الشهر الماضي بزيادة قدرها 70 ألف برميل يوميا، حيث يزيد إنتاج الخام في السعودية خلال فصل الصيف لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء في البلاد. وارتفع إنتاج ليبيا بمقدار 40 ألف برميل إلى 320 ألف برميل يوميا، وكان الإنتاج قد شهد اضطرابا خلال أيار(مايو) الماضي نتيجة وقف شحن النفط الليبي من ميناء مرسى الحريقة النفطي بسبب الخلافات بين مسؤولي قطاع النفط في الجزء الشرقي من ليبيا، وسجل العراق أكبر تراجع في إنتاجه النفطي خلال الشهر الماضي بمقدار 70 ألف طن إلى 4.3 مليون برميل يوميا، واستقر إنتاج إيران عند مستوى 3.5 مليون برميل يوميا.
مشاركة :