عقمت طبيبة الأسنان المصرية منار سرحان يدها وأجهزتها الطبية بعد انتهائها من حشو ضرس مريض قبل العودة إلى منزلها لمتابعة لقاء ضمن بطولة كأس أمم أوروبا 2016 (يورو 2016) ستحلله فنياً لمصلحة صحيفة رياضية، في عمل غير مسبوق للسيدات في مصر. وتظهر سرحان (27 عاماً) في شكل شبه أسبوعي لتحليل مباريات الكرة الأوروبية على فضائية مصرية خاصة، لتنافس بذلك كبار المحللين من لاعبي كرة القدم السابقين الذين يحتكرون هذا المجال في مصر. وتقول الطبيبة في صوت خجول في مقابلة مع وكالة «فرانس برس» في عيادة خاصة تعمل بها في شكل غير دائم: «اخترت مهنة طبيبة الأسنان بعقلي، لكن كرة القدم هي شغفي وحبي». وتضيف وهي تفحص أسنان مريضها بتركيز: «سعيت في البداية للعب الكرة، لكنني لم أجد فرصة جيدة في مصر، وأعتقد أن تخصصي في التحليل الكروي يعوضني كثيراً عن ذلك». وبدأت سرحان العمل في الصحافة الرياضية بشكل تطوعي في العام 2002 باستخدام كاميرا متواضعة لتصوير مقاطع فيديو لحساب موقع إلكتروني لناديها المفضل الزمالك، وسعت لاحقاً إلى الكتابة لمصلحة مواقع إلكترونية رياضية، قبل ان تحترف التحليل في صحف عدة، وباتت تظهر على برامج الفضائيات الرياضية. وتشرح تقارير سرحان طرق اللعبة المختلفة ونقاط التحول في المباريات، بالإضافة إلى تضمينها إحصاءات ومقارنات بين أبرز اللاعبين والمدربين. وتعمل سرحان صباحاً في مركز طبي حكومي، وفي أوقات اخرى في عيادة خاصة تملكها صديقتها، إلا انها تتفرغ مساء لمتابعة المباريات والقراءة في آخر مستجدات كرة القدم. وتقول ضاحكة: «صباحاً أنا طبيبة أسنان ومساء محللة كرة. المجهود كمحللة كروية أكبر على رغم ان العائد المادي أقل». وتعتبر طب الاسنان مهنة مربحة وتحظى بالتقدير في مصر، لكن دخولها مجال التحليل الكروي لم يكن سهلاً، إذ توضح: «المجال أصلاً صعب للشبان الذكور، فما بالك بالنسبة إلى بنت، لكن هذا ما دفعني إلى اثبات نفسي أكثر». وتشير سرحان إلى أنها في البداية «تعرضت للسخرية. كانوا يقولون لي البنت مكانها المطبخ»، الا ان عشرات من متابعيها على موقع «تويتر» الآن يلجؤون إليها الآن للتأكد من ادق تفاصيل الكرة الاوروبية. وتحظى مباريات كبرى الاندية الاوروبية بمتابعة كثيفة في مصر، خصوصا مع اقتصار حضور الجمهور في ملاعب مصر على بعض المباريات الدولية للفريق الوطني او بعض مباريات الاندية في البطولات الافريقية. وتقول سرحان إنها «حريصة على تقديم معلومات جديدة ودقيقة سواء في الجانب التدريبي أو نظام اللعب بعيداً من كلام التحليل التقليدي». ودفع الشغف بكرة القدم وخصوصاً ريال مدريد سرحان إلى تعلم اللغة الاسبانية لتتمكن من متابعة الكرة الاسبانية عن كثب من مصدرها. وتقول: «أردت أن أتابع وأعرف أكثر، خصوصاً ان لا مصادر مباشرة كثيرة دقيقة بالانكليزية. فقررت تعلم الاسبانية». وتتابع: «اعطاني هذا الامر ميزة كبيرة، لأنني أصبحت أنقل الاخبار بدقة وسرعة أكبر، وهو ما ساعدني أيضاً على التواصل مع صحافيين ولاعبين اسبان على تويتر». وتخطط سرحان اليوم إلى تعلم اللغتين الايطالية والبرتغالية لتوسيع مجال متابعتها للكرة الاوروبية. وهي تتابع باستمرار دوريات الشباب الاسبانية ومباريات الفرق غير المشهورة لترصد اللاعبين المميزين. ولا تعارض اسرة طبيبة الاسنان احتراف ابنتها تحليل مباريات كرة القدم بل تشجعها. وتقول الوالدة ماجدة الهواري بفخر واضح: «منار تحب الكرة منذ صغرها. كنت أريدها ان تكمل دراستها في مهنتها، إلا أنها سعيدة في مجال التحليل الكروي». وتتخطى احلام الطبيبة حدود مصر، وتقول بصوت يملؤه التحدي والامل: «حلمي ان اعمل في مجال كرة القدم الأوروبية في إسبانيا نفسها، أن اتحول إلى العالمية».
مشاركة :