دبي:أحمد البشير في الوقت الذي تشهد فيه القارة العجوز تداعيات تصويت بريطانيا للانسحاب من الاتحاد الأوروبي، تهدد قروض متعثرة بعشرات المليارات من اليورو اقتصاد المنطقة البالغ حجمه 14.5 تريليون دولار. ووفقاً لبعض التقديرات، تحتاج الحكومة الإيطالية إلى القيام بتدخل سريع لإنفاق 40 مليار دولار لدعم بنوكها المثقلة بالقروض المعدومة. وهناك مخاوف من أن السلطات الأوروبية ستمنع الحكومة من تقديم هذا الدعم، ما يزيد الاضطرابات الناجمة عن خروج بريطانيا من اتحاد اليورو. قد يبدو من الصعب في البداية فهم كيف لبنوك في دولة متوسطة الحجم، وليس لها أنشطة في أعمال محفوفة بمخاطر، أن تنشر الرعب في الأسواق المالية العالمية. ولكنها تفعل ذلك بالفعل، إلا أن الصعوبات التي تعترضها تكشف ما الذي يمكن أن يحدث عندما يتعرض القطاع المصرفي الأوروبي لمشكلات يمكن أن تؤدي إلى تفاقم المخاطر لا سميا بعد بريكست. مدى سوء الوضع يشير الانخفاض الحاد في أسهم البنوك الإيطالية إلى أن العاصفة قادمة، حيث تراجع سعر مصرف بانكا مونتي دي باشي دي سيينا، أقدم بنك في العالم، وأكثر البنوك تعثراً في البلاد، بنسبة 80% خلال الأشهر ال12 الماضية. كما أن أسهم البنك يتم تداولها بأقل من قيمتها الدفترية بنسبة 10%، وهي علامة تدل على أن المستثمرين يعتقدون أن البنك يحتاج إلى رأس مال جديد. ولكن عندما تغرق الأسهم إلى هذا الحد، فإن البنوك تجد صعوبة بالغة، إن لم يكن الأمر مستحيلاً، في جمع رأس مال جديد. المحسوبية وسوء الإدارة وفي حين أن الأزمة المصرفية في إسبانيا وإيرلندا كان سببها فقاعة عقارية، إلا أن الأزمة في إيطاليا سببها المحسوبية، وسوء الإدارة، والقروض الزائفة. وأضر مرض البنوك بالاقتصاد عموماً، حيث تخلّف المقترضون عن السداد، وأحجمت البنوك عن سوق الائتمان، ما أدى إلى هبوط النمو. ومصرف مونتي دي باشي ليس سوى أحد البنوك الإيطالية التي تعاني قروضاً متعثرة تزيد قيمتها على 360 مليار يورو، حيث فشلت البنوك حتى الآن في معالجتها بالشكل الصحيح، وهذا ما يمثل نحو 20% من الناتج المحلي الإجمالي في إيطاليا. احتياطيات كبيرة وادخرت البنوك احتياطيات كبيرة لاستيعاب خسائر هذه القروض، مثمنة إياها بنحو 40% من القيمة الأصلية لهذه القروض، وفقاً لبعض التحليلات. ومع ذلك، ينظر المستثمرون إلى هذه القروض على أنها أقل بكثير من قيمتها. وعلى البنوك الرضوخ للأمر الواقع، وتقييم قروضها عند مستوى أقل من قيمتها الأصلية. ولكن ذلك يمكن أن تنتج عنه خسائر، ويقول بعض الخبراء المصرفيين إن البنوك بحاجة إلى دعم بقيمة 40 مليار دولار للتصدي إلى هذه الأزمة. برامج إنقاذ حكومية ويمكن للحكومة الإيطالية أن تقدم دعماً للبنوك بالمبلغ المطلوب، وهو قريب مما فعلته الحكومة الأمريكية، عندما أطلقت برنامج إنقاذ للتعامل مع الأصول المتعثرة في العام 2008. ولكن مثل هذه العملية تعد خطوة غير قانونية وفقاً لقواعد الاتحاد الأوروبي الخاصة بتعثر البنوك. ويقترض المستثمرون من البنوك عن طريق شراء أوراقها المالية. ووفقاً للقواعد الخاصة بعمليات الإنقاذ، فإن هذه الأوراق المالية تتحول بشكل قسري من ديون إلى أسهم جديدة، وهذه العملية من شأنها أن تستوعب الخسائر الناتجة عن القروض المعدومة. مخاوف من يونان جديدة تشير تقارير إلى قلق كبير بشأن أداء البنوك الإيطالية، وهو قلق قد يتحول إلى مخاوف من أن تتحول إيطاليا إلى يونان جديدة، حيث انخفضت أسعار أسهم البنوك بشكل كبير خلال الفترة الماضية، وللمرة الثانية، ما يشكل استمرارًا لسوء أداء هذه البنوك، وهو ما يثير تساؤلات عن مدى قدرة القطاع على تحقيق الاستدامة في إطار هياكله الحالية بل ويثير تساؤلات أخرى عمّا إذا كانت إيطاليا في طريقها إلى أن تصبح يونان ثانية. وكانت أسعار أسهم البنوك الإيطالية تراجعت في أعقاب إعلان نتيجة الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يوم 23 يونيو/حزيران الماضي، وكان سهم بنك مونتي دي باشي دي سيينا الأشد تضرراً من الأزمة، حيث تراجع سعره بأكثر من 50% ليصل إلى 27. 0 يورو (30. 0 دولار). وكان إجنازيو فيسكو، محافظ البنك المركزي الإيطالي، قال إن البنوك تحتاج إلى تفعيل شبكة أمان مالي حكومية في حالة الضرورة، في ظل الفوضى المالية المستمرة التي يواجهها ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو. وأضاف أن الموقف الراهن مملوء بالمخاطر على الاستقرار المالي ويحتاج إلى تخصيص دعم حكومي يكون جاهزاً للتفعيل في حالة الضرورة مع الاحترام الكامل لقواعد الاتحاد الأوروبي. وفي الوقت نفسه، قال محافظ البنك المركزي الإيطالي إن مشكلة الديون في بلاده والمشكوك في تحصيلها لازالت تحت السيطرة، حسب رأيه، مشيراً إلى أن أغلب البنوك لديها مخصصات لتغطية أي خسائر محتملة لهذه الديون، إلى جانب وجود فرص قوية لاسترداد جزء من هذه الديون.
مشاركة :