أصبحت الأميركية سيرينا وليامس، المصنفة أولى في العالم بعد أن احتفظت أول من أمس بلقب فردي السيدات في بطولة ويمبلدون الإنجليزية، ثالثة البطولات الأربع الكبرى لكرة المضرب، على وشك أن تصبح وهي في الـ35 أفضل لاعبة في التاريخ من دون منازع. وهذا أمر طبيعي أن يتوج اللقب السابع في ويمبلدون والـ22 في بطولات الغراند سلام جهود سيرينا التي تحتفل في 26 سبتمبر بميلادها الـ35، لأنها الافضل على الدوام منذ نحو ثلاثة عقود من الزمن. ومنذ أن مسكت المضرب بيدها لأول مرة في سن الرابعة، لم يستطع أحد ان ينازعها التفوق إلا شقيقتها الكبرى فينوس، مرات قليلة في «غيتو كونتون» الأسود في لوس أنجلوس، وذلك لأن سيرينا تصغر شقيقتها بنحو 15 شهراً، ولا تلفت الأنظار مثل فينوس في تلك الحقبة. لكن الوالد ريتشارد لم يكن مخدوعاً بابنتيه، وعندما عرض عليه أحد المدربين الاهتمام بفينوس وهي في سن العاشرة «لكي تصبح مايكل جوردان لدى السيدات (تيمناً بنجم كرة السلة وفريق شيكاغو بولز سابقاً)، رفض الأب وأجاب: كلا، أنا سأهتم بأمر الاثنتين معاً». وكان ريتشارد المسؤول السابق في شركة حراسة، الشخصية المفتاح في مسيرة الشقيقتين منذ صغر سنهما، وقد ولدت في ذهنه فكرة ان يجعل منهما بطلتين قبل مولدهما. وقرر ريتشارد وليامس بعدما شاهد على التلفزيون قيمة الشيك الذي حصلت عليه بطلة رولان غاروس الفرنسية، أن يصبح مدرباً ولو نظرياً وليس عملياً من خلال الملاعب، فدرس في الكتب وشاهد أشرطة الفيديو، ولم يكن موضع إجماع في عالم كرة المضرب. وتم اكتشاف الشقيقتين فينوس وسيرينا في سن مبكرة، وتحدثت عنهما صحيفة «نيويورك تايمز» الشهيرة وهما دون العاشرة، ثم سيطرتا بعد ذلك على اللعبة، وكانت سيرينا أول من أحرز لقباً كبيراً، وفي بطولة فلاشينغ ميدوز الاميركية عام 1999 قبل أيام من الاحتفال بعيد ميلادها الـ18. وأصبحت فينوس المصنفة أولى في العالم عام 2002 قبل قليل من شقيقتها الصغرى، وانتهت أربع بطولات كبرى من رولان غاروس 2002 الى أستراليا المفتوحة 2003 بمواجهات عائلية بين الشقيقتين، وهذا أمر لم يحصل في التاريخ. الضربة القاضية وتدفقت الأموال بسرعة، ووقعت شركات التجهيزات الرياضية معهما عقوداً بملايين الدولارات حتى قبل أن تبلغا سن الرشد، وانقلبت رأساً على عقب حياة العائلة المؤلفة من تسعة أفراد هم الأم والأب والشقيقتان وخمسة أولاد للأبوين من زيجات سابقة. وافترق مسار الشقيقتين لاحقاً، فتخصصت فينوس في اللعب على أعشاب ويمبلدون وأحرزت اللقب خمس مرات، فيما مددت سيرينا هيمنتها الى كل أنواع الملاعب بفضل تكتيك خاص: الاستفادة من قدرتها التي لا تقارن على ضرب الكرة بأقوى ما يمكن والفوز بالضربة القاضية، وعدم الدخول في تبادلات طويلة لأن وزن عضلاتها قد لا يساعدها على الصمود طويلاً. وتتلخص أسلحة سيرينا في الإرسال القوي الذي تزيد سرعته أحيانا على 200 كلم/ساعة، واللعب باليد اليمنى، والثقة بالنفس، وهي مقتنعة تماماً بأنها عندما تكون في أعلى مستوى لا تستطيع لاعبة اخرى إلحاق الهزيمة بها، لكن الاجواء والظروف لا تسمح لها بالتعبير عن نفسها بشكل دائم. وغابت سيرينا ثمانية اشهر عن الملاعب في 2003-2004 بعد ان أجريت لها عملية في الركبة، وحتى وإن كان عمرها حينذاك 21 عاماً، فقد حامت شكوك كبيرة حول إمكانية عودتها الى الملاعب، فضلاً عن اهتمامها واحتكارها في تلك الفترة لفوائد أخرى في عالم الأزياء والدعاية التلفزيونية. مأساة في عام 2010 أصيبت سيرينا بقطع في قدمها بعد أن مشت على زجاج مكسور، ثم في مارس 2011 اكتشف لديها ورم في الرئة كاد يكلفها حياتها. وهذه المشكلات إضافة الى المأساة التي أصابت العائلة في 2003 عندما قتلت أختها غير الشقيقة يتوند بالرصاص في لوس أنجلوس، كل ذلك أثار تعاطف الجمهور مع سيرينا، خصوصاً أن قسماً منه تعب من عدم رؤيتها تفوز بالألقاب. وتملك سيرينا سجلاً مخيفاً يتضمن 71 لقباً بينها 22 لقباً كبيراً، ستة منها في بطولة استراليا المفتوحة، وثلاثة في رولان غاروس، وسبعة في ويمبلدون، وستة في فلاشينغ ميدوز، فضلاً عن حلولها وصيفة ست مرات في البطولات الأربع الكبرى. ويتضمن السجل أيضاً خمسة ألقاب في بطولة الماسترز التي تجمع في نهاية كل موسم أفضل ثماني لاعبات، وحلولها وصيفة مرتين (2001 و2002)، وكأس الاتحاد مع منتخب بلادها مرة واحدة عام 1999، فضلاً عن ذهبية الفردي في الالعاب الأولمبية عام 2012 في لندن، وذهبية الزوجي ثلاث مرات مع فينوس (2000 في سيدني و2008 في بكين و2012). وتعد سيرينا التي يشرف على تدريبها الفرنسي باتريك مراد أوغلو، أكبر لاعبة في التاريخ تحتل المركز الاول في التصنيف العالمي، وهي لا تعرف حتى الآن التهاون أو التراخي، والدليل أنها حصدت أربعة ألقاب في آخر سبع بطولات كبرى. ورغم الإنجازات الكبيرة التي تحققت فإن سيرينا لاتزال تطمح الى إحراز الألقاب الأربعة الكبيرة في عام واحد، وهو إنجاز عجزت عنه حتى الآن، فهل ستجنح في 2017؟
مشاركة :