امتدت التأثيرات الإيجابية لقرار تحرير أسعار الوقود لتشمل العديد من القطاعات والأنشطة الاقتصادية حيث تربحت العديد من القطاعات من تحرير الأسعار وتراجع تكلفة الوقود بما مكنها من خلق قيمة مضافة وخفض النفقات. وتصدرت تجارة التجزئة والمقاولات القطاعات المستفيدة من قرار تحرير أسعار الوقود في الدولة حيث ظهرت التأثيرات المباشرة للتسعيرة في قطاعي تجارة التجزئة والمقاولات بصفة رئيسية، وكان التأثير الأكبر في قطاع تجارة التجزئة حيث لمس المستهلكون تراجع أسعار آلاف السلع خاصة خلال شهر رمضان وثبتت غالبية منافذ البيع الكبرى أسعار أكثر من 3 آلاف سلعة. ويؤكد الدكتور هاشم النعيمي، مدير إدارة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد أن قرار تحرير أسعار الوقود تميز بتخفيض أسعار الديزل بصفة رئيسية مشيراً إلى أن الديزل هو الوقود السائد والفعال في قطاع تجارة التجزئة. بلا شك فإن تراجع أسعار الديزل ظهرت واضحة في انخفاض أسعار السلع، حيث شجع منافذ البيع على طرح تخفيضات على مئات السلع بنسب تراوحت بين 20% إلى 50% وظهر هذا التخفيض واضحاً خلال شهر رمضان الماضي حيث تنافست المنافذ على بيع آلاف السلع بأسعار غير مسبوقة، كما لم نشهد خلال عام تطبيق التسعيرة ارتفاعاً يذكر في الأسعار وهذه إيجابية تحسب للقرار حتى وإن كانت تأثيراته محدودة في نظر بعض المستهلكين وذلك نظراً لمحدودية تكلفة عنصر النقل في قطاع تجارة الجملة والتجزئة. سوق تنافسي ولفت إلى أن أسعار العديد من السلع المنتجة محلياً والمستوردة انخفضت موضحاً أن الأسواق شهدت تراجعات كبيرة في الأسعار خاصة خلال المواسم مثل شهر رمضان أو العيدين وهذه الانخفاضات ترجع إلى طبيعة السوق التنافسي وكثرة الواردات بشكل كبير وليس لارتفاع أو انخفاض أسعار الجازولين والديزل علما بأن التراجع في أسعار الديزل كانت عاملاً مشجعاً نحو دفع الأسعار إلى مستويات أقل أو الحفاظ على الأسعار الجيدة. وتوقع الدكتور هاشم النعيمي أن يكون لانخفاض تكلفة النقل على المدى البعيد تأثير إيجابي على تراجع السلع، موضحاً أن وزارة الاقتصاد شددت رقابتها على الأسواق ولمس المواطنون والمقيمون النتائج الإيجابية لطبيعة السوق التنافسية وانخفاض سعر الديزل على الأسعار. ونوه مدير إدارة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد إلى أن عام التسعيرة شهد تنسيقاً كاملاً مع وزارة الطاقة لتطبيق قرار التسعيرة موضحا أنه في حال وجود أية شكاوى أو عقبات فقد تم حلها. خطوة استراتيجية ويتفق إبراهيم البحر الرئيس التنفيذي لجمعية أبوظبي التعاونية مع ما ذكره الدكتور النعيمي مؤكداً أن قرار تحرير أسعار الوقود شكل خطوة استراتيجية مهمة سايرت وانسجمت مع نهج الاقتصاد الحر المنفتح الذي تعتمده دولة الإمارات، مما ساهم في تعزيز سمعة ومكانة اقتصادنا الوطني على خارطة الاقتصاد العالمي وعلى ترتيب الإمارات في المؤشرات الاقتصادية الدولية وعلى البيئة والمناخ الاستثماري في الدولة إضافة إلى أن ربط أسعار المشتقات النفطية بالسعر العالمي والتغير معه عبر تعبيراً حقيقياً عن سعر الإنتاج والتكلفة وحقق التوازن بينهما. وينوه البحر بأن عنصر النقل يعد محدوداً في تكلفة أي سلعة لافتاً إلى أن هناك عناصر مؤثرة جداً أبرزها إيجارات مقرات منافذ البيع التي ترتفع، وكذلك مصاريف الشحن والتخزين وسعر السلعة في بلد المنشأ. وأضاف إبراهيم البحر أنه رغم محدودية تكلفة النقل إلا أن تراجع أسعار الديزل والجازولين حد من أية زيادة متوقعة، ولو كانت أسعار الديزل والجازولين مرتفعة خلال عام تطبيق التسعيرة كنا سنرى قفزة كبيرة في الأسعار وهو ما لم يحدث علما بأن طبيعة السوق التنافسي كان لها دور كبير أيضا في انخفاض أسعار مئات السلع خاصة خلال شهر رمضان. قطاع المقاولات القطاع الثاني الذي ظهرت فيه إيجابيات قرار التحرير هو قطاع المقاولات والتشييد كما يؤكد أحمد المزروعي، رئيس جمعية المقاولين في أبوظبي مشيراً إلى أن غالبية شركات المقاولات والإنشاءات قلصت من الأموال التي كانت تخصصها لبند النقل بنسب تصل لأكثر من 20% خلال شهور العام، ولو كانت أسعار الديزل قد واصلت الانخفاض كما في شهري فبراير ومارس 2016 لكانت المكاسب للقطاع ستكون أكبر، وإن تراجع الأسعار بأكثر من درهم في اللتر طوال العام كان إيجابيا للغاية. وأشار إلى أن تأثير تراجع أسعار الوقود خاصة الديزل ظهر واضحا خلال الأشهر الستة في قطاع المقاولات، حيث تراجعت الميزانيات التي كانت ترصدها الشركات لنقل عمالها أو معداتها وخاصة المعدات الإنشائية الضخمة مثل الحفارات والبلدوزرات التي تستهلك كميات كبيرة من الديزل إضافة إلى معدات البنية التحتية. ولفت إلى أن التأثير الكبير لتراجع أسعار الديزل في قطاع المقاولات والإنشاءات لم تؤتِ إيجابياتها بشكل كبير نظراً لارتفاع أسعار عناصر أخرى وعلى رأسها حديد التسليح ومواد البناء إضافة إلى زيادة الرسوم والأعباء المالية التي تتحملها شركات المقاولات والتشييد في جلب عمال جدد لها. تكلفة المشاريع وأشار أحمد المزروعي، رئيس جمعية المقاولين في أبوظبي إلى أن تأثير تراجع أسعار الوقود لا يظهر بشكل كبير على أسعار العقارات أو تكلفة المشاريع الجديدة لأن تكلفة بند النقل في أي مشروع عقاري جديد لا تزيد على نصف في المئة وهناك عوامل أخرى أكثر تأثيراً تحدد التكلفة الإجمالية لأي مشروع ولكن على أية حال فإن شركات المقاولات والإنشاءات استفادت من تراجع أسعار الديزل والجازولين وقلصت ميزانيتها لهذا البند.
مشاركة :