عندما يكون الشباب في مقتبل العمر يكون إقبالهم وحبهم للحياة في أوجه. والسؤال هنا كيف يتم إيصال احدهم الى مرحلة من اليأس والضياع بإقناعه بالقيام بتفجير نفسه بعمل إرهابي يزهق روحه وينهي حياته ويزهق أرواح الاحرين. ما الذي قد يصيب شاباً في مقتبل العمر وعز الشباب ليقبل بإرتداء ثوب القبح والإرهاب ليفجر نفسه ويقوم بإيذاء بشر مسالمين. ان الاعمال الإرهابية التي حدثت مؤخراً كان بينها قاسم مشترك واحد أن المنفذين شباب وغالباً اصحاب سوابق، وبالتالي الشباب الضعفاء والفاشلون والتائهون هم من يتم إستخدامهم كقنبلة موقوتة للقتل والدمار. كيف يتم مسح دماغ احدهم وادراكه وافكاره بمعتقدات وتصورات مريضة موبؤة ليقوم بهكذا عمل. بماذا يفكر وما الذي يظنه من يقوم بالعمل الإرهابي وكيف يتم إيصاله الى هذا المستوى من الحمق، فالعاقل لا يزهق روحه ولا أرواح الاخرين. كثيراً ما تم ربط الإرهاب بالدين ولكن في الحقيقة أن الإرهاب لا دين له ولا مله. الإرهابي انسان خارج حدود الانسانية والاديان السماوية والعقل السليم والتربية القويمة الصحيحة. والحق أننا بعد كل حدث إرهابي قبيح نسمع عنه نسأل عن الاهل وطبيعية المؤسسات التعليمية التي إرتادها المُستخدم كأداة اجرام وقتل ودمار، ويخطر لنا مقولة عامية دارجة «الولد العاطل يجلب لإهله المسًبة « رغم أن هناك جانباً فينا جميعاً يشفق على الاهل . ففي الحقيقة مسئولية الاهل في العصر الحاضر وطريقة التربية باتت صعبة جداً وتحتاج جهداً مضاعفاً فلم يعد الاهل هم فقط من يشكلون عقلية ونفسية ابنائهم فالتكنولوجيا وأدوات التواصل الاجتماعي أوجدت فرقاً مشاركة كثير منها يبث السموم ويرسل الضرر وبالتالي بات على الاهل التدقيق أكثر في سلوكيات وتحركات وتصرفات الابناء ، البعد عنهم خطير واي فجوة بين الاهل والابناء قد تقود لكارثة محتملة. على الاهل الاقتراب من ابنائهم ومعرفة نوعية صداقتهم وعلاقاتهم المختلفة عليهم ملاحظة اي سلوكيات غريبة أو توجهات عدوانية، وذلك لن يكون بدون الاحتواء والعاطفة الصادقة فإحتواء الابناء بوعي وحنان هو لغة من لغات الإصلاح والصلاح . أما المدارس والجامعات فلم يعد يكفي أن تدرس علوماً ونظريات فقط لا بد من جانب إنساني اجتماعي ثقافي مؤثر في الفكر الشبابي فكما كنا نعقد حلقات لمكافحة التدخين وشرح اضراره، او محاضرات لإظهار قبح الإدمان واضراره في تشويه الجسم والنفس السوية. علينا الآن عمل حلقات ومحاضرات وتضمين المناهج المدرسية والجامعية دروساً ومحاضرات تنبه وتوعي الشباب من خطر الإرهاب وكيفية التحصين من الانجراف الى الفكر الإرهابي السادي المريض الذي يجرف المُستخدم ويجعل منه أداة لا أرادة لها ويقوده الى الظلام ويجرده من أي حق في أتخاذ قرار ويفقده انسانيته وتحكمه الذاتي بنفسه. علينا الاهتمام بالشباب وتوجيههم نحو الايمان الحق والدين المعتدل الوسطي الذي يحافظ ويحفظ النفس البشرية ، كما علينا توجيههم نحو النشاط الرياضي ولا اقصد بذلك متابعة كأس العالم بل أن يكون هناك انشطة رياضية ونواد رياضية عديدة وأن تزود الحدائق العامة في كل منطقة بأجهزة رياضية تمكن الشباب مهما كان دخلهم من ممارسة الرياضة وتفريغ كل طاقة سلبية تعتري أرواحهم وانفسهم. كما لابد من مزيد من التركيز على دمج الشباب بالمجتمع وتفعيلهم بالانشطة المجتمعية والثقافية مما يملأ الفراغ الذي قد يؤدي الى الضياع. في السابق كنا نقول أن الجاهل عدو نفسه، أما الجاهل في العصر الحالي فاصبح كارثة وأداة تستخدم للإرهاب وهو عدو للجميع حيث يتم استخدامه للخراب والدمار. لابد للشباب في العصر الحالي أن يعقلوا ويدركوا حقاً ويقيناً بأن حفظ النفس التي حرم الله ألا بالحق واجب، وهو المنطق السليم وأن جهاد النفس ضد ما يضر بها هو أحد انواع الجهاد التي يؤجر عليها المرء. حمى الله شبابنا وابعدهم عن كل فكر إرهابي سادي مريض. الراي
مشاركة :