لم يكن الفنان محمد عبده موفقاً في حفلته التي أقامها في دار الأوبرا المصرية والتي عرضت مسجلة في أول أيام عيد الفطر المبارك على قنوات روتانا الموسيقية، حيث ظهر فيها الفنان بمستوى هزيل لا يليق بمكانته ولا بتاريخه الكبير ولا بحجم ترقب جمهوره الذي كان ينتظر حفلة تاريخية عطفاً على أهمية الموقع الذي أقيمت فيه، لتأتي النتيجة مخيبة للآمال، وقد جاء سوء اختيار الأغاني ليزيد من حالة الرداءة العامة لهذه الحفلة وليعزز من حجم خيبة الجمهور من فنانهم المفضل. أقيمت الحفلة في دار الأوبرا المصرية يوم 24 مايو الماضي وقد حظيت حينها باحتفاء إعلامي كبير، جاء أغلبه ابتهاجاً بعودة محمد عبده للغناء في دار الأوبرا لثاني مرة في مسيرته الفنية، ولم يتطرق أحد للمستوى الفني للحفلة، ولا لقيمة الأغاني المختارة، ولا لأداء الفنان فيها، رغم أن هذه العناصر هي معيار الحكم الحقيقي لنجاح الحفلة من عدمها. لقد ظهر محمد عبده بأداء باهت بلا نكهة ولا طعم، يغني بلا روح وكأنه جاء ليؤدي واجباً فقط، دون رغبة، ودون حب، وبصوت رتيب بليد لم نعتد عليه من الفنان الكبير، فهل كان ذلك بسبب أن الحفلة طابعها شخصي وليست حفلة عامة في مهرجان له قيمته ومكانته؟. أما اختيار الأغاني فقد كان من عوامل سوء الحفلة، خاصة أغنية روحي فداه التي أطلقها محمد عبده للمرة الأولى في الحفلة، وهي من كلمات أمير الشعراء أحمد شوقي، ورغم أهمية الشاعر وأهمية المكان الذي قدمت فيه الأغنية إلا أنها جاءت سيئة لحناً وأداءً ولم تظهر بالمستوى المأمول، وكذا بالنسبة لبقية الأغاني الجديدة التي أطلقها في الحفلة لشعراء كبار مثل الأمير بدر بن عبدالمحسن والراحل فايق عبدالجليل، حيث ظهرت بمستوى مخيب لا يليق بحجم هذه الأسماء الشعرية الكبيرة. كما خلت الحفلة من أغان مشهورة لمحمد عبده، وذلك لسبب بسيط أن الحفلة شخصية لا يقدم فيها سوى نوع محدد من الأغاني ودون اعتبار لتاريخية الحدث ولقيمة الفنان وأهمية المكان. للأسف أن محمد عبده هو من فوت على نفسه فرصة تقديم حفلة تاريخية في دار الأوبرا المصرية، وكان بإمكانه تقديم أهم أعماله الغنائية في الحفلة لتكون وثيقة مهمة تختصر تاريخه الفني الكبير، لكنه قيّد نفسه بحفلة ذات هدف خاص لا يستطيع معها التدخل في تفاصيل الحفلة التي تحمل اسمه في النهاية، فحضر كأنه مجرد ضيف حضر مجاملة ليس إلا، وقد اتضح هذا في صوته الباهت وحضوره المسرحي الهزيل. إن أي فنان يصل إلى ما وصل إليه محمد عبده من نجاح وتميز بعد مشوار فني طويل، سيتعامل مع حفلاته بشكل أكثر احترافية وأكثر دقة للمحافظة على اسمه وسمعته، ولا يرهن نفسه لمجاملات وطلبات شخصية قد تؤثر على مكانته، وهذا الذي لم يفعله محمد عبده في حفلته هذه بالذات، حيث جامل على حساب اسمه وكانت النتيجة حفلة سيئة ومخيبة إلى حد بعيد. هذه المجاملات هي سبب انهيار الأغنية السعودية في السنوات الأخيرة، خاصة من النجوم الكبار الذي يملكون التأثير في الساحة، مثل محمد عبده وعبدالمجيد عبدالله وراشد الماجد ورابح صقر، الذين انساقوا خلف المادة وأصبح معيار اختيارهم لأغانيهم ليس مدى جمالها الفني والتطريبي بل حجم المبلغ الذي رصد لها، وبسبب تفكيرهم المادي الصرف تحولت الساحة الغنائية إلى مزاد تجاري لا يستمر فيه إلا من يدفع أكثر، دون أي اعتبار للقيمة الفنية والجمالية، وبلا مبالاة برأي الجمهور ولا برغباته، وكأنهم حققوا كل أحلامهم الفنية وتفرغوا بعد نجاحهم لحصد الأموال فقط، في حالة سعار مادي أدت إلى ابتعاد فنانين كبار احترموا أنفسهم وانسحبوا من هذا المزاد مثل عبدالكريم عبدالقادر الذي حافظ على قيمته ولم يهبط إلى مستوى التهافت على المادة. محمد عبده مع رفاقه يتحملون مسؤولية تحويل المشهد الغنائي السعودي إلى هذا الشكل التجاري الهش الهزيل، وما حفلته في دار الأوبرا بمستواها الذي ظهرت به، إلا تأكيد على المجاملات التي سيطرت على الساحة، وتكريس للحالة المادية التي تحرك الفنانين وتحدد خياراتهم. فنان العرب لم يكن موفقاً في حفلته الأخيرة الحفلة ظهرت سيئة رغم أهمية المكان وقيمة الفنان
مشاركة :