عانقت البرتغال المجد بعد طول انتظار وتوجت بلقبها الاول على الاطلاق وذلك بفوزها على فرنسا المضيفة 1-صفر بعد التمديد اليوم الاحد على "ستاد دو فرانس" في ضاحية سان دوني الباريسية في المباراة النهائية لكأس اوروبا 2016. وتدين البرتغال بتتويجها الغالي وبجعل فرنسا تتذوق نفس المرارة التي تذوقها برازيليو اوروبا عام 2004 على ارضهم حين خسروا النهائي السابق الوحيد امام اليونان (صفر-1)، الى مهاجم ليل الفرنسي البديل ايدر الذي سجل هدف المباراة الوحيد في الدقيقة 109. واصبحت البرتغال التي خاضت المباراة منذ الدقيقة 25 دون قائدها كريستيانو رونالدو الذي بكى طويلا عام 2004 وبكى اليوم بسبب اضطراره لترك رفاقه لكن هذه الدموع تحولت الى فرح كبير بعد صافرة النهاية، اول منتخب يقهر فرنسا على ارضها في البطولات الكبرى ويلحق بها الهزيمة الاولى في مبارياتها الـ19 بين جمهورها (5 مباريات في كأس اوروبا 1984 حين توجت باللقب و7 في كأس العالم 1998 حين توجت ايضا و6 في كأس اوروبا 2016 قبل خسارة السابعة امام البرتغال). وحرم رجال المدرب فرناندو سانتوس "الديوك" من رفع الكأس القارية للمرة الثالثة بعد عامي 1984 و2000، ودونوا اسم بلادهم في سجل الابطال، حارمين مدرب البلد المضيف ديدييه ديشان من ان يحذو حذو الالماني بيرتي فوغتس (1972 كمدرب و1996 كمدرب) وان يحرز اللقب كمدرب بعد ان توج به كلاعب عام 2000. وبدأت الامسية حزينة جدا بالنسبة لرونالدو الذي اضطر لترك رفاقه في الدقيقة 25 من المباراة بسبب اصابة تعرض لها في بداية اللقاء بعد احتكاك مع ديميتري باييت، تاركا مكانه لريكاردو كواريسما لكن ايدر الذي دخل في الدقيقة 78 بدلا من ريناتو سانشيز، اعاد لنجم ريال مدريد الاسباني الابتسامة واهداه لقبه الاول مع بلاده بعد ان جمع جميع الالقاب الممكنة على صعيد الاندية. كما استردت البرتغال اعتبارها من فرنسا بعد ان خسرت امام الاخيرة جميع المواجهات السابقة بينهما (قبل لقاء اليوم) منذ عام 1975. وسبق لفرنسا ان تخطت البرتغال مرتين في طريقها الى اللقب، فسجل الاسطورتان ميشال بلاتيني وزين الدين زيدان مرتين في الوقت الاضافي لاقصاء الدولة الايبيرية. في نصف نهائي 1984 سجل بلاتيني في الدقيقة 119 لتفوز فرنسا 3-2، وفي نصف نهائي 2000 سجل زيدان من ركلة جزاء جدلية في الدقيقة 117 لتتأهل فرنسا 2-1. كما خرجت فرنسا فائزة ايضا في نصف نهائي كأس العالم 2006 بهدف زيدان قبل خسارتها النهائي امام ايطاليا بركلات الترجيح، لكنها عجزت اليوم عن ترجمة افضليتها الميدانية وحرمان رونالدو ورفاقه من تتويج طال انتظاره لبلد كان الاكثر خوضا للمباريات في البطولة القارية دون الفوز باللقب (34 قبل لقاء اليوم). - ديشان بنفس التشكيلة وريناتو يدخل التاريخ - وخاض ديشان اللقاء بنفس التشكيلة التي اطاحت بالمانيا من الدور نصف النهائي (2-صفر)، مجددا الثقة بموسى سيسوكو والمدافع الشاب سامويل اومتيتي، فلعب الاول الى الجهة اليمنى من وسط الملعب الذي اعتمد في الفرنسيون على بول بوغبا وبلايز ماتويدي لشغل مركز لاعبي المحور، فيما لعب الثاني في قلب الدفاع الى جانب لوران كوسييلني. اما من ناحية البرتغال، فعاد الى التشكيلة الاساسية مدافع ريال مدريد بيبي بعد تعافيه من اصابة في الفخذ ابعدته عن مواجهة ويلز (2-صفر) في دور الاربعة، فحل بدلا من برونو الفيش كما عاد ايضا الى تشكيلة فرناندو سانتوس لاعب الوسط المحوري وليام كارفاليو الذي لعب على حساب دانيلو بعد انتهاء ايقافه. ومرة اخرى، وضع سانتوس ثقته بالشاب ريناتو سانشيز الذي اصبح اصغر لاعب يشارك في نهائي البطولة القارية (18 عاما و326 يوما)، فيما اصبح القائد ونجم الفريق كريستيانو رونالدو اول لاعب يبدأ اساسيا في مباراتين نهائيتين (2004 و2016) يفصل بينهما اكثر من اربعة اعوام. وكما كان متوقعا ضغط الفرنسيون منذ البداية بحثا عن هدف مبكر لكن الفرصة الاولى كانت برتغالية عندما كسر لويس ناني مصيدة التسلل لكنه اطلق الكرة قوية فوق العارضة (4) ثم رد رجال ديشان بفرصة اخطر من رأسية لغريزمان اثر عرضية من ديميتري باييت تألق روي باتريسيو في صدها (10) وكرر الامر في وجه رأسية اخرى من اوليفييه جيرو بعد الركلة الركنية التي نفذها باييت ايضا (11). وشهدت الدقائق العشرين الاولى معاناة رونالدو مع اصابة تعرض لها في بداية اللقاء بعد احتكاك مع باييت واضطر للخروج من الملعب من اجل العلاج مرتين وفي الثانية كانت الدموع في عينيه، الا انه عاد الى الملعب لدقائق معدودة قبل ان يستسلم ويطلب استبداله في الدقيقة 24 فخرج على الحمالة، تاركا مكانه لكواريسما بعد فرصة خطيرة للفرنسيين من تسديدة صاروخية لسيسوكو صدها روي باتريسيو ببراعة. وفرض سيسوكو نفسه نجم الشوط الاول بعد مجهود فردي رائع اخر وتسديدة صاروخية من داخل المنطقة لكنه اصطدم مجددا بتألق الحارس البرتغالي (34). ثم غابت الفرص حتى نهاية الشوط الاول وبقي الوضع على حاله في بداية الثاني ما دفع ديشان الى اخراج باييت والزج بكينغزلي كومان (58) بحثا عن هدف التقدم الذي كاد ان يتحقق في الدقيقة 66 برأسية من غريزمان لكن محاولة هداف البطولة علت العارضة بقليل. - فرنسا وفرصة التتويج في الوقت القاتل - ثم حصل رجال ديشان على فرصة اخرى في الدقيقة 75 بعد مجهود فردي مميز لكومان الذي مرر الكرة لجيرو داخل المنطقة فسدد الاخيرة بقوة لكن روي كوستا تألق وانقذ بلاده مجددا، وانتقل بعدها الخطر الى الجهة المقابلة حيث اضطر هوغو لوريس الى التدخل للمرة الاولى من اجل الوقوف بوجه عرضية تحولت الى تسديدة خادعة من ناني ثم بوجه المتابعة الاكروباتية الخلفية لكواريسما (80). وواصل روي باتريسيو تألقه في وجه المحاولات الفرنسية وحرم سيسوكو من هدف رائع اثر تسديدة صاروخية من حدود المنطقة (84). وعندما كان الوقت الاصلي يلفظ انفاسه الاخيرة اعتقد الفرنسيون انهم توجوا باللقب لكن الحظ عاند البديل اندريه-بيار جينياك الذي تلاعب ببيبي بشكل رائع قبل ان يسدد من مسافة قريبة لكن القائم الايسر ناب عن روي باتريسيو وانقذ البرتغال (2+90). وذهبت المباراة بعدها الى شوطين اضافيين وذلك للمرة السادسة في تاريخ المباريات النهائية للبطولة القارية لكن للمرة الاولى والتعادل السلبي سيد الموقف. ولم يتغير الوضع في الشوط الاضافي الاول الذي جاء دون فرص حقيقية على المرميين حتى الدقيقة 104 عندما اضطر لوريس للتدخل ببراعة للوقوف في وجه رأسية قوية من البديل ايدر اثر ركلة ركنية نفذها كواريسما من الجهة اليمنى. وفي بداية الشوط الاضافي الثاني كادت البرتغال ان تهز الشباك الفرنسية من ركلة حرة نفذها رافاييل غيريرو اثر لمسة يد غير صحيحة على لوران كوسييلني لكن العارضة نابت عن لوريس وانقذ اصحاب الارض (108). لكن سرعان ما عوض البرتغاليون هذه الفرصة وافتتحوا التسجيل بهدف رائع لايدر اثر لعبة جماعية انهاها بتسديدة ارضية من خارج المنطقة الى يمين لوريس الذي عجز عن صدها (109)، ليصبح سادس بديل يسجل في المباراة النهائية بعد الالماني اوليفر بيرهوف (1996) والفرنسيان سيلفان ويلتورد ودافيد تريزيغيه (2000) والاسبانيان فرناندو توريس وخوان ماتا (2012). وبدت فرنسا تائهة بعد هذا الهدف القاتل وعجزت عن بناء الهجمات ما سهل من مهمة البرتغاليين في الدقائق الاخيرة ومهد الطريق امامهم لرفع الكأس الغالية.
مشاركة :