«هات البديل إذا أردت أن تغير وضعاً خاطئاً». الدكتور محمد الغزلي. في أحد الدواوين قبل أيام، ثار حديث عن المسلسلات التي عرضت في شهر رمضان المبارك، ومدى الإسفاف في بعض اللقطات التي لا تتناسب مع مشاعرنا، فقام بعض المغردين بعمل «هاش تاغ» عن هذه المسلسلات، وذكر أحد الحضور أن الأفضل بل وتحرم مشاهدة التلفاز!، إذاً، لماذا لا يتم إنتاج أفلام سينمائية أو مسلسلات درامية تحتوي على قيم مفقودة في المجتمع حالياً، وان الدين لا يقف ضد التجديد وتطوير الحياة المدنية، بل وحتى حقوق الإنسان في الإسلام كان لها دور كبير، وحتى الإبداع العلمي أو التقني والاهتمام فيه، بل ويجب أن يكون الخطاب الديني في المقدمة وليس في المؤخرة؟ التغيير والتجديد في الغالب تجد من يعارضه في البداية، ويفضل البقاء على ما تعود عليه في السابق، فيفضل ألا يتغير الخطاب واللغة في التعامل مع الآخرين، مع أن الزمن يتغير والوسائل كذلك غير ثابتة، وعدم التجديد يدل على الضعف وقلة الثقة بالنفس. نحن في زمن وعصر جداً سريع، وهو عصر التكنولوجيا، لذا أصبح التجديد وتغيير بعض المفاهيم في الخطاب الديني، ضرورة ملحة وحاجة بشرية. نحن بحاجة إلى خطاب ديني متسامح وواع ومنضبط يساعد في التقدم وليس التأخر، ومن لا يتغير في هذا العصر سيتقادم ويصاب بحالة جمود أو ذوبان مع الطرف الآخر. ولو أن الخطاب الديني كان يبذل في إصلاح المجتمع والدعوة إلى المجتمع المدني والعدالة الاجتماعية، والدفاع عن حقوق المظلومين، والاهتمام بوسائل التكنولوجيا، وإنتاج الأفلام السينمائية والمسلسلات الدرامية التي تحتوي على قيم ديننا الإسلامي الحنيف، بقدر ما بذل في الدعوة إلى الالتزام بالسنن وصيام النوافل، ماذا سيكون عليه حال المجتمع؟ بلا شك سيكون هناك تأثير كبير ومآثر في الوقت نفسه، فهذا هو الذي يجب أن ينادي به المثقف الديني. أعتقد أن من الحكمة والعقل محاربة الوسيلة الدونية الهابطة بوسيلة راقية، والآن بدأ الإعلام يشكل القيم الاجتماعية للمجتمع، خصوصاً لدى الأطفال، يجب أن نعي ذلك جيداً. قصور الخطاب الديني بعدم وجود مجسات تتحسس أماكن الخلل في المجتمع هو الذي أدى إلى هذه الفجوة، وهو الذي أوجد بعض القيم السلبية في مجتمعنا. فتجد من يتمارض ويأخذ إجازة طبية بقصد الذهاب إلى العمرة. ونقرأ الأحاديث التي تدعو إلى الرفق في التعامل والإحسان إلى الجار والاهتمام بالنظافة، ومع الأسف يدخل من يدعو إلى ذلك، المنزل قاطب الجبين، ويتعامل مع الناس بتعامل جاف غليظ، ويسيء إلى الجار. ويجب علينا ألا نظلم الدين الإسلامي الحنيف بشخصية المتدين المحافظ، ولنقرأ جيداً في سلفية الصحابة رضوان الله عليهم، عندما كان الإنسان المتدين، يشكل تمازج وتقارب الدين بالحياة المدنية. إننا بحاجة اليوم إلى خطاب ديني يمتزج بروح العصر، ويكف عن الشحن العاطفي، ويأمر ببناء المصانع ويحث على العمل الجاد، وأن يحاكي الواقع الحالي، وينظر إلى مشاكل المجتمع بروح العصر، ويطرحها بكل صراحة وجرأة، من تفكك أسري وطلاق ومخدرات وجرائم ونقص القيم وغيرها من مشاكل تنخر بالمجتمع نخراً. ويجب أن يتحسس الخطاب الديني آهات وهموم الناس ويكون قريباً منهم، وبمعنى آخر ان يخرج من المساجد ويرى ما يدور بالأسواق والدواوين وغيرها من أماكن. نحتاج إلى خطاب ديني متزن ومتوازن، ويتوقف عن الصدمة الحضارية ويتحول إلى فكر البناء والعمل، وأن يعيد الفهم الصحيح من خلال الشريعة الإسلامية السمحة، وأن القيم المدنية يجب أن تكون من الأولويات، وأن الفجوة بين الدول المتقدمة والدول الإسلامية جداً كبيرة، ويجب تقليلها بالفهم الصحيح. وهناك دول يحسن أن نقتدي بها خصوصاً ماليزيا، حيث ان لديها من العبر الشيء الكثير. akandary@gmail.com
مشاركة :