تشكل المادة الشعرية لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بشقيها الفصيح والنبطي انتصاراً للحق والجمال والسلام والمرونة الإنسانية، وشعر سموه هو شعر الحياة بمعانيه القيمية والأخلاقية، وهو شعر الواقع والحدث اليومي أو الأحداث اليومية، التي تتلاحق وتتراكم لتشكل في مجملها التاريخ أو جانباً مهماً من التاريخ. بهذا المعنى نقول بكل وضوح إن شعر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، مواكب للحدث السياسي، والحدث الديني، والاجتماعي، والثقافي والإنساني. في شهر رمضان المبارك كرّس سموه ثقافة الابتهالات الشعرية بعطاء روحاني مشبع للذات البشرية، وفي البطولات الكبيرة التي يسجلها بواسل الإمارات في أرض معارك الحق والشهامة، يبادر سموه إلى شعر البطولة والشهادة والفداء، وفي المناسبات الإماراتية الوطنية يبادر سموه إلى شعر حب الوطن وحب أهله وشعبه، وفي شعر الفروسية ووصف الخيل، سموه علمٌ من أعلام هذا النوع من الشعر الخالد في ديوان العرب. نتوقف بإعجاب وبقراءة موضوعية حقاً لنتاج سموه الشعري الموصول فكراً ومحتوى وموضوعاً، بكل مجريات الحياة وأحداثها ووقائعها من مناسبة إلى مناسبة، ومن وقت إلى آخر، ويأخذ هذا الإعجاب ذروته وموضوعيته عندما نفكر في طبيعة هذا الرجل الساهر على الحكم والإدارة والمؤسسات، والمشارك اليومي في البناء والتعمير بفكره ورؤيته وتفاؤله ومبادراته التي قادت دبي إلى التفوق والنجاح والجلوس في المعقد الأول دائماً، والفوز بالرقم الأول، مرة ثانية وثالثة ورابعة، بتفاؤل وثقة كبيرين بذاته الحاكمة وفريق عمله الممتلئ بالحيوية والإبداع. نعود للقول هنا، إن شعر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، يحترم الإنسان، ويقف إلى جانب كرامة الكائن الإنساني، ويدافع شعره عن قيم الخير والجمال والمحبة، ويرفع من شأن هذه القيم، ويعززها في الثقافة الشعبية والمجتمعية، ويدعو شعر سموه أيضاً إلى الجرأة والشجاعة، ونبذ ثقافة الموت، والدعوة ذات الصوت العالي لثقافة الحياة. شعر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، مع الحياة ومع الإنسانية ومع التعايش الحضاري الخلاق، لأن هذا الشعر في الأصل يرفض العنف والإرهاب، كما يرفض السطو على الجوهر الإنساني الجميل، ويرفض اختطاف الإنسان من كينونته الآدمية، كما يرفض شعر سموه استغلال الدين والفكر، باتجاه مصلحة فئات ضالة خارجة من ظلام الكهوف، لكي تحرم الناس من نعمة النور والمحبة والإخاء. وفق هذه المعطيات كلها جاءت قصيدة سموه (فتنة الإرهاب) على خلفية التفجير الوحشي والجبان، الذي قامت به جماعات العنف والتكفير والجهالة الكبرى، مؤخراً، بالقرب من المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة، وللحق، فإن الحدث الإرهابي في مكان له قدسيته الدينية والروحية والثقافية، إن لم يحرك قريحة الشاعر.. فما الذي يحركه؟ صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، صادق مع نفسه وذاته وخلقه ودينه.. هذا الصدق بالذات ينعكس في القصيدة، وفي لغتها وفي استجابتها الأمينة لما يمكن أن تحركه هذه العملية الإرهابية من مشاعر إنسانية من شرق العالم، ومن غربه ومن شماله إلى جنوبه، وذلك لأن الإنسان في جهات العالم هذه، يرفض بالغريزة وبالطبع البشري، أن يعتدي أحد على رمز ديني، ومكان ديني مثل المسجد النبوي الشريف، حيث مرقد النبي عليه الصلاة والسلام، ومرقدي عمر بن الخطاب، وأبي بكر الصديق، رضي الله عنهما. حتى من هم من غير المسلمين، ومن غير العرب، وقد يكونون على ملل ونحل وثقافات ومعتقدات وقيم وفكر غير إسلامي، وربما غير ديني.. نقول حتى هؤلاء أغضبهم إرهاب جماعة الشيطان، وأغضبهم التعدي والاعتداء على حرمة وكرامة مكان مقدس له اعتباريته الدينية والروحية لدى ملايين البشر في أقطاب العالم. إن قصيدة (فتنة الإرهاب) قد تماهت والتقت وتفاعلت مع مشاعر المسلمين وغير المسلمين من أبناء الأرض وأبناء الحياة، والقصيدة نبض قلب شاعر عربي إسلامي، وهي في الوقت نفسه ليست قصيدة فرد فقط، بل هي قصيدة شعب، بل شعوب حية يحركها نبض الدين القويم السليم.. يحركها الإسلام بمعناه الأخلاقي الإنساني الجميل، بعيداً كل البعد عن صناع الإسلام المسيس بحسب فكر الظلام الذي تتبناه، وتعمل عليه جماعات الرعب والكراهية والقبح. نعم.. نحن مع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، والعالم الإنساني العادل والسلمي والقانوني، مع سموه عندما يقول، إنه لا دين ولا كتاب للإرهاب، ونحن معه ونؤيده، ونحفظ شعره في القلب والعقل والذاكرة، عندما يؤكد أن الإرهاب هو شرعة الغاب، ونحن مع سموه ومع شعره ومع فكره ومع رؤيته الأدبية والسياسية عندما يقول: إن الإرهابيين والقتلة وعصابات الجرم والخديعة والكذب هم مع الشيطان في أفعالهم وسلوكهم وتبريراتهم ووحشيتهم الخارجة على كل قيمة بشرية، وكل شرع وقانون وأخلاق. نرفع نص سموه في الهواء الطلق، وعند عين الشمس، لأنه نص النور والتنوير، ولأنه يعبر عما في قلوبنا وعما في وجداننا.. وقارئ هذه القصيدة يشعر، وللحقيقة، بالامتلاء والقوة والثقة لأنه يعتبر نفسه أنه قرأ كلمة حق وكلمة حقيقة. هكذا يؤكد سموه أن كل من يمضي في طريق هؤلاء الإرهابيين العجزة والمرضى والساديين هو خاسر، وما حظه إلّا السراب. ساديون ومرضى وعجزة، شاب من أفعالهم المتوحشة حتى رأس الطفل، ومع ذلك لا يتحرك فيهم قلب ولا ضمير ولا وجدان. فكرهم القتل بل قتل النفس (.. مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا) لكن هؤلاء البشعين الخارجين من سراديب العتم لا يقرؤون القرآن، ولا يصغون إلى نداءات القلوب المتعطشة للسلام والطمأنينة والرفق. مرة ثانية.. هذا هو اختطاف الإسلام بعينه.. اختطاف معانيه وقيمه وإنسانيته وأخلاقه، يقول سموه: خطف الإسلام منا زمرة فتحت للشر والفتنة باب زمرة مجنونة ملعونة كلّما تأتيه هدم وخراب قتل في قتل. هذه شرعة الغاب. الإرهابي لا يتورع عن قتل أهله وناسه حتى يطال هذا القتل الأب والأخ والابن، وتاريخهم الإرهابي الأسود يشهد على ذلك، ونتساءل مع سموه أي شرع كل ما فيه دم/ يترك الأرض بما فيها يباب. ثقافة الإرهابي تقوم على العنف والتخريب بل و(التخريف)، وشرعتهم تحويل أرض الله إلى فوضى وقلق واضطراب، بحيث يعود الناس إلى زمن الغابة والكهف والعنف. الإرهابي أبعد ما يكون عن التوبة ومراجعة نفسه بإنسانية وصحو، فهو مخدر وضائع وتائه في سراب جهله وأميته الغاشمة. أفكار نظيفة طاهرة إنسانية في هذه النص الشعري لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وإلى جانب ذلك، فإنني أرى أن هذه القصيدة تشكل مواجهة شعرية أدبية ثقافية، نحو تعرية فكر الضلال والقتل والجنون العارم، الذي تبثه وتزرعه وتغذيه بالدم جماعات الموت المتنقل من مكان إلى آخر، بصرف النظر عن القيمة القدسية لهذا المكان. تقع قصيدة (فتنة الإرهاب) في صف المثقفين التنويريين الغيورين على دينهم، والغيورين على الإسلام النقي العالمي، العظيم بفكره وإعجازه ونهجه الإنساني النظيف، ولذلك، نقرأها بهدوء ومحبة وتفاعل، فهي لسان حال كل عربي ومسلم حقيقي مع ذاته ومع عقيدته الإسلامية الأصيلة، والتي لا تمت بأية صلة لكل جماعة الإرهاب، الزمرة المجنونة والملعونة. يوسف أبولوز اعتذار من النبي الكريم عـــن جنـــون التطــرف دبي: الخليج حركت العملية الإرهابية التي ضربت المسجد النبوي في أواخر رمضان، وجماهير المؤمنين معتكفون فيه يقومون الليل ويصومون النهار، وألسنتهم تجأر بالدعاء إلى الله، في مشهد إيماني مهيب يحرك وجدان كل مسلم، يرى ذلك المشهد المهيب، ويجعله يتمنى أن يكون بينهم حتى ينعم بذلك الجو القدسي الذي تعمه السكينة وتتنزل عليه رحمات رب العالمين، حركت هذه العملية الآثمة وجدان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم، دبي، رعاه الله، فقد حز في نفسه أن يستهدف الإجرام ذلك المكان المعظم، ثاني الحرمين، على صاحبه أفضل الصلاة والسلام، ويقتل بإثم مشهود رجالاً مسلمين أبرياء كانوا يقومون بعمل مقدس، هو حراسة ذلك المكان الجليل الذي تعمره العبادة آناء الليل وأطراف النهار، وعندما تحرك وجدان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، كان لا بد له وهو شاعر أن يترجم ذلك الانفعال في قصيدة، فجاءت بعنوان فتنة الإرهاب. لو انطلقنا من العنوان فتنة الإرهاب فسنجد إشارة بارزة إلى مدار القصيدة، فما حدث هو فعلاً فتنة، وما أعظمها من فتنة، فليس بعد استهداف مسجد الرسول، صلى الله عليه وسلم، وعمّاره من فتنة، ولا يمكن أن يكون لمن يقوم بذلك ذرة من إسلام، لكنّه الضلال والجهل بالدين وبالإسلام هو الذي يحرك من يقوم بمثل هذه الأفعال، وكما قال سموه في مطلع القصيدة، فليس للإرهاب ملّة ولا كِتاب، ولا هوية، ليس الإرهاب إنسانياً، بل هو شريعة غاب، كأن صاحبه حيوان يعيش بين حيوانات، لا تَحْتكم إلى عقل أو دين أو حكمة، وإنما تحتكم إلى القوة والقتل والإبادة، وحوشٍ ضاريةٍ، لا يجد أي منها من الآخر غِرّة إلا وانقض عليه، تلك هي شريعة الإرهاب، وأولئك هم أصحابه، الذين أكلت الضغينة والحقد أنفسهم، واتخذوا من القتل والترهيب وسيلة للاستشفاء من مرضهم المزمن، وتهدئة غلّهم الذي لا يزول، إنهم أشرار ومجانين، ومهما ادعوا أنهم مسلمون فهم خارج دائرة الإسلام، فليس هذا هو دين الإسلام، ولا تعاليمه التي نزلت على محمد صلى الله عليه وسلم، ومصداقاً لهذه الحالة الجنونية ينعت الشاعر أولئك المجانين بأن كل شيء ممكن في تفكيرهم إلا الصواب، يستطيعون أن يعملوا كل شيء إلا أن يقوموا بعمل صائب سديد، فهم يتخبطون كالشياطين، بل هم أشد من الشياطين شراً وضلالاً، وسيجد كل من تبعهم، أو اقتنع بفكرهم ونهجهم في القتل والتذبيح، أنه يتبع سراباً، وأنه قد خسر في الدنيا والآخرة، وذلك هو الخسران المبين، يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: ليس للإرهاب دين أو كِتاب هو فيما بان لي شرعة غاب وله أتباعُ في تفكيرهــــــــم كل شيء ممكن إلا الصواب هم مع الشيطان في أفعالهم بل من الشيطان أنكى في الخطاب من مضى في نهجهـم أو فعلهم خاسر ما حظـــــــــه إلا السراب ويتوجه سموه إلى مقام الرسول، صلى الله عليه وسلم، بالاعتذار عن المسلمين في ما جناه هؤلاء البغاة المارقون من فساد في حرمه الشريف، فقد عم البلاء في هذا الزمن، وفقد الرشاد، وظهرت طوائف من الضُّلال تدعّي أنها تمثل الإسلام، والإسلام منها بريء، وأخذت تقتل وتثير الرعب في كل مكان، وتفتح أبواب الشر والفتنة، ولا تتورع عن قتل أقرب الناس إليها، لا تراعي فيه حرمة الإسلام ولا القربى، حتى وصل بهم الجنون إلى أن مدوا شرهم إلى المسجد النبوي الشريف، ذلك الصرح الشامخ الذي بناه رسول الهداية الذي دعا الناس إلى الحق، وجاء بشريعة سمحة، كلها رحمة ورأفة، فكشف غمة الجهل والعماء عن الناس، وأجابوه إلى دعوته وعزروه ونصروه، وكانت مدينته حرماً آمناً، حتى سميت مدينة السلام، وأصبح مسجده فيها نوراً ساطعاً يشع على الكون بأكمله، فكأن هذه الشرذمة بفعلتها تلك تريد أن تطفئ ذلك النور، وتخرب ذلك الصرح الشامخ، ولن تستطيع ذلك مهما كان عِظم كيدها. ويتجه الشاعر بالخطاب إلى المسلمين، يستنهض هممهم للتصدي لهذه الشرذمة الباغية التي شوهت الإسلام، وأضرت بالمسلمين، بأن يقفوا في وجهها وقفة تستأصل شرورها، وتقطع دابرها، حتى ينعم الناس بالسلام والأمن. رسالة تدعو المسلمين إلى التكاتف في محاربته فتنة الإرهاب.. الشعر في حضرة حكمة السياسة دبي: الخليج تحفل قصيدة فتنة الإرهاب، لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بقيم ذات وعي مضاد، للوعي الزائف للإرهاب، وتتضمن القصيدة عدة رسائل سياسية تندد بالإرهاب، وتبين للناس منبته، وتحض على محاربته واتقائه، خاصة بعد حادثة التفجير الإرهابي في المدينة المنورة. فالإرهاب مجافياً قيم العصر، ومهدداً لها، وهو في الوقت ذاته ليس من قيم الإسلام الجميلة، فلا يمكن نسبته للدين، فهو ليس من الإسلام في شيء، فالقصيدة تبين موقفها الواضح من الإرهاب بأبيات بديعة واضحة، وهي جاءت محتشدة بالعبر والدلالات ناصعة المعاني والبيان، وهي تعتبر بياناً سياسياً يحتوي موقفاً واضحاً من الإرهاب، وموضحاً للمنافذ التي يدخل منها، وموقف الدين منه: ليس للإرهـابِ دينٌ أوْ كِتابْ هُوَ فيما بانَ لي شِرْعَةُ غابْ ولَهُ أتْباعُ في تفكيرهمْ كُلُّ شيء مُمْكِنٌ إلاَّ الصَّوابْ هُمْ مَعَ الشَّيطانِ في أفعالهمْ بَلْ منَ الشَّيطانْ أنْكَىَ في الخطابْ منْ مضَى في نَهجِهمْ أوْ فعلهمْ خاسرٌ ما حظُّهُ إلاَّ السَّرابْ خَبِّروني ما الذي يجنونَهُ منْ جُنونٍ منهُ رأسُ الطِّفلِ شابْ فالقصيدة في كلمات واضحات قويات تحكم على الإرهاب بأنه ليس من الدين، ولا حتى الفكر الإنساني في عمومياته، بل وكذلك التشريعات الإنسانية السليمة، لم تدع له بل حاربته ووضعت القوانين للقضاء عليه، وتجنيب المجتمع ويلاته وشروره. فالإرهاب يعبر عن الفوضى وشريعة الغاب، فهو ضد القوانين وضد القيم، وتبين القصيدة أن للإرهاب أتباعاً متنطعين متشددين في تفكيرهم، فمن انضم إلى مثل هذا التفكير الظلامي فهو بلا شك خاسر. أيُّ فكْرٍ هوَ هذا فكْرُهُمْ غيرَ قتلِ النَّفْسِ منْ غيرِ إحتسابْ حاولوا تفجيرَ صَرْحٍ شامخٍ قَدْ بناهُ المهتدي الهادي المُجابْ مَسْجِدٌ أُسِّسَ بالتَّقوىَ ومِنْ نـورهِ النُّورُ غشاَ الكونَ وطابْ يا رَسولَ اللهِ عُذراً إنَّنا في زمانٍ فيهِ أمرُ الرُّشْدِ غابْ خطفَ الإسلامَ منَّا زُمرةٌ فتحَتْ للشَّرِّ والفتنَةِ بابْ زُمْرَةٌ مجنونٌَة ملعونَةٌ كُلَّما تأتيهِ هَدْمٌ وخَرابْ والقصيدة تؤكد على أن ليس للإرهابين من فكر ينسب للعقل، بل هو فعل عدمي عبثي، يحل قتل النفس التي حرّم الله قتلها إلّا بالحق، ومن ضلالهم حاولوا تفجير مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة، والقصيدة تشير إلى الحادث الأخير في الأراضي المقدسة، المسجد الذي كان له الدور في إخراج البشرية من الظلمات إلى النور، ولكأن عقل الظلاميين قد قصد أن ينال من نور عمّ الإنسانية، وتتوجه القصيدة في هذا المقام بالاعتذار للرسول الكريم، في زمن غاب فيه العقل، وعمت الفتنة من مجموعة مارقة على إجماع المسلمين، لا يتورعون في قتل حتى ذوي القربى، فهؤلاء غابت عقولهم وتمردت على الهداية، فصارت ألعن من الشيطان وأشد غواية، فهم لن يعودوا للصف، ولن يتوبوا عن مذهبهم الظلامي، الذي عماهم عن أن يراعوا حرمة مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام، بل لم يضعوا اعتباراً لسيد البشرية محمد صلى الله عليه وسلم، فكان أن بعثوا الفتنة بين المسلمين، ونــشروا الفساد في العالم أجمع. يا بَني الإسلامِ هَلْ منْ وَقفةٍ تَحْسِمُ الشَّرَّ وتَجْتَثُّ الخَرابْ إنَّ هذا الدِّينَ في حفظٍ وكمْ جالدوهُ بسيوفٍ وحرابْ حَفِظَتْهُ قُدْرَةُ اللهِ لنا ما لنا في قُدْرةِ اللهِ إرتيابْ وبنَصرٍ منْ رجالٍ نـذروا أنْفُساً تكتَسبُ المجدَ اكتسابْ في رباطٍ وبعَزمٍ راسخٍ قَدْ أعَدُّوا عَُّدةَ الخيلِ العِرابْ إنَّ في القُوَّةِ حلاًّ كُلَّمـا جاءَ أهلُ البَغْيِ يبغونَ الجوابْ فأعِدُّوا ما استطَعتُمْ واصبروا ذاكَ وَعْدُ اللهِ في أمِّ الكتابْ والأبيات الأخيرة من القصيدة جاءت تحمل مفتاح الحل، والذي هو وحدة المسلمين جميعاً ضد هذا الفكر الهدام، فالقصيدة جاءت كبيان سياسي يتضمن تحذيراً شديد اللهجة، وبكلمات كالسيف من خطورة الإرهاب، وتدعو في الوقت ذاته، فيما مضى من أبيات، إلى وقفة قوية للمسلمين في كل العالم، ضد الإرهاب والعمل على محاربته واجـــتثاثه من جذوره، وبعزم الأذكياء ترى القصيدة في محــاربة الإرهاب نصراً للدين، الذي حفظه الله تعالى، ودافع عنه، وحماه من الذين أرادوا به السوء، وبمجاهدات المسلمين الذين رابطوا وبذلوا العزم في سبيله، وتدعو القصيدة إلى القوة التي هي الحل في وجه المعتدين والمتربصين، فلابد من إعداد القوة، يقول الله تبارك وتعالى: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ فلابد من القوة لتحرس الدين من غلواء الإرهاب والتشدد، ومواجهة التفكير الظلامي، والقصيدة تحـض على الصبر الذي هو من عزم الأمور، وتبشر الناس بوعد الله في قرآنه الكريم، وهو الاستبشار بالنصر. القصيدة حملت فرادة بلاغية وإبداعية في أبياتها، التي تضمنت رسائل سياسية إلى الأمة الإسلامية جمعاء تدعو لمحاربة الإرهاب والتضامن والوحدة في مواجهته. تشخيص الفتنة.. والداء لم تترك هذه القصيدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، شاردة ولا واردة إلّا وتطرقت إليها ولم تلمح صيداً إلّا اقتنصته، فالقصيدة ربما يلاحظ القارئ أنها بدأت بخاتمة الفكرة أو زبدة الموضوع، وأن ما سيلي البيت الأول تحديداً هو شرح تفصيلي، وعادة ما يكون النص في حالة تصاعدية وترتفع حرارته حتى يصل إلى البيت الأخير، أمّا هنا، فإنه فيبدو أن الفكرة كلها تجمعت واختزلت في هذا البيت: ليس للإرهاب دينٌ أو كتابْ هو فيما بان لي شرْعة غابْ ومع أن تعريف الإرهاب ربما لا يخرج عن محتوى هذا البيت، الذي اعتمد فيه الشاعر على التكثيف العالي وتجلّـى هذا البيت في القصيدة وكأنه الملكة، وأن الأبيات التالية ماهي إلا وصيفات تعمل على خدمتها إلّا أن بعض أبيات القصيدة تصلح لكي تكون عناوين مواضيع مهمة وغاية في الحساسية، وكعادة سموه فنصوصه لا تأتي مفككة أو مرتبكة في الفكرة أو في وحدتها على الرغم من تعدد المحاور وتنوع العناوين، لكنه وبحرفية عالية يجعل كل مفردات القصيدة تستظل تحت سماء فكرة واحدة، حتى وإن تطرق إلى مواضيع شتّى، فهي تبقى في جسد ومتن المضمون العام. واللافت أن سموه يستطيع الكتابة عن الأحداث والتماسّ معها، على الرغم من حرارتها وحداثة وقوعها، فيأخذ من لهيب الحدث قبساً يضيء به دروب الفكرة، وفي تسلسل النص نجد توافقاً عجيباً ولافتاً لفكرة الخطوات، خصوصاً أنه ذكر شيطنة الفعل الإرهابي ثم تنفيذه وربطها بهذا المعنى، وهو يتوافق مع قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان فسموه نسج جزئيات النص بتتابع دقيق وبحرفية سرد شفيف وبخطوات واثقة متتالية، وفي أربعة أبيات متراصة قبل أن يشرح هذا الفعل ويصفه بأنه ناتج عن فكر عفن، وتصرف ينافي العقل والإنسانية والفطرة التي جعلت التساؤل يأتي استنكارياً ذا غرابة لا تخلو من الدهشة والصدمة: أيّ فكرٍ هو هذا فكرهم غير قتل النفس من غير احتسابْ نعم، فإن ما تمر به الأمة من تفكك وضياع ودمار وتنكيل، هو نتيجة فكر حاد عن الطريق وانحرف عن جادة الصواب وهو يظن أنه على الحق، وهذه التبعية العمياء لا تأتي إلّا من عقيدة تم ترسيخها في عقول فارغة ونفوس لا تحمل وازعاً خلقياً أو عقدياً، واستطاعوا تغذيتها حتى أصبحوا يتحكمون في أفعالها وتصرفاتها ومن دون توقف ولو للحظة أو تفكر فيما ستؤول إليه هذه الأفعال، وقد أثبتت الوقائع أن هذه الشيطنة الموجهة أوصلت أصحابها إلى قتل أهلهم وذويهم، ثم بلغت ذروتها لتنسى الحرمات وتنسف المبادئ والمثل وتفجر نفسها مسببة الأذى للبشرية وللمتمسكين بمحبتهم وبمعتقداتهم ومقدساتهم. حاولوا تفجيرَ صرحٍ شامخٍ قد بناه المهتدي الهادي المجابْ مسجد أسّس بالتقوى ومن نورِه النورُ غشا الكونَ وطابْ وفي هذه الأبيات ما يذكّر بآيات كثيرة تدعو إلى التأدب عند رسول الإنسانية، ومنها قول الحق سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا ويصور سموه بشاعة هذا الفعل وقسوته بذكره أن الشيطان ربما يتردد عن فعله، لكن الأفكار الضالة المنحرفة التي لا تنتمي إلى الأديان السماوية فاقت فعل الشيطان، وتجنّت على أطهر الأماكن، وقد سبق أن تم انتهاك حرمتها، فمنذ أبرهة الذي جاء لهدم الكعبة إلى القرامطة وما فعلوه من تنكيل وقتل وسرقة، وصولاً إلى ما نشاهده من أفعال لا إنسانية ولا أخلاقية بدأت بمصيبة الرافعة لتصل إلى التفجير بالقرب من قبر سيد البشر وحرمه النبوي، وهو ما يعني أن هذا الفكر وصل غلوّه أو علوّه إلى درجة تبشر بزواله لكن الحق يحتاج إلى نفوس صادقة وهمم عالية تنصره وأسباب تؤتى ليتحقق للأمة العزة والمنعة والنصر، ولذلك فإن الخاتمة كانت ذكية حين ربطها سموه بالدعوة إلى محاربة هذا الفكر بكل الوسائل وبطرق شتّى تتضافر من أجل أن يعود الأمن والأمان إلى البشرية فإعداد القوة الفكرية والسياسية والعسكرية واستخدامها في مكانها كعملية يراد من ورائها ردع المعتدي ليردّ له صوابه، هو حق مشروع يحفظ للأمم كرامتها ومنجزاتها ويحقق لها قدراً كبيراً من التوازن بل والتفوق في مجالات كثيرة. الإسلام الوسطي مرجعية الشاعر يكتب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي في قصيدته الجديدة فتنة الإرهاب صورة بليغة التوصيف لأزمة التطرف، والإرهاب، منطلقاً من الحادث المأساوي الذي اعتدى فيه الإرهابيون على المسجد النبوي في المدينة المنورة بتفجير انتحاري، كاشفاً عن واحدة من أكثر صور الإرهاب سوداوية، وقبحاً، واعتداءً، وانتهاكاً للمقدس، والروحاني. يفتح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الباب كاملاً على تاريخ التنظيمات الإرهابية، وامتداداتهم الفكرية، مقدماً في القصيدة صورةً شعرية محكمة السبك، يشترك في بنائها المرجع التاريخي، والواقع القريب، وتتجلى فيها دعوة الاتحاد في مواجهة هذا المد الظلامي. وينطلق سموه في بناء قصيدته من مرجعيات الإسلام الوسطي الداعي لكل أشكال المحبة والسلام، فيظهر خطاب المحبة مقابل العداء، وتنكشف رمزيات الظلامية مقابل النورانية والخير، إذ يستهل سموه القصيدة في أربعة أبيات تصف الإرهاب وتنزع عنه أي هوية دينية، أو عرقية، ليصبح هو الشر الكامل بكل صوره، حيث يقول: ليس للإرهاب دين أو كتاب/ هو فيما بان لي شرعة غاب، وله أتباع في تفكيرهم/ كل شيءٍ ممكن إلا الصواب، هم مع الشيطان في أفعالهم/ بل من الشيطان أنكى في الخطاب، من مضى في نهجهم أو فعلهم/ خاسر ما حظه إلا السراب. يلجأ صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، إلى اللغة الواضحة، والصور الدقيقة في التوصيف، هي لغة تستند على الإيجاز، وحذف الفائض، لتصبح القصيدة صوتاً عالياً ضد كل أشكال الإرهاب والظلام، وفي المقابل تصبح محلاً لطرح التساؤلات، والحض على محاربة الفكر العدواني، والتحصّن بتعاليم الإسلام الوسطي بكل ما يقدمه من خطاب روحاني، داعياً لعمار الأرض وخير البشرية. يتساءل سموه بعد استهلاله للقصيدة: خبّروني ما الذي يجنونه/ من جنون منه رأس الطفل شاب، أي فكر هو هذا فكرهم/ غير قتل النفس من غير احتساب. في القصيدة جملة من الأسئلة الاستنكارية، التي تعيد القارئ إلى حقيقة الإرهاب ومنطلقاته الفكرية، ليفتح الباب كاملاً على آخر ما اقترفوه في المسجد النبوي، فيجسّد في سلسلة من الأبيات بشاعة فعلهم وقداسة المسجد النبوي، وجلال قدره عند المسلمين، فيكتب: حاولوا تفجير صرح شامخٍ / قد بناه المهتدي الهادي المجاب، مسجد أسّس بالتقوى ومن/ نوره النور غشا الكون وطاب، يا رسول الله عذراً إنّنا/ في زمان فيه أمر الرشد غاب، خطف الإسلام منا زمرةٌ/ فتحت للشر والفتنة باب. يرسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في سبعة أبيات متواصلة، حجم الانتهاك الذي تجرأ عليه الإرهاب، فيصورهم بأنهم تجاوزا حتى صورة الشيطان بكل ما يتكرس عنه من دلالة للشر في المخيال الإنساني، إذ يقول: وصل الأمر بهم لو خرّبوا/ حرماً عن لمسه الشيطان خاب. ولا يتوقف سموه عند ذلك، بل يقدم مسارات واضحة لنهجهم الظلامي، واضعاً إياهم في علاقة مقابلة مع الشيطان نفسه، فيقول: من ضلال ضمّه منهجهم/ أن تصير الأرض حرب واضطراب، ويعود الناس فوضى ما لهم/ غير تكفير وسفك واحتراب، لن يتوبوا عن أذى يأتونه/ أبداً إلا إذا الشيطان تاب وينتقل من ذلك الفضاء إلى مكانة النبي صلى الله عليه وسلم عند المسلمين، معيداً بشاعة ما فعلوه إلى منهجهم الذي قدم فيه توصيفاً دقيقاً، فيقول: لم يبالوا مهبط الوحي ولم/ يحسبوا للمصطفى أي حساب، في حماه ومكان طيب / يرتجي الناس به نيل الثواب، بعثوها فتنة مشهودة / تترك الدنيا تراباً في تراب. ويختتم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم قصيدته بسبعة أبيات، يوجه فيها دعوة إلى المسلمين في مختلف أقطار الأرض، ليتحدوا في مواجهة الفكر الظلامي، الإرهابي، كاشفاً عن جملة من المبررات، وجملة من الرؤى المستقبلية التي تجعل القصيدة خطاباً موجهاً للمسلمين لمواجهة الإرهاب. ويستند في دعوته على منهجية الحاكم الحكيم، العارف بالتاريخ، والمعاين للواقع، والقادر على ترسيخ رؤى مستقبلية تنتشل الواقع من إشكالياته إلى مساحات أكثر سلاماً ونهوضاً ومحبة، فيتكئ على التاريخ الراسخ، والقرآن الكريم ليدعم دعوته، فيكتب: يا بني الإسلام هل من وقفة / تحسم الشر وتجتث الخراب، إن هذا الدين في حفظ وكم/ جالدوه بسيوف وحراب،حفظته قدرة الله لنا/ مالنا في قدرة الله ارتياب، وبنصر من رجال نذروا/ أنفساً تكتسب المجد اكتساب، في رباط وبعزم راسخ/ قد أعدوا عدة الخيل العراب، إن في القوة حلاًّ كلما / جاء أهل البغي يبغون الجواب، فأعدوا ما استطعتم واصبروا/ ذاك وعد الله في أم الكتاب. المحرر الثقافي
مشاركة :