لبرنامج لقيمات هوية مغايرة عن برامج الشباب على اليوتيوب. البرنامج الذي يقدمه عبدالمجيد الكناني ويخرجه محمد الدوسري، ربح شعبية متقدمة أفصحت عنها إحصاءات غوغل لكنه في نفس الوقت، اكتسب عداوة متجددة مع العديد من منتجي الدراما الخليجية وممثلاتها وممثليها، فلقيمات بالنسبة لهؤلاء في رمضان بمثابة قذائف حارقة للمعدة!. البرنامج كما هو معروف، يعرض مادة ساخرة تتصيد الأخطاء في الدراما السعودية والخليجية؛ لا يزعم من خلالها الكناني أنه بذلك يقدم نقداً فنياً أو موضوعياً حول تلك الأعمال بقدر ما يوجه سهام نقده للحالات والظواهر والمبالغات في المسلسلات التي تعيد أخطاءها من عام لآخر ومع ذات النجوم اللامعين. لقيمات الذي أنهى مع نهاية رمضان، موسمه الخامس، تحول إلى سلطة نقد لاذعة ومخيفة للعديد من المنتجين والنجوم. لم يترك عبدالمجيد الكناني مسلسلاً ساقطا إلا وعرّاه أمام الجمهور الذي انحاز له الكناني منذ أول حلقة وإلى الحلقة الأخيرة. وهو ما يمكن أن يكون السبب الذي دفع البرنامج ليكتسب مصداقية ترجمت لمتابعة عالية وجماهيرية وصلت إلى إعلان غوغل أن لقيمات ثاني أكثر مشاهدة وبحث وطلب على اليوتيوب بعد برنامج سوار شعيب. لكن لماذا وصل البرنامج لكل هذا التفوق؟. هنا يجب أن نتذكر ريادته المبكرة كونه البرنامج الأول عربياً في مجال النقد الساخر من الأعمال التلفزيونية -قبل أن يستنسخ مع الدراما السورية-، إلى جانب جرأة الكناني في قول ما لا تقوله غالبية المنابر الإعلامية المحكومة بمراعاة القناة التي تعرض المسلسل. فضلاً أن بداية لقيمات جاءت في وقت كانت أغلب الصفحات والبرامج التلفزيونية الفنية تقدم مادة خبرية دعائية للنجوم وأعمالهم دون وجود أي نبرة اعتراض إلا من القلة من الكتاب الصحافيين. لقيمات إذن استثمر هذا الفراغ النقدي ليقدم نقده الساخر في برنامج متحرر من تلك الشروط والموانع التي يضعها الإعلام التقليدي على نقد البرامج والمسلسلات المعروضة في قنوات كبرى. منطلقاً بحرية تامة في نقد مسلسلات تعرضها القنوات الكبرى وصولاً إلى التلفزيونات الرسمية، وبلغة لا تخلو أحياناً من الشطح الصادم. الأمر الذي اعتبره البعض، مأخذاً على البرنامج عندما يستعمل لغة صادمة ضمن فقراته. ولكن مهلاً، إننا أمام واقع درامي متردٍ وإزاء مهازل المسلسلات الخليجية ومبالغات الممثلين المستعرضين والمستخفين بعقول الجمهور وصولاً لأخطاء التصوير وغيرها من مظاهر انهيار الدراما الخليجية.. أمام كل هذا كيف يمكن أن تكون اللغة غير تلك التي يتداولها الكثير من الناس في ما بينهم؟. ليأتي الكناني ويقدمها بضرباته التعبيرية وبلغة مضادة للتعبير عن حالة التقزز مما وصل إليها الحال الدرامي الخليجي. ألا نحتاج أحياناً للغة عارية لنعري الواقع ونسمي الأشياء بأسمائها؟. هذه إذن هوية لقيمات، البرنامج الذي ينتمي لزمنه، وهو يقف كحائط صد ضد العديد من الهراء الدرامي المطروح في سوق الشاشات الاستهلاكية. لا يعني هذا أن البرنامج خالٍ من الأخطاء التي قد تتضمن الخروج عن العرف البرامجي، لهذا قال الكناني في آخر حلقات موسم لقيمات الأخير أن البرنامج نتاج بشري يحتمل الصواب والخطأ. خصوصاً إذا التفتنا للضغط الزمني والجهد الذهني الذي يبذله مقدم البرنامج وفريقه، خلال ثلاثين يوماً، لتقديم عدة حلقات تحتاج لمتابعة ورصد ما يعرض وكتابة سيناريو الحلقة التي يكتبها بمثابرة عبدالمجيد الكناني الذي صار مؤكداً بعد حلقة رشة سيلفي أنه لا يحابي ولا يجامل على حساب مصداقية البرنامج. أخيراً يجب أن نشير إلى معلومة شبه غائبة عن الكثيرين وهي أن عبدالمجيد الكناني ابن الحركة الفنية المسرحية والفيلمية في المملكة. ولديه العديد من الأدوار الهامة في أفلام قصيرة ومسرحيات عرضت في جمعية الثقافة والفنون بالدمام وغيرها، إلى جانب مشاركته في مهرجانات سينمائية. هذا التأسيس وهذه القاعدة هي التي تدفع الملمين والقريبين من الشأن الفني لاحترام برنامج لقيمات كون صانعه قادماً من مكابدة وتجربة واعية ومخلصة للفن، وليس كأولئك المهووسين بالشهرة والنجومية في برامج اليوتوب أو المسلسلات التي أشبعها الكناني توبيخاً وسخرية.
مشاركة :