يعد مارك توين- حسب وليم فوكنر- أبو الأدب الأمريكي، وكما قال إرنست هيمنغواي، فإن الأدب الأمريكي لم يبدأ إلا مع رواية مغامرات هكيبلري فن لمارك توين، وربما أفاد هيمنغواي نفسه من طريقة سرد توين، ودقته اللغوية، وحرصه على حذف الزوائد، وقد ناهض في حياته مظاهر العبودية، وكل أشكال العنف والعنصرية. ورصد كثير من النقاد بعضاً من أفكاره الراديكالية، كما تبين من سيرته التي أوصى بعدم نشرها إلا بعد وفاته، وعارض تشريح الحيوانات وهي حية، وكان من أعظم الساخرين، يكتب في لغة بسيطة، وغزير الإنتاج، وظل يكتب حتى بلوغه ال70، وتعرض لنوبات من القنوط البالغ، لكنه بعد وفاته تحول إلى أسطورة، حيث صار صوت أمته. وقد أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب ترجمة الشاعر محمد عيد إبراهيم لكتاب يوميات آدم وحواء لمارك توين الذي أصيب قرب نهاية حياته باكتئاب سوداوي عنيف، ودخل في حالة من اليأس والحرمان والأسى، إثر فشل تجاري ذريع في مهنة النشر، ووفاة ابنتيه وزوجته، فكتب سيرته، حين أحس بدنو الأجل، وقد ظلت هذه السيرة من أكثر الكتب مبيعاً طوال القرنين التاسع عشر والعشرين طبقاً للمقدمة التي كتبها عيد إبراهيم فإن مارك توين استحوذت عليه في كتابه يوميات آدم وحواء، جلب هذا الكتاب شهرة واسعة للكاتب، وفي الوقت نفسه كان وبالاً عليه، حيث قامت شرطة بوسطن باستدعائه وقتها في عام 1893 حين نشر المخطوطة الأولى لكتابه، وأخذ يحور ويغير ويزيد ويحذف فيها بصور مختلفة، حتى وفاته بعد 17 سنة، ومع أنه أصدر يوميات آدم عام 1892 ويوميات حواء عام 1905 إلا أنها لم تنشر كاملة في صورتها الحالية إلا بعد وفاته بواحد وعشرين عاماً في سنة 1931 وكانت بعنوان الحياة الخاصة لآدم وحواء. يأخذنا توين إلى عالم من البراءة في السماء والجنة والجحيم، إلى القديسين والخطاة، مبيناً المساعي لكل منهما لمواجهة متاعبهما آدم وحواء اليومية، قبل النزول إلى الأرض، ويبدأ الكتاب بنوع من السخرية، حتى يصل في بعض المقاطع إلى سرد درامي، يبتعد كلياً عن المفارقة والتهكم، لكن وضوح عالم توين هو ما يكسبه المصداقية على الدوام، وقد لا نرى في الكتاب نوعاً من التعاقب المباشر، أو قليلاً من التفكك، لكنه يدل على ما كان من الكتابة وإعادة الكتابة التي مارسها على النص طوال حياته، وقد قال: يبدو أن هذا الكتاب لن ينشر في حياتي.
مشاركة :