أقرّت مؤسسات خيرية سعودية، تنشط في مجال «الوساطة في الزواج»، بمشكلات تواجهها، تتمثل في «اختلاف مذهب أحد الزوجين»، إضافة إلى تفشّي «البطالة» التي رفعت أجور المهور، معتبرة أنها «من أبرز العقبات التي تواجهها»، وتمرّ بها ضمن برامج «التوفيق بين طالبي الزواج». ونصح عاملون في هذه المؤسسات بـ «تغيير أحد الزوجين مذهبه»، و«رفع نسبة الإعانات»، معتبرة تلك «حلولاً للحدّ من كثرة حالات عدم التوافق التي تستقبلها»، فيما تم الكشف عنها بعد عدم تمكّن أزواج من إحضار «ورقة تزكية» من أئمة المساجد، أو «ورقة تعريف بالمرتّب»، وهما شرطان تشترطهما أسر سعودية كثيرة، للموافقة على المتقدّم لخطبة ابنتهم. وتنشط «الجمعية الخيرية للرعاية الأسرية» (وئام) في شرق الملكة، التي تمتاز بالتنوع المذهبي، إذ تضم شيعة وسنّة، بتفرعات الطائفتين، لكونها منطقة مستقطبة، حيث توجد معظم المنشآت النفطية في البلاد. وقال مصدر من الجمعية لـ «الحياة»: «إن الطائفية والمذهبية عائقان يواجهان التوفيق بين طالبي الزواج، بل مشكلة لم ولن تحلّ إلى الآن»، موضحاً أن «الزوجين المختلفي المذهب لا يرغبان في الارتباط ببعضهما بعضاً في الغالب». وعزا السبب إلى أن «معظم المذاهب ترى الطرف الآخر على خطأ»، متسائلاً: «في هذه الحال؛ كيف يتم التوفيق بين زوجين، إن استمرت هذه الرؤية في زمننا هذا». وتشترط جمعية «وئام» لقبول أي طلب تزويج «إحضار الشاب ورقة تزكية من إمام المسجد، توضح أنه «حسن السلوك» وملتزم في أداء الصلوات الخمس جماعة في المسجد، حتى تصدّق من وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، تمهيداً لإكمال إجراءات الزواج». وكشف المصدر عن ورود «طلبات من شبان تختلف مذاهبهم عن مذاهب الزوجات، ونحن نسـتقبلها ونهـتم بها ونـحـيلها إلى جمعـيات توفيـق بين الأزواج، تتبع مذاهبهم، ويـكون بينـنا وبينـهم تعاون مسبق، ونوصيهم على هذه الطلبات». وأوضح المصدر أن الهدف من تسليط الضوء على مذهب الزوجين، وخصوصاً الرجل، هو «الوصول إلى التوافق الذي بُنيت الجمعية على أساسه، واضعين في الاعتبار أن الترتيب من أساليب النجاح. ويأتي بالتركيز على الشريحة المستهدفة». ولفت المصدر إلى أن «ليس من اختصاص الجمعية مناقشة الخلافات المذهبية أو حتى التوفيق بين المذاهب»، مقراً بأن هناك «حالات غيّرت مذهبها، ثم راجعت الجمعية بقصد الزواج». وذكر أن «الجمعية لا تقدمّ مساعدة مالية للفتيات بل للشبان، وعقد النكاح لا يصح إلا باتفاق الزوجين على المذهب ذاته، فلا بدّ من أن يتنازل أحدهما عن مذهبه». أما بالنسبة الى التعصّب القبلي، والزواج من الأقل نسباً أو ما يعرف بـ «التكافؤ الزوجي»، فقال المصدر: «نتعامل معه من باب أن أكرمكم عند الله أتقاكم»، لأن من الصعب تغييره في المجتمع»، مشيراً إلى أن «قبائل تبرأت من أبنائها، لزواجهم من بنات قبائل أخرى أو عائلة يعتبرونها أقل نسباً». وتنشط «الجمعية الخيرية للزواج ورعاية الأسرة» (أسرتي) في المدينة المنوّرة (غرب)، وهي المدينة التي تستقطب مسلمين من أصقاع الكون، لكونها تضم قبر النبي محمد (صلّى الله عليه وسلّم)، وبعضهم يقرّر البقاء فيها. وتهتم الجمعية بالإسهام في بناء أي مشروع ينجب «أسرة مستقرة». واعتبر المسؤول عن خدمات المستفيدين في «جمعية أسرتي» عبداللطيف الأركاني، أن «اختلاف المذاهب» و «التعصّب القبلي» من أبرز المشكلات التي كانوا يواجهونها، «لكن تم تفاديها من طريق إنشاء قسم التعريف قبل عامين، يختص بالتنوير في هذه الأمور، كما بدأ تفعيله». وذكر الأركاني، في تصريح إلى «الحياة»، أنهم لم يعودوا يواجهون مشكلة مع هذين الجانبين، في ما يخصّ التوفيق بين الأزواج، عازياً السبب إلى «عدم وجود شرط لقبول التوفيق يخصّ هذين الجانبين». وزاد: «الأهم أن يكون الزوج سعودياً». وذكر أنهم لا يطلبون «خطاب تزكية» من إمام مسجد الحي أسوة بغيرهم من الجمعيات الخيرية المهتمة في شأن التزويج، بل «خطاباً معتمداً من عمدة الحي»، يثبت أنه من سكان المدينة، ويعتبر هو ثاني الشروط الأساسية. وكشف عن تجاوز عدد المتقدمين لطلب الزواج الـ150 شخصاً، وتراوح نسبة المقبولين منهم بين 15 و20 في المئة، مؤكداً أن «البطالة عائق رئيس يمنع قبول المتقدمين لديهم، ما أدى إلى ارتفاع المهور عن 35 ألف ريال، حتى وصلت إلى 45 ألفاً. فيما تعمل الجمعية على وضع حل، ورفع الإعانة؛ لزيادة عدد المقبلين على الزواج وتسهيل أمورهم».
مشاركة :