كشفت مصادر يمنية قريبة من الرئاسة لـ«الشرق الأوسط»، عن أن المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، طلب لقاء الرئيس عبد ربه منصور هادي، في إشارة إلى محاولة إنقاذ مشاورات السلام (اليمنية – اليمنية)، وذلك بعد تصريحات وتلميحات هادي الأخيرة بعدم العودة إلى الكويت. وقال مستشار في الرئاسة اليمنية لـ«الشرق الأوسط» إن محاولة ولد الشيخ لقاء هادي تعد سعيًا منه لتصحيح أخطائه. وقال ياسين مكاوي، مستشار الرئيس اليمني، عضو وفد المشاورات اليمنية إلى الكويت إن الخطأ الذي وقع فيه ولد الشيخ يتمثل في أنه «تطرق إلى خارطة طريق لم تتم الموافقة عليها أو حتى عرضها للوفد الحكومي، حيث أشار إلى حكومة وحدة وطنية، وذلك يعني محاولة لشرعنة الانقلاب، حيث يعتبر ذلك سابقة خطيرة لتشريع الانقلابات في العالم». وكشف مكاوي عن انتقادات حادة وجهتها الحكومة اليمنية إلى ولد الشيخ بقوله: «وجهنا نقدًا حادًا كوفد حكومي في مشاورات الكويت حال الإشارة إلى ذلك في إحاطته أمام مجلس الأمن الأخيرة، وفي اعتقادي ومن خلال تجربتنا في الماراثون لسبعين يوما في مشاورات الكويت، أن الحسم العسكري لا بد منه لإنهاء الانقلاب وما ترتب عنه أو التنفيذ الصارم لقرار مجلس الأمن الدولي»، مؤكدا أن على «المبعوث الدولي العمل على وضع آليات تنفيذه كما تم الاتفاق عليه في مدينة بيال السويسرية، بدلا من الخوض في تسويات خارج إطار القرار 2216، مما يؤدي إلى تكريس الانقلاب وشرعنته». وأضاف مستشار هادي أن إحاطة ولد الشيخ الأخيرة إلى مجلس الأمن الدولي «خرجت عن مسار 2216، ومحاولاته وضع خارطة طريق غير متفق عليها باتجاه تشكيل حكومة وحدة وطنية مجاراة لأطروحات الحوثي - صالح ووفدهم غير آبهة بالعقوبات الدولية المفروضة عليهم، باعتبارهم عطلوا العملية السياسية وانقضوا على المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني وأشعلوا الحرب وهددوا الدول المجاورة، بل واعتدوا عسكريا على حدود المملكة العربية السعودية، وشكلوا خطرا على أمن مواطنيها». في سياق متصل، كشف المسؤول اليمني البارز لـ«الشرق الأوسط» عن أن قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية بدأت فعليا في فرض طوق عسكري على العاصمة صنعاء، وأكد مكاوي أن زيارة هادي ونائبه إلى مأرب أول من أمس، حملت «عددا من الرسائل محليا وخارجيا، حيث أدت محليا إلى زيادة الزخم الشعبي في مواجهة المشروع الانقلابي المدعوم إيرانيا، ورفع الجاهزية القتالية والمعنوية للجيش الوطني والمقاومة الشعبية، واستعداداهم لخوض معركة الحسم المقبلة، والتي بدأت بوادر خوضها في عملية فرض الطوق العسكري على صنعاء». وأشار مكاوي إلى أن الزيارة أوصلت، أيضا «رسالة واضحة للمجتمع الدولي والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، أن الحكومة الشرعية ممثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي، ومن خلفها الشعب اليمني، شماله وجنوبه، والجيش الوطني والمقاومة الشعبية، ومن وإلى جانبهم التحالف العربي، بقيادة المملكة العربية السعودية - جادون في تحرير الأرض اليمنية كاملة من أجل استعادة الدولة المختطفة من ميليشيات الحوثي - صالح الانقلابية، وقطع دابر المشروع الإيراني من المنطقة، والتي تشكل شريان حياة للمصالح العربية والدولية». وأشار مستشار هادي إلى تطلع الحكومة اليمنية الشرعية إلى سلام دائم «غير منقوص عبر تنفيذ القرار 2216، وهي بذلك تؤكد التزامها بقرارات الشرعية الدولية التي بدا للبعض خطأ إمكانية تجاوزها»، مثمنًا «الجهود المضنية التي بذلتها دولة الكويت الشقيقة وأمير البلاد». إلى ذلك، قالت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن الانقلابيين باتوا في وضع صعب في صنعاء، واستنفروا كامل ميليشياتهم في العاصمة وفي تخومها (الحزام المحيط بها)، إلى جانب تشديدهم الأمني على فئات معينة من سكان العاصمة، الذين يعتقدون أنهم من الموالين للشرعية، ويمكن أن يسهموا في عملية تحرير العاصمة من الداخل. وأشارت مصادر في صنعاء إلى أن حالة سخط شعبية كبيرة تسود المدينة، خاصة بعد سطو الميليشيات على المرتبات الأساسية للموظفين، ونهب اعتمادات مالية ضخمة، بالتزامن مع إقصاء الكثير من أنصار الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح من المؤسسات الحكومية والأمنية والعسكرية. على صعيد آخر، حاول رئيس وفد الانقلابيين (الحوثي – صالح) إلى مشاورات الكويت التلاعب على مسألة العودة إلى المشاورات مادام أنها تدعم مواقفهم، وقال عبد السلام، في منشور على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «إننا نؤكد بما التزمنا به في جولة المشاورات الأولى مع المبعوث الدولي، وبالموعد المحدد لعقد الجولة المقبلة في الكويت، دون شروط مسبقة، وبما توافقنا عليه فيما يخص استمرار الالتزام بوقف الأعمال العسكرية، ونقل لجنة التهدئة والتنسيق إلى مكان قريب من مسرح العمليات (ظهران الجنوب، حسبما هو متفق عليه)، وبما يضمن وقف العمليات القتالية برا وبحرا وجوا، والعودة إلى مواصلة المشاورات في الكويت في تاريخها المحدد (15 يوليو (تموز) – الحالي)، للوصول إلى حلول شاملة، وفقًا للمرجعيات المتفق عليها، بما فيها القرارات الدولية ذات الصلة»، لكن عبد السلام أعلن تحفظه على «بنود العقوبات ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني المتفق عليها، واتفاق السلم والشراكة»، وبعض التفاصيل الخاصة بالتسوية السياسية، والتي كانت في صالح الانقلابيين بدعم كامل من المبعوث الأممي السابق إلى اليمن، جمال بنعمر. وفي تعليق له حول خطاب الرئيس هادي من مأرب، قال الباحث والمحلل السياسي العميد ثابت حسين صالح إنه يمكن قراءة زيارة الرئيس هادي ونائبه الأحمر إلى مأرب في سياق التلويح، وربما البدء الجاد هذه المرة بخيار الحسم العسكري شمالا، ردا علی محاولات الطرف الآخر الالتفاف علی قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة بموضوع اليمن، وخصوصًا القرار 2216 وإفراغه من محتواه أو تمييعه، والعودة بالأوضاع في اليمن إلی المربع الأول ما قبل انطلاق عاصفة الحزم لاستعادة ودعم الشرعية اليمنية برئاسة الرئيس عبد ربه منصور هادي في 26 مارس (آذار) 2015م. وأردف العميد ثابت صالح بالقول: إذا كانت المقاومة الجنوبية كما كانت في السابق قد منعت أي تقدم للحوثيين جنوبا، بل كبدتهم خسائر فادحة تجعلهم يفكرون ألف مرة قبل أن يقرروا تكرار محاولاتهم.. فإن «المقاومة الشعبية» في الشمال، وكذلك الوحدات العسكرية الموالية للشرعية المنضوية في إطار «الجيش الوطني» كانت وما زالت تخسر مواقعها - علی قلتها وتواضعها أصلا - واحدا بعد الآخر.
مشاركة :