طعم الكرز

  • 7/13/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

مجلة سينمائية أمريكية قالت عنه بعد رحيله: قد يكون العالم خسر أعظم مخرجيه، إنه عباس كيارستامي، المخرج السينمائي الذي غادر الدنيا للتو. شيئان لم يكن بوسعه مفارقتهما: النظارة ذات العدسات الداكنة بسبب حساسية عينيه من الضوء، أما الشيء الآخر فهو: الوطن، هذا إذا جاز اعتبار الوطن شيئاً، وهو ليس كذلك بالقطع. على خلاف جمهرة واسعة جداً من كبار المبدعين والفنانين والمثقفين الإيرانيين الذين غادروا إيران بعد الثورة الإسلامية، لأنه لم يعد بوسعهم تحمل الجو الخانق في البلاد، آثر كيارستامي البقاء متحملاً كافة الضغوط، وحين عاد إلى مطار طهران حاملاً بين يديه السعفة الذهبية التي فاز بها في مهرجان كان عن فيلمه طعم الكرز عام 1997، لم يكن ثمة أحد في استقباله، بل إنه قال فيما بعد: هناك من حاول ضربي في المطار . لكن الأقدار شاءت أن يموت كيارستامي في مشفى بباريس عن ستة وسبعين عاماً، وهو يكابد مرض السرطان، ومع ذلك فإن جنازته في طهران شهدت حشداً كبيراً من جمهوره ومحبي أفلامه ومن الفنانين والمثقفين، وشرح سبب إصراره على البقاء في وطنه: أنا مثل الشجرة التي لا تزهر إلا بتربتها، وإذا انتُزعتْ ووُضعتْ في مكانٍ آخر فإنها قد تنمو، لكن لن يكون لها أبدا العطر نفسه. سيؤكد الكثير من النقاد هذا القول بعدم حماسهم لأفلام كيارستامي الأخيرة التي صورت خارج إيران، كما هي الحال مع فيلم نسخة طبق الأصل الذي صوره في إيطاليا وفيلمه مثل عاشق وهو فيلم من إنتاج فرنسي ياباني مشترك، حيث وجدوا أنها افتقدت لعنصر أساسي من إبداعه، الآتي من فهمه العميق للمكان وتفاصيله الصغيرة. يحكي طعم الكرز الذي عنه نال السعفة الذهبية قصة رجل يبحث عمن يدفنه بعد انتحاره، وتقضي خطته أن يأخذ جرعة كبيرة من الحبوب المنومة لينام في حفرة على أن يجد شخصاً يدفنه بعد أن يموت، فيتجول بسيارته في ضواحي المدينة بحثاً عن هذا الشخص ويخوض حوارات مع أناس مختلفين عن الموت والحياة ملامساً الحياة الراهنة في إيران، وهم يحاولون إقناعه بنبذ فكرة الانتحار وحب الحياة بأدلة مثل تذوق طعم الكرز. فيلم آخر له ترشح للسعفة الذهبية، حتى لو لم ينلها، هو فيلم عشرة الذي يتابع فيه امرأة تقود سيارتها في شوارع طهران وتخوض حوارات مع شخصيات مختلفة فيها، حيث يكرس نهجه هنا في المزاوجة بين الروائي والوثائقي، باستخدامه لممثلين غير محترفين وتصويره في الأماكن الواقعية، حيث صور مشاهد الفيلم بوضع كاميرتين رقميتين على جانبي السيارة وثقتا ما يجري في داخلها. د. حسن مدن madanbahrain@gmail.com

مشاركة :