قصفت قاذفات روسية بعيدة المدى انطلقت من قواعد في روسيا مواقع تابعة لتنظيم «داعش» في سورية، في أول تدخل من نوعه منذ شهور، بينما صعّدت موسكو لهجتها حيال المبعوث الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا واتهمته بالمماطلة في الدعوة إلى جولة مفاوضات جديدة. وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن تطبيع العلاقات بين روسيا وتركيا سينعكس إيجابياً على الأوضاع في سورية ويساعد في إيجاد سبل أكثر فعالية للتسوية. وبدت لهجة الوزير الروسي حادة حيال دي ميستورا خلال مؤتمر صحافي عقده في باكو أمس، واعتبر أن الموفد الدولي الخاص إلى سورية «يماطل في تنفيذ التزاماته، وفشل في عقد جولة جديدة» من المفاوضات «السورية - السورية»، مشدداً على أن هذا الوضع «يقلق موسكو». وانتقد تصريحات المبعوث الدولي حول ضرورة توصل موسكو وواشنطن إلى اتفاق على الحل السياسي في سورية، يدفع جهود الأمم المتحدة، لعقد جولة جديدة من المشاورات، واعتبر لافروف أن «هذه طريقة غير صحيحة»، مشدداً على أن الحوار الروسي - الأميركي حول سورية «ليس بديلاً عن المفاوضات السورية - السورية». وزاد أن الحديث عن إحلال الثنائي «الروسي - الأميركي» مكان تقدم المفاوضات «السورية - السورية» يمثّل «إشارة ضارة للغاية، ومصدرها الأساسي المعارضة غير المهادنة، الممثلة بما يعرف بـ «الهيئة العليا للمفاوضات» التي لا تشغل نفسها سوى بأن تضع مهلاً لإزاحة (الرئيس السوري بشار) الأسد - ومهلاً معينة للمفاوضات. وهذا الأمر لا يساعد في العمل». وفي إشارة إلى زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى موسكو غداً الخميس، قال لافروف إنه سيعمل مع نظيره الأميركي «لتطوير الخط المشترك لدينا، والذي ينبغي أن يقوم على المبادئ الواضحة تماماً، المنصوص عليها في قرارات مجلس الأمن الدولي». وقال لافروف إن روسيا تولي اهتماماً لقيام تنظيم «جبهة النصرة» بإنشاء «مجموعات إرهابية حول مدينة حلب السورية، بأسماء مختلفة، وهذا الموضوع سيكون محوراً أساسياً للبحث مع كيري»، موضحاً أن ثمة مجموعات «تدّعي بأنها على استعداد للانضمام إلى اتفاق وقف الأعمال العدائية، ولكنها في الواقع تعمل بالتنسيق مع الإرهابيين ضمن هياكل النصرة». وتطرق الوزير الروسي إلى تطبيع العلاقات مع تركيا معتبراً أنه يوفّر شرطاً مهماً لإنجاح المسار السياسي في سورية و «البحث بفاعلية أكبر عن طرق مشتركة لتجاوز الأزمة السورية، التي لا تلتقي فيها وجهتا النظر الروسية والتركية»، مشيراً إلى أن محادثاته مع وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو في سوتشي، فتحت الباب أمام تعزيز قناعة بأن «موقف الشركاء الأتراك سيكون أكثر مرونة، وسنحاول الاتفاق في شكل أكثر صراحة على كيفية تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي لمنظمة الأمم المتحدة، والمجموعة الدولية لدعم سورية». وفي تطور ميداني، أفادت وزارة الدفاع الروسية بأن 6 قاذفات ثقيلة من طراز «توبوليف» انطلقت من الأراضي الروسية قصفت أمس مواقع لتنظيم «داعش» و «دمّرت معسكراً ميدانياً كبيراً و3 مخازن أسلحة وذخائر و3 دبابات و4 مصفحات و8 سيارات مزودة برشاشات ثقيلة، إضافة إلى أنها قتلت عدداً كبيراً من المسلحين». وأوضح بيان صادر عن الوزارة أن القاذفات بعيدة المدى انطلقت من قاعدة عسكرية روسية ووجهت ضربات مكثفة إلى منشآت تابعة لتنظيم «داعش» الإرهابي في مناطق محيطة بتدمر، والسخنة وآراك (ريف حمص الشرقي)، مشيراً إلى أن الجانب الروسي أبلغ التحالف الدولي فيي شكل مسبق بموعد توجيه ضربات ومسارات القاذفات الروسية البعيدة المدى. وجاءت الغارات الروسية بعد يوم (أ ف ب) من تأكيد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن القوات النظامية السورية صدت الاثنين هجوماً شنه «انغماسيون» من «داعش» بعد تمكنهم من التسلل إلى تدمر، في أول هجوم يشنه التنظيم داخل هذه المدينة الأثرية منذ طردتهم منها القوات الحكومية بدعم روسي في نهاية آذار (مارس). وقال مدير «المرصد» رامي عبدالرحمن لوكالة «فرانس برس» إن «انغماسيي داعش قتلوا. انتهى الهجوم وفشل. هناك خمسة قتلى من قوات النظام على الأقل». وكان «المرصد» أفاد في وقت سابق الاثنين بوقوع «اشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وعناصر انغماسيين من تنظيم (داعش) من جهة أخرى، في الأطراف الشرقية لمدينة تدمر بريف حمص الشرقي». وأوضح أن الاشتباكات اندلعت «عقب هجوم نفذه عدة عناصر من التنظيم اثر تمكنهم من التسلل إلى أطراف الحي الشرقي للمدينة انطلاقاً من منطقة البساتين المحيطة بالمدينة». وأضاف أن «عناصر التنظيم دخلوا الحي الشرقي للمدينة وداهموا بعض المنازل واستجوبوا قاطنيها بحثاً عن مخبرين أو عملاء ومطلوبين للتنظيم، واتبعوا مداهمة المنازل بإطلاق النار على تمركزات لقوات النظام في الحي الشرقي». وأوضح أن الاشتباكات «ترافقت مع قصف عنيف من طائرات حربية استهدف مناطق الاشتباك ومناطق أخرى في البساتين الشرقية لمدينة تدمر». وهي المرة الأولى التي يتمكن فيها عناصر التنظيم من الدخول إلى تدمر منذ استعادت القوات الحكومية السيطرة عليها في 27 آذار (مارس) بعدما احتلها «داعش» قرابة عام.
مشاركة :