أسعار النفط تنتعش رغم تجدد المخاوف بشأن تخمة المعروض

  • 7/14/2016
  • 00:00
  • 15
  • 0
  • 0
news-picture

مالت أسعار النفط الخام إلى الارتفاع في الأسواق الدولية إلا أن المخاوف تجددت مرة أخرى من استمرار حالة تخمة المعروض بعد تقرير لوكالة الطاقة الدولية حول وفرة الموارد وزيادة الإنتاج في مقابل تحسن واسع متوقع أيضا في مستويات الطلب. وعلى الرغم من انخفاض المخزونات النفطية إلى أدنى مستوى في أربعة أشهر إلا أن تأثير ذلك على مستوى الأسعار كان محدودا في ضوء تقييمات سلبية للسوق من الوكالة الدولية. وما زال التخارج البريطانى من الاتحاد الأوروبى يلقى بظلال قوية على سوق النفط الخام الذي يواجه تقلبات سعرية متلاحقة بفعل تداخل تأثير عديد من العوامل القوية والمتضادة فيما لاقت توجهات أوبك نحو زيادة المعروض قبولا من الأوساط الاقتصادية، حيث ازدادت القناعة بدور أوبك المهم في الحفاظ على تأمين الإمدادات في ضوء الصراعات والتوترات والأزمات الاقتصادية التي تواجه عديدا من المنتجين في المرحلة الراهنة. وفي هذا الإطار، يقول لـ"الاقتصادية"، فينسيزو أروتا مدير شركة "تيميكس أوليو" الإيطالية للطاقة، إن السوق يتجه نحو استيعاب وفرة المعروض والتغلب على أي تأثيرات سلبية لها ويساعد على ذلك حدوث تطور إيجابي متنامٍ، فيما يخص مستويات الطلب العالمي على النفط الخام، مشيرا إلى أن العامين القادمين سيشهدان مزيدا من التحسن في أسعار الخام إلى ما بين 60 و70 دولارا للبرميل. وأضاف أروتا أنه من الطبيعي أن تركز دول أوبك الأكثر نموا على زيادة إنتاجها لتعويض الانخفاض الواسع الحادث في المعروض من خارج أوبك إلى جانب مشاكل الإمدادات في بعض دول أوبك مثل ليبيا ونيجيريا وفنزويلا. وأشار أروتا إلى أن روسيا وهي من أكبر المنتجين خارج أوبك تواجه ظروفا اقتصادية صعبة وبحسب تقديرات صندوق النقد الدولي تواجه ركودا اقتصاديا مستمرا خلال العامين الحالي والمقبل، منوها إلى أن الوضع في فنزويلا وهي من أبرز أعضاء أوبك في أمريكا اللاتينية وصل إلى مستويات خطيرة وتداعيات مسبوقة بسبب تراجع أسعار النفط ووصل الأمر إلى انسحاب الشركات والمصانع من العمل في السوق الفنزويلى بعد مصادرة الحكومة لمصنع أمريكي. ومن ناحيتها، أوضحت لـ"الاقتصادية"، إيريكا ماندرفينو مدير العلاقات العامة بعملاق الطاقة الإيطالى "إيني"، أن صناعة الطاقة تواجه كثيرا من التحديات في المرحلة الراهنة وفي المستقبل ويجب أن يعمل جميع أطراف الصناعة على إجراء تطوير وتغييرات قوية في طرق ونظم وأساليب إنتاج الطاقة، مشيرة إلى أن شركة إيني بدأت بنفسها وركزت على تطوير البحوث وايجاد الحلول العملية للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وأضافت ماندرفينو أنه من دون تخفيض انبعاثات الكربون والالتزام الكامل باتفاق باريس لمكافحة التغير المناخي فسيكون من الصعب الحفاظ على الصناعة وتطورها مشيرة إلى أن قضية البيئة موضع التزام كامل من شركة "إيني" وتعد أبرز ملامح تقدمها وركيزة من ركائز الاستمرار في الاستثمار في المستقبل. وأشارت ماندرفينو إلى أن الحلول المتطورة لمنظومة الطاقة – وفق رؤية إيني - تدور حول نوعين من المبادرات الأولى هي زياة الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة وتنوع محطات إيني للطاقة لتحقيق الاستفادة القصوى من تكامل موارد الطاقة المختلفة. أما الثانية فهي نموذج الاقتصاد الأخضر، الذي يقوم على تأسيس مشاريع جديدة للطاقة ليست مرتبطة بالمواقع الصناعية التلقيدية لشركة إيني مع التركيز على زيادة المشروعات في الأسواق الواعدة مثل إفريقيا. إلى ذلك، ذكرت لـ"الاقتصادية"، أنجيلا سترانك مدير تكنولوجيا مشروعات المصب في عملاق الطاقة البريطاني بريتيش بتروليوم "بي بي"، أنه يمكن القول بأن الطلب على الخام نما بلا هوادة خلال العقود القليلة الماضية وسيستمر كذلك، مشيرة إلى أن تلبية احتياجات الطاقة والاستجابة للطلب الواسع المتوقع على النفط الخام يتطلب من شركات النفط مواجهة تحديات السوق والتغلب على الصعوبات والاستمرار في الاستثمار تحت أي ضغوط. وأشارت سترانك إلى أن التكنولوجيا هي كلمة السر في تحقيق التقدم والنجاح في صناعة الطاقة بشكل عام مؤكدة أن التكنولوجيا وسعت الموارد بشكل كبير، حيث نقلت صناعة النفط من الاستثمار في اليابسة إلى الاستثمار في الماء وفي المياه شديدة العمق وفي الوصول إلى الموارد الضيقة. وأضافت سترانك أن الوعى بخطر الانبعاثات حث الصناعة على الانتقال بشكل أسرع إلى الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة التي تنمو حاليا بما يقرب من 9 في المائة سنويا بدلا من 6.6 في المائة قبل سنوات قليلة وأن هذا النمو سيصل إلى 15 في المائة بحلول عام 2035. من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، فقد تعافت أسعار النفط من خسائر حادة لترتفع بما يزيد على دولار للبرميل أمس مع تراجع الدولار لكن سماسرة قالوا إن الاتجاه النزولي ربما يتواصل قريبا في ظل مستويات قياسية مرتفعة للمخزونات ومخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي، ما يضر بالمعنويات. وبحسب "رويترز"، فقد زاد خام برنت 1.05 دولار إلى 47.31 دولار للبرميل، وصعد الخام الأمريكي 90 سنتا إلى 45.65 دولار للبرميل، وصعد الخامان القياسيان قليلا مع هبوط الدولار بعدما قرر بنك إنجلترا المركزي وبشكل غير متوقع الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير في أعقاب تصويت البريطانيين الشهر الماضي لصالح خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي. وقال تاماس فارجا المحلل لدى "بي.في.ام أويل أسوسيتس" في لندن إن صعود النفط جاء استجابة لتراجع الدولار، وربما يكون قصير الأمد، مشيرا إلى أن سوق النفط متخمة بالمعروض وإنتاج أوبك يتزايد ولدينا بيانات أسبوعية متشائمة لمخزون النفط في الولايات المتحدة. ودفع التقييم المتشائم لأسواق النفط من وكالة الطاقة الدولية برنت والخام الأمريكي للانخفاض أكثر من أربعة في المائة بنهاية التعاملات، وقالت وكالة الطاقة الدولية إن تخمة المعروض العالمي من النفط مستمرة، وإنها تعوق تحسن أسعار الخام رغم النمو القوي في الطلب والانخفاض الكبير في إنتاج الدول غير الأعضاء بمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك). وأضافت الوكالة أن الطلب ينمو بفضل الاستهلاك الجيد في الهند والصين وكذلك نمو الاستهلاك في أوروبا على نحو غير متوقع، ولكن من المستبعد استمرار نمو الطلب الأوروبي في ظل الاضطراب الحالي لاقتصادات أوروبا التي تواجه الآن مزيدا من الضبابية عقب نتيجة الاستفتاء على عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي. وتراجعت أسعار النفط لأدنى مستوى في أكثر من عشر سنوات إلى 27 دولارا للبرميل في وقت سابق هذا العام من 115 دولارا في 2014، ونتيجة لهذا التراجع اضطر كثير من المنتجين من خارج أوبك لخفض الإنتاج وعاودت الأسعار الارتفاع إلى نحو 50 دولارا للبرميل في الأشهر الأخيرة بدعم أيضا من تعطل بعض الإنتاج في دول مثل نيجيريا وكندا. وأشارت الوكالة التي تتخذ من باريس مقرا لها إلى أن هذا لم يكن كافيا لتقليص تخمة المعروض، التي تراكمت على مدار العامين الأخيرين، وزادت المخزونات التجارية في الدول الصناعية 13.5 مليون برميل في أيار (مايو) لتصل إلى مستوى قياسي مرتفع بلغ 3.074 مليار برميل. وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إن مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة هبطت بأقل من المتوقع الأسبوع الماضي، بينما سجلت مخزونات البنزين زيادة مفاجئة وقفزت مخزونات نواتج التقطير. وتراجعت مخزونات النفط الخام 2.5 مليون برميل في الأسبوع الماضي لتصل إلى 521.8 مليون برميل، مقارنة بتوقعات محللين بانخفاض قدره ثلاثة ملايين برميل، وأفادت الإدارة أن مخزونات الخام في مركز تسليم العقود الآجلة في كاشينج بأوكلاهوما هبطت 232 ألف برميل، مضيفة أن مخزونات نواتج التقطير التي تشمل وقود الديزل وزيت التدفئة زادت 4.1 مليون برميل مقابل توقعات بارتفاع قدره 256 ألف برميل. وصعدت مخزونات البنزين 1.2 مليون برميل في حين كانت توقعات محللين في استطلاع تشير إلى هبوط قدره 432 ألف برميل، وانخفضت معدلات التشغيل في مصافي التكرير 0.2 نقطة مئوية، وانخفضت واردات الولايات المتحدة من النفط الخام في الأسبوع الماضي بمقدار 522 ألف برميل يوميا إلى 7.24 مليون برميل، وزادت أسعار النفط للعقود الآجلة خسائرها إلى نحو 3 في المائة بعد صدور تقرير المخزونات من إدارة معلومات الطاقة.

مشاركة :