أكد وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان في تصريحات نسبت إليه أنه لم يغير موقفه من الرئيس محمود عباس (أبو مازن) «الذي أنهى ولايته وعليه الانصراف، وهو ألد أعداء إسرائيل»، ومن حركة «حماس» التي يجب دحرها وإسقاط حكمها في غزة، وأنه أعطى تعليماته لقيادة المؤسسة العسكرية بوجوب تغيير عقيدتها واعتماد مبدأ عدم إنهاء مواجهة عسكرية بلا حسم، وأنه يجب تحقيق الحسم في كل المواجهات. ومنذ ستة أسابيع مرت على جلوس زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» على كرسي وزير الدفاع، لم يسمع الإسرائيليون شيئاً منه على رغم تتالي الأحداث، مثل المصالحة بين إسرائيل وتركيا (التي كان يعارضها بشدة، سواء عندما كان وزيراً للخارجية أو خلال جلوسه على مقاعد المعارضة في العامين الماضيين)، أو من زيارة وزير الخارجية المصرية أحمد شكري إسرائيل، ولا حتى لمناسبة مرور عشر سنوات على الحرب الأخيرة على لبنان. وكان ليبرمان ألمح مع تسلمه منصبه الجديد أواخر أيار (مايو) الماضي، أنه يعتزم «الصمت» حتى أيلول (سبتمبر) المقبل إلى حين دراسة الملفات الأمنية بعمق، علماً أنه تسلم هذا المنصب من دون أن تكون لديه خلفية عسكرية. لكن ما نشره أمس الصحافي النافذ المعروف بعلاقاته الطيبة مع الوزير بن كسبيت عن «رؤية ليبرمان» للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، أوحى بأن الوزير المعروف من قبل بحبه إطلاق التصريحات المتواترة، لم يعد قادراً على التزام الصمت، خصوصاً مع تهكم معلقين من تصريحاته السابقة بأنه لو كان وزيراً للدفاع لأسقط حكم «حماس» خلال 48 ساعة، فمنح كسبيت مقابلة من دون أن يسميها كذلك، وأوردها الأخير مواقفَ واضحة للوزير وليست اجتهاداً من الصحافي لقراءة هذه المواقف. ويبدأ كسبيت تقريره بالتشديد على أن ليبرمان يتبنى سياسة مغايرة تماماً لسياسة سلفه موشيه يعالون، «فبينما لم تقم سياسة يعالون على دحر حماس وإسقاط حكمها أو احتلال غزة» بل عمد إلى «احتواء» التصعيد وإرجاء المواجهة معها قدر الإمكان بداعي أن «لا بديل عقلانياً» لحكم الحركة في الوقت الراهن، وأنه لا ينبغي على إسرائيل الانشغال بتغيير الحكم في غزة أو دول عربية مجاورة، «يطرح ليبرمان نظرية مختلفة تماماً من شأنها أن تهز المنظومة كلها». ويضيف الصحافي أن ليبرمان لا يعتقد أنه ينبغي على إسرائيل إعادة احتلال القطاع أو أن ينصّب محمد دحلان زعيماً خلفاً للرئيس الحالي محمود عباس (أبو مازن)، «إذ إنه يدرك أن مثل هذه البرامج ستنهار بسرعة وتحدث ضجة وضرراً أكبر، مثلما حصل في لبنان عندما حاولت إسرائيل فعل ذلك خلال حرب عام 1982، وكانت النتيجة الغوص في المستنقع الدموي اللبناني 20 عاماً، وأن يصبح حزب الله أقوى قوة سياسية وعسكرية في لبنان». ويتابع أن ليبرمان يرى أنه ليس في استطاعة «قريبه» دحلان أن يقود غزة «لأنه ليس مهيأً في هذه المرحلة للاستغناء عن حياة البذخ والغرق في الصرف الصحي في غزة». في المقابل، ما زال ليبرمان يعتقد أن بالإمكان إسقاط حكم «حماس» بداعي أن مكانتها في أوساط «الغزيين» تدهورت، وأن «هناك حمائل وقبائل كثيرة تبحث عن بديل للحركة»، وأنه في حال سقوطها يمكن للمصريين أن يقوموا بدور مثمر وأن يطرحوا على «الغزيين» سياسة أخرى، مثل فتح معابر رفح وتقديم الدعم بشرط أن يولّوا عليهم قيادة أكثر عقلانية ليست قريبة من «الأخوان المسلمين». ووفق ليبرمان أيضاً، يجب إنهاء حكم «حماس» وتفكيك ترسانة الصواريخ المتزايدة البعيدة مسافة قصيرة عن جنوب إسرائيل. ويقول ليبرمان إنه إذا لم تقم إسرائيل بهذه الخطوة الآن، «فسنجد أنفسنا بعد سنوات أمام حزب الله جديد على الجبهة الجنوبية». ووفق كسبيت، فإن ليبرمان أصدر تعليماته إلى قيادة الجيش بإعداد خطة عسكرية لدحر «حماس» وإسقاطها «في جولة القتال المقبلة»، مشدداً على أن «النتيجة النهائية لأي مواجهة عسكرية في المستقبل «يجب أن تكون واحدة لا غيْر، الحسم في كل الأوضاع». وعن الأوضاع في الضفة الغربية المحتلة، أشار الصحافي إلى أن ليبرمان يختلف مع المؤسسة الأمنية بأذرعها المختلفة، إذ ما زال يتمسك برأيه بأن «أبو مازن» هو ألدّ أعداء إسرائيل، و»يجب السعي إلى إنهاء ولاية حكمه»، معتبراً التهجم السياسي لرئيس السلطة على إسرائيل «تهديداً لا يقل خطراً عن الهجوم العسكري». وأضاف أن «أبو مازن أنهى دوره التاريخي، ويجب عليه الانصراف»، وأنه «لا يوجد بصيص أمل في التوصل معه إلى أي تسوية، وإذا قال لا لاقتراحات أولمرت عام 2008، فلن يكون قادراً على قول نعم لأي مبادرة أخرى، ولذا لا ينبغي هدر الوقت». وأضاف أنه لا يعرف ماذا سيكون في «اليوم التالي» لانصراف «أبو مازن»، وأنه يعتقد أن هناك أكثر من وريث لخلافته في مناصبه المختلفة: رئيس فتح، ورئيس منظمة التحرير ورئيس السلطة، «وقد توزع هذه المناصب بين ثلاث شخصيات ترى نفسها جديرة بالمنصب». وأردف أن ليبرمان يستبعد أن تسود فوضى بعد انصراف «أبو مازن» أو «أن تضطر إسرائيل إلى العودة للضفة لإدارة شؤون سكانها والاهتمام بالبنى التحتية». ونقل الصحافي عن أوساط في المؤسسة الأمنية توقعها بأن من بين الشخصيات المتوقع أن تنافس على خلافة الرئيس الفلسطيني، ناصر القدوة، ورئيس الاستخبارات الفلسطينية ماجد فرج.
مشاركة :