القاهرة: خالد محمود بينما خاض الجيش الليبي معارك مفاجئة أمس ضد ميلشيات مسلحة إثر خطف نجل قائد القوات الخاصة في مدينة بنغازي بشرق ليبيا، قررت الحكومة الانتقالية برئاسة علي زيدان تشكيل غرفة أمنية لتأمين العاصمة طرابلس ووضع قوة تحت سيطرتها. بينما استبعد البهلول الصيد وكيل وزارة الداخلية الليبية لـ«الشرق الأوسط» وجود أصابع أجنبية في محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها قبل يومين نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الليبي الصديق عبد الكريم. ونفى البهلول في تصريحاته عبر الهاتف من العاصمة طرابلس، ما تردد عن تعرض منزل وزير الداخلية لقصف صاروخي بقذائف «آر بي جي» في محاولة ثانية لاغتياله، مضيفا: «لم نعرف الجهة التي نفذت محاولة الاغتيال، كما أنها لم تعلن عن اسمها». وتابع: «ما زالت التحقيقات جارية ولم نتوصل إلى الجناة، لكن لا أعتقد أن ثمة أصابع أجنبية أو خارجية تورطت في هذه المحاولة». وسئل عما إذا كان وزراء آخرون في الحكومة مهددين بالاغتيال، فقال وكيل وزارة الداخلية «لا أعتقد أن هناك وزراء آخرين مستهدفون، لكن هناك عدة أطراف لا تريد إعادة بناء الدولة سواء كانوا الخارجين عن القانون أو المسؤولين السابقين الذين نحن بصدد القبض عليهم، لكننا مستمرون في إعادة بناء ليبيا». وكان عبد الكريم، الذي يشغل أساسا منصب نائب رئيس الوزراء لشؤون التنمية، بالإضافة إلى تكليفه بمنصب وزير الداخلية، عد في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام المحلية مساء أول من أمس، أن محاولة اغتياله أمر متوقع. وقال: «نطمئن الشعب الليبي، وكافة الحريصين على ليبيا، أننا على الدرب سائرين وفي الاتجاه الصحيح، ولن نخشى في ليبيا وكرامتها وسيادتها كائنا من كان، ونعلم أن حجم التحديات كبير أمام الحكومة والمؤتمر والشعب الليبي». ولفت إلى أن «هناك الكثير من المغرضين الذين يريدون عرقلة طريق ليبيا نحو العزة، ونؤكد لهم أن أبناء ليبيا لا يخشون أي أحد مهما كانت التهديدات الإرهابية، ولن تثنينا عن السير قدما في وزارة الداخلية والحكومة لتحقيق الأمن واستتبابه في أرض ليبيا». وروى أن الحادث جرى في نحو الساعة التاسعة وأربعين دقيقة صباح أول من أمس بينما كان متجها إلى مقر المؤتمر الوطني العام (البرلمان) لعقد اجتماع مع لجنة الداخلية في المؤتمر، مشيرا إلى أنه ألغى زيارته للمؤتمر وتوجه إلى مكتبه بوزارة الداخلية على الفور. وأضاف: «نقول لمن قاموا بالعمل إن ليبيا أكبر منكم، ورجال ليبيا لن يهددهم الرصاص ولا الصواريخ.. ولن نقبل أي إملاءات من أي من كان، وأرواحنا لن تكون أغلى من دماء شهداء ليبيا الذين ناضلوا عبر التاريخ». في غضون ذلك، أصدرت الحكومة الانتقالية برئاسة علي زيدان قرارا يقضي بتشكيل غرفة أمنية لتأمين طرابلس، على أن تكون تبعيتها لرئاسة الأركان العامة للجيش الليبي وتوضع تحت سيطرتها قوة عسكرية تضم منطقة طرابلس العسكرية والوحدات التابعة للمنطقة، وجهاز المخابرات الليبية، والشرطة العسكرية 150 آلية و150 فردا يوميا، وفرع استخبارات طرابلس 22 آلية دوريات، واللواء 217 مشاة. كما تضم القوة التي يتولى قيادتها آمر المنطقة العسكرية بطرابلس آمري الوحدات العسكرية والشرطة العسكرية، وآمر فرع الاستخبارات العسكرية طرابلس، واللواء 217 مشاة، وآمر القوات التابعة لرئاسة أركان الدفاع، ومندوبا عن وزارة العدل، ومديري مديريات الأمن في طرابلس، والجفارة، وقصر بن غشير، وجنزور، ورأس الغزال، وقوة الردع المشتركة، وهيئة السلامة الوطنية، بالإضافة إلى مندوبين عن جهاز المخابرات الليبية، ووزارة الاتصالات والصحة والمواصلات والكهرباء ورئيس مجلس طرابلس المحلي طرابلس. ونص القرار على أن تضع الغرفة الأمنية قوة احتياطية مناسبة برئاسة ضابط مهني متمرس تكون في حالة تأهب تام للتدخل حيال أي ظرف طارئ، وأن تتولى الغرفة الأمنية التنسيق مع النائب العام، ومدير الإدارة المركزية للبحث الجنائي، ومدير أمن طرابلس بشأن تكون فريق من مأموري الضبط القضائي يتولون إثبات الوقائع أثناء تنفيذ الخطة. كما نص القرار على أن تتولى الغرفة الأمنية تجهيز فريق إعلامي يتولى مهمة توثيق الانتهاكات والاختراقات التي يجري ضبطها، وأن يجري التنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني وأعيان ووجهاء المناطق المستهدفة في الخطة لطلب معونتهم وإدماجهم في الخطة بما يتناسب وطبيعة هذه المهام مما يحد من الإفراط في استخدام القوة حفاظا على الأرواح والممتلكات. وفى بنغازي بشرق البلاد، ثاني كبريات المدن الليبية، وقعت اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة بين الجيش الليبي وميلشيات مسلحة في عدة مناطق بالمدينة، بعدما اختطف مجهولون علي نجل العقيد ونيس بوخمادة قائد القوات الخاصة التابعة للجيش الليبي. وقالت مصادر في المدينة لـ«الشرق الأوسط» إن الاشتباكات دارت في محيط مكان خطف نجل بوخمادة المقابل لمعسكر 17 فبراير الذي يضم مقر غرفة الثوار بالمنطقة الشرقية، لكنها لم تربط بين الاشتباكات وعملية الخطف. وأوضحت المصادر أن الاشتباكات وقعت في مناطق متفرقة أبرزها محيط المعسكر وشارع فنيسيا ومجمع 17 فبراير العسكري الذي يقوده إسماعيل شقيق الدكتور علي الصلابي، أحد أبرز القيادات المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، مشيرة إلى أن مواطنين مسلحين انضموا للقتال إلى جانب قوات الجيش الليبي، بينما حلقت مروحيات عسكرية في مناطق الاشتباكات. وقال ميلود الزوي، المتحدث الرسمي باسم القوات الخاصة الليبية، لـ«الشرق الأوسط» إن القوات الخاصة أعلنت حالة الاستنفار القصوى في المدينة وبدأت عمليات استطلاع للبحث عن مرتكبي الحادث الذي قال: إنه «قد يكون محاولة رخيصة لابتزاز آمر القوات الخاصة العقيد بوخمادة»، لافتا إلى أن مجهولين اختطفوا نجل بوخمادة مع صديق له أمام جامعة قار يونس قبل أن يلقوا بالأخير على قارعة الطريق بعد إصابته. لكن وكالة الأنباء المحلية نقلت عن مصدر أن عملية اختطاف علي، الطالب بجامعة بنغازي، جرت أثناء تواجده مع رفاقه بمطعم يقع خلف الجامعة بمنطقة قار يونس، مشيرة إلى أن مسلحين ملثمين دخلوا عليهم أثناء تواجدهم بالمطعم وقاموا باقتياد علي بالقوة وغادروا بسرعة في سيارتي نقل خفيف. من جهة أخرى، فجر مجهولون المركز الوطني للترجمة التابع لوزارة الثقافة الليبية في مدينة درنة، التي تعد معقل الجماعات الإسلامية المتطرفة، بعبوة ناسفة، لكن من دون سقوط أي ضحايا. وذكرت مصادر المكتب لوكالة الأنباء المحلية أن انفجارا كبيرا هز المركز القريب من ميناء درنة البحري ما أدى إلى خسائر مادية كبيرة لحقت بالمقر. على صعيد آخر، قالت مصادر ليبية إن الهدوء التام ساد أمس مدينة سبها في الجنوب الليبي بعد أن دخلتها قوات الجيش والثوار وقامت بطرد فلول النظام السابق من داخلها. وبحسب نفس المصادر فقد استمر إغلاق محطات الوقود والمصارف والمصالح الحكومية، بينما استأنفت بعض المحلات التجارية والمخابز والأسواق عملها. ونقلت وكالة الأنباء المحلية عن مصدر عسكري قوله إن الوضع الأمني هادئ ومستقر، وإن قوات الجيش والثوار تسيطر الآن على مداخل وبوابات المدينة بالكامل لتأمينها، فيما أعلنت وزارة الصحة عن إرسال طائرة إسعاف إلى مطار قاعدة تنمهنت الجوية بعد أن جرى تحريرها تمهيدا لترحيل 70 مصابا إلى العاصمة طرابلس لتلقي العلاج. من جهة أخرى، جدد ويليام بيرينز نائب وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا دعم ومساندة بلاده إلى ليبيا في تحولها الديمقراطي واستتباب الأمن، معربا عن استعداد الولايات المتحدة للمساهمة في تدريب وبناء الكوادر البشرية في مجال الأمن والجيش. وقال بيان لمكتب رئيس الحكومة إن بيرينز أبلغ زيدان أمس، خلال لقائهما على هامش قمة الاتحاد الأفريقي الثانية والعشرين بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، أن التنسيق جار بين الولايات المتحدة وبلغاريا لتدريب الدفعة الأولى من أفراد الجيش الليبي ابتداء من شهر أبريل (نيسان) القادم. وكان مقررا أن يصل زيدان إلى القاهرة أمس في محاولة لتخفيف حدة التوتر الذي ساد العلاقات المصرية الليبية عقب قيام مسلحين باختطاف خمسة من أعضاء السفارة المصرية بالعاصمة الليبية طرابلس، إثر اعتقال السلطات المصرية لشعبان هدية رئيس ما يسمى بغرفة عليات ثوار ليبيا. وأطلقت السلطات المصرية سراح هدية عقب الإفراج عن الدبلوماسيين المخطوفين، لكنها قررت إغلاق بعثتها الدبلوماسية في ليبيا لبعض الوقت كإجراء احترازي.
مشاركة :