بغداد - (أ ف ب) تجمع آلاف العراقيين أغلبهم من أنصار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر أمس الجمعة في وسط بغداد متحدين دعوات الحكومة إلى عدم التظاهر، ومطالبين إياها بتنفيذ إصلاحات بينها إنهاء الفساد والمحسوبية السياسية. ولم تحقق التظاهرات المتكررة طوال عام مضى نتائج ماعدا وعود ولم ينفذ إلا القليل منها، وذلك نتيجة تمسك الأحزاب السياسية بتقاسم المناصب وفرض سيطرتها على مقدرات البلاد. واحتشد المتظاهرون رغم الإجراءات الأمنية المشددة التي فرضتها السلطات منذ مساء الخميس والتي شملت إغلاق الطرق والجسور المؤدية إلى ساحة التحرير، حيث موقع التظاهرة في وسط بغداد. وظهر الصدر خلال وقت قصير بين المتظاهرين الذين حمل أغلبهم أعلاما عراقية ورددوا شعارات أطلقت عبر مكبرات الصوت بينها «نعم نعم للإصلاح، لا لا للمحسوبية، لا لا للفساد». وحاول عدد كبير من المتظاهرين الاقتراب من مكان تواجد الصدر الذي غادر بعد وقت قصير، ليتولى أحد مسؤولي التيار الصدري قراءة مطالبه بدلا عنه. وجاء في المطالب «إقالة جميع المفسدين في مفاصل الدولة وأصحاب الدرجات الخاصة»، وتقديم الفاسدين إلى محاكمة عادلة وبأسرع وقت»، و«إلغاء مبدأ المحاصصة العرقية والحزبية في المناصب الحكومية ومؤسسات الدولة وتشكيل حكومة مستقلة تكنوقراط». كما دعا الصدر القضاء إلى «الابتعاد عن المحاصصة والضغوطات السياسية والعمل بحيادية واستقلالية تامة». وشارك المتظاهرون في التجمع رغم عدم موافقة قيادة العمليات المشتركة على إعطاء تصريح بتنظيم التظاهرة التي دعا إليها الصدر. إلا أن القيادة قالت إنها ستعتبر أي شخص يشارك في التجمع وهو مسلح، «تهديدا إرهابيا». وهي التظاهرة الأولى بعد انتهاء شهر رمضان الذي دعا الصدر إلى وقف التظاهر خلاله. وفرضت قوات الأمن إجراءات أمنية مشددة بينها إغلاق طرق وجسور رئيسية تؤدي إلى وسط بغداد، ونشرت أسلاكا شائكة وأعدادا كبيرة من عناصر الأمن بشكل يمنع المتظاهرين من الوصول إلى المنطقة الخضراء. وأقفل جسر الجمهورية المؤدي إلى المنطقة الخضراء -حيث مقر الحكومة وسفارات أجنبية بينها الأمريكية والبريطانية- بجدران من الأسمنت العازل. في الوقت ذاته، قطع الاتصال عبر شبكات الإنترنت طوال فترة التظاهرة. وقال أحد الناشطين محمد الدراجي في كلمة ألقاها خلال التظاهرة: «تعبنا من الفساد، الفساد يقتلنا». وأضاف: «هؤلاء الذين جاؤوا بعد 2003، فشلوا إنهم فشلوا! لم يقدموا أي شيء»، في إشارة إلى المسؤولين الذي تولوا الحكم بعد سقوط نظام صدام حسين. وقال أبو مشتاق العوادي (54 عاما) إنه يشارك في التظاهرة «للمطالبة بحقوقنا، لدينا حقوق». وطالب العوادي بنهاية الطائفية والمحاصصة الحزبية ومقاضاة المسؤولين الفاسدين وإعادة الأموال التي سرقت إلى العراقيين. ونظم التيار الصدري بتوجيه من زعيمه مقتدى الصدر تظاهرات عديدة خلال الأشهر الماضية للضغط على رئيس الحكومة والبرلمان من أجل تشكيل حكومة تكنوقراط، وقام أنصاره باقتحام المنطقة الخضراء الشديدة التحصين مرتين في السابق. ودعا رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى تشكيل حكومة كفاءات في فبراير، لكنه واجه معارضة كبيرة من الأحزاب السياسية التي تتمسك بمناصب وزارية ومكاسب. ووافق البرلمان في 26 أبريل على إقالة خمسة وزراء وتعيين خمسة وزراء جدد من ضمن برنامج للإصلاح الحكومي اقترحه العبادي، لكن المحكمة ألغت لاحقا نتيجة هذه الجلسة، بحجة أنها جرت «في ظل أجواء تتعارض مع حرية الرأي منها دخول حرس ومنع النواب من دخول» مقر البرلمان و«وجود عسكر ونقل الجلسة من مكان إلى مكان دون من الإعلان عن ذلك مسبقا».
مشاركة :