غيب الموت المخرج اللبناني منير أبو دبس، أحد رواد المسرح اللبناني الجديد ومؤسّس مدرسة المسرح الحديث، عن 84 عاماً. وكان أبو دبس من أبرز الوجوه التي صنعت الثقافة الجديدة في الستينات وجعلت من بيروت مختبراً للحداثة العربية. وفي أعوامه الأخيرة عاش أبو دبس متنقلاً بين فرنسا ولبنان، وقضى معظم شيخوخته في دارته التي تحمل اسم «بيت الحرير» في بلدة الفريكة مسقط رأس الكاتب أمين الريحاني، وفيها أنشأ مركزاً مسرحياً. استهل أبو دبس حياته رساماً، والتحق بـ «الأكاديمية اللبنانية» في مقتبل عمره، ثم سافر إلى باريس عام 1952 ليلتحق بالمدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة، وانضم من ثم إلى محترف روجيه غايار. وبعد عودته من باريس أسس مدرسة المسرح الحديث عام 1960، وهي أول مدرسة مسرح في لبنان. وعين في العام نفسه مستشاراً فنياً لمهرجانت بعلبك الدولية. أقام أبو دبس محترفات شارك فيها أبرز الممثلين، وبعضهم أصبحوا مخرجين من أمثال: ريمون جبارة، أنطوان ملتقى، أنطوان كرباج، ميشال نبعة، ميراي معلوف، رينه ديك، رضى خوري، رفعت طربيه، جوزف بو نصار... في الثمانينات وبعد عودته الثانية والثالثة من باريس قدّم عملين استوحاهما من جبران خليل جبران لكنهما لم يلقيا نجاحاً لدى الجمهور، جمهور ما بعد الحرب. ومن أعماله الأساسية: «أوديب ملكاً» عن الكاتب اليوناني سوفوكل (1961)، «أنتيغون» عن الكاتب الفرنسي جان أنوي (1961)، «ماكبث» لشكسبير (1962)، «الذباب» لجان بول سارتر (63)، «الإزميل» لأنطوان معلوف (1964)، «هاملت» لشكسبير (64)، «الملك يموت» لأوجين يونسكو (65)، «عملاء الفيزياء» لدورنمات (66)، «ملوك طيبة» لسوفوكل (66)، «العادلون» لألبير كامو (67)، «الشذوذ والقاعدة» لبريخت (68)، «فاوست» لغوتة (68)... تقول عنه الناقدة خالدة سعيد في كتابها «الحركة المسرحية في لبنان 1960- 1975: تجارب وأبعاد»: «كان منير أبو دبس أول مسرحي لبناني ينطلق من نظرية مسرحية متكاملة تتناول مفهوم المسرحة وعلاقة الخشبة والمشهد المسرحي بالعالم، وعلاقة النص بالعرض والسينوغرافيا إجمالا، ودور الممثل في العملية المسرحية ومعنى التمثيل وعلاقة الممثل بالدور، إضافة إلى منهج في إعداد الممثل. وكان أول مخرج مسرحي لبناني بالمعنى الحديث، حيث المخرج هو مؤلف العرض المسرحي ومبدعه، ينصاع لرؤيته الممثل والنص والسينوغرافيا على السواء، ويقدم في رؤيته للنص رسالته التي ربما طغت على رسالة النص نفسه».
مشاركة :