«سنترال إنتلجنس».. يُخفِّف من التهريج فينجحُ في الإضحاك

  • 7/17/2016
  • 00:00
  • 14
  • 0
  • 0
news-picture

لا أحد يبرع في خلط الأوراق كما تفعل هوليوود، فهي تجعل غير الممكن مقبولاً قبل أن يصبح محبوباً وناجحاً، فمثلا منذ 20 عاماً كانت مجرد فكرة دخول رئيس من أصول إفريقية البيت الأبيض ضرباً من الخيال لكن عندما أدخلت هوليوود رؤساء من ذلك الأصل في أفلامها أسهمت في تسويق الفكرة لدى العامة قبل أن تصبح مقبولة. الأمر نفسه ينطبق على ذلك النمساوي بطل كمال الأجسام المهاجر إلى أميركا آرنولد شوارتزينيغر، لم يميزه سوى عضلاته وكان أداؤه رديئاً في كل أفلامه إلى وقت قريب جداً، لكنه وجد قبولاً على مر السنين لأن هوليوود هي التي نجحت في تسويقه من خلال أدوار معينة. وبعد خفوت بريق شوارتزينيغر باتت هناك حاجة لإبراز نجم جديد مفتول العضلات ويتمتع بحضور قوي على الشاشة وذي شكل يعكس طيبة ووقاراً، ولم يكن هناك أفضل من المصارع الكندي الأميركي دواين جونسون الملقب ب ذا روك، (المقارنة من ناحية خلفية كليهما وقدرتهما على تنويع الأدوار، وتفوق الأول في الحصول على أدوار أسطورية مثل ترمينيتور والثاني في الأداء). • «سنترال إنتلجنس» فيلم غبي بالأسلوب الصحيح حيث يبدو أذكى قليلاً من توقعات المشاهد. دواين جونسون.. اختيارات مدروسة منذ ظهوره الأول في السينما في فيلم عودة المومياء في 2001 تمكن جونسون من بناء وتأسيس نفسه في هوليوود، من خلال أدوار حرص على اختيارها بعناية، فلم يركز على نوع واحد، ما يعكس استراتيجية تفكيره وإقباله على التحديات. ومنذ ظهوره الأول في السينما في فيلم عودة المومياء في 2001 تمكن جونسون من بناء وتأسيس نفسه في هوليوود من خلال أدوار متنوعة حرص على اختيارها بعناية، فلم يركز على نوع واحد وإنما استمر في التغيير ما يعكس استراتيجية تفكيره وإقباله على التحديات، وما جعله أيضاً يتربع على قائمة الممثلين الأعلى أجراً في هوليوود عام 2016 بأجر سنوي بلغ 64.5 مليون دولار أميركي. أن تزج بثنائي متجانس في فيلم أكشن كوميدي هو بالتأكيد ليس مهمة سهلة لكنها نجحت كثيراً في فيلم «سنترال إنتلجنس» أو الاستخبارات المركزية نسبة إلى وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية. الثنائي في هذه الحالة نجح بسبب كسر القواعد وخلق التناقضات الظريفة بينهما «بعكس غوسلنغ وكرو الثنائي الفاشل وثقيل الظل في فيلم ذا نايس غايز». كالفن جوينر (كيفن هارت) محاسب غير مقتنع بأدائه في وظيفته وزواجه بزميلته من أيام المدرسة يمر بأزمة، السبب أن كالفن يحن إلى أيام الماضي المجيد في عام 1996 عندما كان رياضياً متفوقاً وطالباً يتمتع بشعبية كبيرة. على العكس من ذلك كان بوب ستون (دواين جونسون) طالباً سميناً ضعيف الشخصية ويتنمر عليه زملاؤه وفي موقف معين أيام الدراسة ينقذ كالفن بوب في موقف محرج. بعد 20 عاماً انقلبت الآية فمن كان محبوباً ورياضياً أصبح انطوائياً، ومن كان سميناً خجولاً وفاشلاً أصبح رياضياً رشيقاً والتحق بوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية كعميل يستخدم في المهمات الصعبة ويتمتع بقدرات قتالية فائقة. عندما يصل إلى كالفن طلب صداقة عبر موقع «فيس بوك» من شخص يطلب لقاءه في مطعم، وحين يلبي كالفن الدعوة يكتشف أن شخص «فيس بوك» ليس سوى بوب ستون من أيام الدراسة. تتطور صداقتهما أكثر من خلال موقف يحدث في المطعم، إذ يرد خلاله بوب الجميل لكالفن. وعند خروجهما يذهبان لمنزل الأخير حيث يكشف بوب لصاحبه ما يريده منه: مراجعة مجموعة حسابات تكشف تحويلات مالية تقدر بملايين الدولارات. في اليوم التالي يتعرض منزل كالفن لاقتحام مجموعة من عملاء السي آي إيه، الذين يبحثون عن بوب المتهم بقتل زميله في مهمة سابقة ويطلبون مساعدة كالفن المشتت بين تكذيب زميل دراسته وتصديق عملاء الاستخبارات أو العكس ومن هنا تنطلق القصة. نعود للنقطة المذكورة آنفاً وهي قدرة المخرج روسون مارشال ثربر على زج ثنائي ناجح في مهمة صعبة كهذه، إذ إن التجانس لو كان مفقوداً بينهما لما انطلق الفيلم قيد أنملة ولظل ثقيلاً على المشاهد، كما يحدث في أفلام كثيرة من هذا النوع. كيفن هارت تميز في هذا الفيلم بسبب عامل التجانس أكثر من كل أفلامه السابقة، فظهوره في الماضي إلى جانب آيس كيوب مرتين في فيلمي رايد ألونغ، وإلى جانب جوش غاد في ذا ويدينغ رينغر وفي Get Hard مع ويل فاريل لم يرسخ في الذاكرة بالصورة المطلوبة، لأنها كلها أدوار مكررة لا تتطلب من هارت سوى التهريج المستمر وأسلوب الثرثرة السريع جداً الذي يعكس ارتباكاً ممزوجاً بالبلاهة وهو الأسلوب الذي ميز الممثل كريس تاكر في تسعينات القرن الماضي. هنا هارت ظهر مختلفاً عندما قلل المخرج ثربر من جرعة التهريج لمصلحة بناء شخصيته، فرأينا شاباً طموحاً ذكياً يعاني خللاً نفسياً إذ هو غير مقتنع بما وصل إليه ويظن أن أمجاد الماضي ستضيف إليه حالة من الكمال. في تلك اللحظة تماماً يصطدم بالشخصية الأخرى التي يجسدها دواين جونسون، فيرى أنها تكمل النقص الذي يعانيه، وكذلك المواقف التي تأتي تبين مدى حاجتهما لبعضها بعضاً. هذه النقطة بالضبط هي سبب التكامل والانسجام والتجانس بينهما كشخصيتين وكممثلين. التناقضات بينهما ليست مقتصرة على العامل النفسي والحوار بل يتعمد المخرج إبرازها من خلال الكاميرا بإظهار فارق حجم جسديهما وطول جونسون الفارع مقارنة بهارت، وهذه وحدها كفيلة بإضحاك المشاهد لو فهم قصد المخرج. الفيلم يحاول استعادة نوستالجيا أفلام ثنائي التسعينات وينجح إلى حد كبير (وهذه النوعية من الأفلام تشهد عودة في هذه الحقبة)، ويحاول كذلك إضافة ما يعرف بتأثير تارانتينو (شخصيات متأثرة بالسينما تستشهد بلقطات أو حوارات من أفلام سابقة في حواراتها)، وهي ظاهرة ازدهرت في التسعينات وتراجعت كثيراً في العقد الماضي وبدأت تعود الآن، لكن ثربر لا يحسن استخدامها جيداً في فيلمه هذا حيث هي مقحمة. «سنترال إنتلجنس» فيلم غبي بالأسلوب الصحيح، حيث يبدو أذكى قليلاً من توقعات المشاهد. ولعلنا نذكر خير مشهد يجسد هذه الفكرة وهو مشهد قتال المطبخ بين دواين جونسون المتسلح بموزة مع عميل الاستخبارات المتسلح بسكين جزار! الفيلم يعرّف نفسه في هذا المشهد فيقول ليس ضرورياً أن تأخذوني على محمل الجد لكن استمتعوا بوقتكم بمشاهدة رجل يهزم الآخر بقطعة موز!

مشاركة :