إردوغان يتمسك أكثر بخياراته السورية الجديدة بعد إحباط الانقلاب

  • 7/17/2016
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

يُجمع المراقبون، وكذلك معارضون سوريون، على توجه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وحكومته للتمسك أكثر بالخيارات الجديدة التي اتخذها بالتعاطي مع الملف السوري قبيل محاولة الانقلاب العسكري التي شهدتها تركيا مساء أول من أمس الجمعة، وذلك من منطلق إصراره على كسر العزلة التي فرضها على نفسه في المرحلة الماضية، وطمعًا بمكاسب نفطية كبيرة بدأت تلوح بأفق المنطقة سيكون - على ما يبدو - لأنقرة حصة الأسد منها. المعارضة السورية، السياسية والعسكرية، حاولت استثمار الأحداث الأخيرة التي شهدتها تركيا بمحاولة جذب القيادة التركية مجددًا إليها بعد المواقف الأخيرة التي أطلقها مسؤولون أتراك وأبرزهم رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم الذي أعلن أخيرا نية بلاده تطبيع العلاقات مع دمشق. وفي حين أشاد «الجيش السوري الحر» في بيان له بـ«ثبات الأتراك بوجه مؤامرة الإطاحة بالرئيس التركي»، تقدم «الائتلاف السوري المعارض» بالتهنئة للشعب التركي لنجاحه في الحفاظ على مؤسساته الديمقراطية في وجه ما اعتبره «محاولات ظلامية يائسة سعت للسيطرة على إرادة الشعب». وقال بيان أرسله «جيش النصر» - أحد فصائل الجيش السوري الحر المدعومة من الغرب - لوكالة «رويترز» بأن الشعب التركي «وقف سدا منيعا ضد المؤامرة الكبرى التي استهدفت استقرار وأمن الدولة التركية... وأعطى درسا للعالم كله كيف أن إرادة الشعب لا تكسر أبدا». أما الائتلاف السوري، فأعرب عن ثقته بأن «الشعب التركي الذي أدرك قيمة الحرية والديمقراطية وقطف ثمارها بنفسه، لن يسمح لمجموعة من الانقلابيين أن تنتزعه عبر محاولات يائسة تسعى لإعادة الحكم العسكري، والرجوع بالبلاد إلى عهود سابقة أنهكت الشعب التركي وسلبت حريته»، مشيرا إلى أن «السوريين يتطلعون إلى يوم يستطيعون فيه ممارسة تجربتهم الديمقراطية وحمايتها، ويتمكنون من العيش في ظل دولة الحرية والعدالة والمساواة لكل السوريين». من ناحية أخرى، معروف أن تركيا أعادت خلال الشهر الماضي علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، وذلك بعد قطيعة استمرت ست سنوات وعبرت عن أسفها لروسيا بشأن إسقاط طائرة حربية على حدود سوريا، في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015. وقال رئيس الوزراء التركي يلدريم مطلع الأسبوع «أنا متأكد من أننا سنستعيد علاقاتنا الطبيعية بسوريا، فنحن بحاجة إلى ذلك. لقد استعدنا علاقاتنا مع إسرائيل وروسيا، لذا أنا على ثقة من أننا سنعود إلى العلاقات الطبيعية من جديد مع سوريا أيضًا». ولكن في وقت لاحق، أوضح ياسين أكتاي، نائب رئيس حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا والناطق باسم الحزب، أنه لا توجد مشكلة بين الشعبين التركي والسوري، وربط تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق بإقامة نظام ديمقراطي في سوريا. واعتبر أكتاي، في تصريح لوكالة «سبوتنيك»، أن بقاء رئيس النظام السوري بشار الأسد في الحكم «يشكل عائقا أمام تطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا». سمير نشّار، عضو الائتلاف السوري المعارض، رجّح أن تستمر القيادة في أنقرة بعد محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها البلاد الجمعة، بـ«استدارتها لتصحيح المسار السابق الذي أوصل تركيا إلى عزلة إقليمية ودولية تسعى حاليا وبكل ما أوتيت من قوة لكسرها». وقال نشار لـ«الشرق الأوسط» بأنه بما يتعلق بالملف السوري: «فالأرجح أيضا أن أنقرة مستمرة بمراجعة سياستها السابقة بالتعاطي معه، على أن لا يكون تحولاً كاملاً بمقياس 180 درجة، فلا يتخطى الـ50 أو 60 درجة كحد أقصى». ولفت نشّار إلى أن تركيا «باتت أكثر استعدادا للقبول بحل سياسي يبقي الأسد جزءا من المرحلة الانتقالية في حال تم اتفاق إقليمي – دولي على ذلك». وأضاف: «ربما حاول الانقلابيون الاستفادة من العزلة التركية قبل انطلاق مسار تطبيع العلاقات عمليا، لكن لا شك أن هناك دوافع أخرى ذات بُعد داخلي جعلتهم يخطون هذه الخطوة، وهو أمر يحتاج لمزيد من الوقت والتدقيق لتبيانه». أما ماريو أبو زيد، الباحث المتخصص بشؤون الشرق الأوسط، فلم يستبعد أن يكون بعض الانقلابيين الأتراك أرادوا وبجزء ولو بسيط من حركتهم الأخيرة الإعراب عن امتعاضهم من تخلي القيادة التركية عن المعارضة السورية. وأعرب أبو زيد في حديث لـ«الشرق الأوسط» عن ثقته بأن إردوغان «سيكون وبعد الأحداث الأخيرة أكثر تمسكا بسياساته الجديدة بالتعاطي مع الملف السوري، وبالاستدارة التي قام بها وترك على إثرها المعارضة السورية وحيدة في حلب، ما سمح بقطع طريق إمدادها الأخير، طريق الكاستيلو». ثم أردف «التخلي التركي عن المعارضة السورية كان ثمنًا لإعادة تطبيع علاقاتها مع روسيا وإسرائيل، والأهم لاتفاق دولي على أن تكون تركيا مركز انتقال الغاز من المنطقة باتجاه أوروبا بعد سقوط طرح أن تكون اليونان هي المركز». على صعيد آخر، تركت محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا تداعياتها ميدانيًا في الداخل السوري، إذ أصيب مدنيون بجروح، ليل الجمعة جراء إطلاق الرصاص العشوائي في مدينة جبلة الخاضعة لسيطرة النظام، والتابعة لمحافظة اللاذقية، احتفالا بمحاولة الانقلاب ضد إردوغان، تزامنًا مع احتفالات مماثلة لموالين للنظام السوري في مدينتي اللاذقية وطرطوس. وأوضح سكان من المناطق المحتفلة، لـ«مكتب أخبار سوريا»، أن المدن شهدت احتفالات عقب انتشار خبر الانقلاب، فنزل عدد من الأهالي إلى الشوارع وبدأوا بإطلاق الرصاص بشكل كثيف في الهواء، ما أدى إلى إصابة خمسة مدنيين بجبلة، نقلوا إلى المشفى الوطني فيها لتلقي العلاج.

مشاركة :