منع قانون يحدد شروط «تعيين أشخاص في مناصب حساسة» 11 فئة من الناس من تبوء مناصب حساسة، ومن هؤلاء مَن يحملون جنسيتَين، ومَن تجسسوا لدول أجنبية أو اشتُبه في قيامهم بذلك، أو مَن يتعاملون مع أجانب تُدرجهم منظمات الأمن والاستخبارات الإيرانية على لوائحها السوداء. أشعل قانون مُرر في مجلس الشورى الإسلامي يحدد شروط "تعيين أشخاص في مناصب حساسة" استياء الحكومة والمحامين والمحللين السياسيين، فلم يستنكر النقاد محتوى القانون فحسب، بل طريقة تمريره أيضاً، فقد نال هذا القانون الموافقة خلال الأيام الأخيرة للمجلس السابق الذي سيطر عليه المحافظون، لكن مجلس صيانة الدستور رفضه في 12 يونيو، مستنداً إلى مسائل قانونية، وأعاده إلى مجلس الشورى الجديد بغية مراجعة عدد من بنوده. منع هذا القانون 11 فئة من الناس من تبوّء مناصب حساسة، ومن هؤلاء مَن يحملون جنسيتَين، ومَن تجسسوا لدول أجنبية أو اشتُبه بقيامهم بذلك، أو مَن يتعاملون مع أجانب تُدرجهم منظمات الأمن والاستخبارات الإيرانية على لوائحها السوداء. بدأ الجدل بشأن تبوء مَن يحملون جنسيتين مناصب رئيسة في عام 2011 عقب هرب محمد رضا خفاري، الذي كان يرأس بنك مللي، إلى كندا بعد تورطه في فضيحة اختلاس ضخمة وصلت قيمتها إلى 30 تريليون ريال (مليار دولار). لكن المحلل السياسي الإيراني عباس عبدي يؤكد أن قضية خفاري وغيرها من القضايا المشابهة لا تشكّل الدافع الرئيس وراء تمرير المجلس مشاريع مماثلة. بعث 13 عضواً من المجلس رسالة إلى الرئيس حسن روحاني ينصحونه فيها بألا يعين أشخاصاً يحملون جنسيتين في مراكز حكومية. صحيح أنهم لم يحددوا أسماء، إلا أن التخمينات تشير إلى أن المستهدف كان رئيس مكتب رئاسة الجمهورية محمد نهاونديان، الذي مُنح، حسبما يُقال، إذن الإقامة الدائمة في الولايات المتحدة عام 1993 حين كان يعيش في هذا البلد، لكننا نجهل اليوم ما إذا كان نهاونديان ما زال يحتفظ بهذا الإذن. بالإضافة إلى ذلك يشكّل إدراج حرس الثورة الإيراني بين الهيئات الثلاث المخوَّلة الموافقة على المختارين لمناصب حساسة، إلى جانب وزارة العدل والاستخبارات، أحد الأسباب الرئيسة لانتقاد هذا القانون، إذ أخبر المحامي الإيراني البارز محمد صالح نيكبخت صحيفة المونيتور: "يوافق الدستور الإيراني على تشكيل هيئة تُعرف بحرس الثورة الإيراني، وتشكّل المنظمة الاستخباراتية أحد فروع هذه الهيئة، لكن إقرار هذا القانون يحدّ بطريقة ما من صلاحيات الحكومة. ففضلاً عن الحصول على إذن منظمات أخرى صار بإمكان كيان استخباراتي لا علاقة له بالحكومة أن يؤدي دوراً (في توظيف الأشخاص). رغم ذلك تتمتع منظمة (حرس الثورة الإيراني الاستخباراتية) بتفويض قانوني، فكانت، مثلاً، مسؤولة عن ملاحقة سوء السلوك المرتبط بعمليات الاعتقال التي تلت الانتخابات الرئاسية عام 2009". أوضح نيكبخت أيضاً أن تدخل منظمة حرس الثورة الإيراني الاستخباراتية في عملية اختيار مَن يحتلون بعض المناصب الحكومية يؤدي إلى صراعات تعرقل إدارة البلد، نظراً إلى أنها منظمة عسكرية تعمل تحت إشراف القائد الأعلى، وتابع مؤكداً لصحيفة المونيتور: "من الأفضل أن تقدّم منظمة حرس الثورة الإيراني الاستخباراتية معلوماتها عن الأفراد من خلال وزارة الاستخبارات بدل أن تعمل بشكل مستقل، بما أن كل الهيئات الاستخباراتية في البلد تتعاون معاً ومعطياتها تأتي من مصدر واحد". تحدث للمونيتور أيضاً المحامي الإيراني مصطفى تورك حمداني عن المشروع، فقال: "في نظام إيران القضائي، تُعتبر وزارة الاستخبارات الكيان المسؤول عن المسائل الأمنية، لكننا نواجه تبدلات قانونية جديدة في هذا القانون، الذي يضع كياناً آخر بموازاة وزارة الاستخبارات، لكن هذا قد يؤدي إلى مشاكل واختلافات في الرأي بين حرس الثورة الإيراني ووزارة الاستخبارات، ولا شك أن هذه الاختلافات ستسبب الحيرة والغموض". أما عبدي من جهته فيعتبر هذا القانون "غير منطقي"، مشدداً على أن "الوحدة بين الهيئات الاستخباراتية" تشكّل عماد النظام الاستخباراتي في الدول كافة، "لكن الخلافات الداخلية والتوازي بين الهيئات الاستخباراتية دفع المجلس السابق إلى اتخاذ تدبير مماثل". بالإضافة إلى ذلك، وبما أن هذا القانون يمنع مَن يُشتبه في ضلوعهم في أعمال تجسس من تبوّء مناصب حساسة، يشير النقاد إلى أنه يتعارض مع مبدأ افتراض البراءة، فضلاً عن حق التوظيف، وعن هذه النقطة قال حمداني: "من الممكن أن يُتهم الشخص بأمر ما، إلا أن الأخطاء تُرتكب خلال التحقق من مؤهلاته لأن محاكمته تطول، ولكن لنفترض أننا نتعامل مع مشتبه فيه في ملف أمني، وأن معالجة هذا الملف ستستغرق سنتين، ففي هذه الحالة لا يمكن لهذا الشخص أن يحصل على أي وظيفة خلال هذه الفترة. إلا أن هذا يشكّل انتهاكاً لحق التوظيف الذي ينص عليه الدستور". ويعتقد عبدي أن تمرير المجلس السابق ذي الغالبية المحافظة هذا القانون خلال أيامه الأخيرة يشير إلى عدم تنبهه لقواعد اللعبة، ويضيف: "يهدف هذا القانون إلى منع توظيف مَن يعودون بالفائدة على الحكومة الجديدة، ولكن مع اعتراض مجلس صيانة الدستور، سيخضع القانون للمراجعة مجدداً في مجلس الشورى، ولا شك أن هذا الأخير سيرفضه بهدوء أو سيُدخل عليه المزيد من التعديلات، ويستطيع المجلس الجديد أيضاً التوصل إلى طرق عدة لإبطال مفعول قوانين مماثلة. في مطلق الأحوال لا أعتقد أن هذا القانون سيكون له تأثير يُذكر". * "ذي ناشيونال"
مشاركة :