حتى وإن رحل الشيخ الشاعر: (علي بن عليبي الهجهاجي الغامدي) رحمه الله شيخ قبيلة «الهجاهجة» إحدى قبائل غامد البادية، فلن تغيب ذكراه وسيرته الخالدة، التي صنعها طول حياته الممتدة، وعمره الطويل، بشخصيته الفريدة، وشاعريته العظيمة، وتجربته الثرية، ومكانته الاجتماعية، ليبقى كحال كل المبدعين الأفذاذ؛ اسماً خالداً، عصياً على الموت والنسيان..! على المستوى الإنساني؛ كان «ابن عليبي» صاحب «كاريزما» خاصة، وحضورٍ طاغٍ، يلفت الأنظار، ويأسر القلوب، حيثما حل، بتواضعه الجم، وبساطته المتناهية، فقد عاش منحازاً، لفطرته النقية، وإنسانيته الطاهرة، حيث ظل وهو الفارس وشيخ القبيلة وإن بلغ من العمر عتياً، يحمل في صدره قلب طفلٍ لا يكبر ولا يشيب، ينبض بالحب والبراءة والجمال..! أما على الصعيد الشعري؛ فقد كان «الهذيلي» اللقب الذي اشتهر به شاعراً مطبوعاً، عذب المفردة، جميل العبارة، سلس الأسلوب، عميق المعنى، يجمع شعره بين الوضوح الغامض، والغموض الواضح، وكان معروفاً ببديهته الحاضرة، ولسانه الفصيح، وردوده المفحمة، تحمل قصيدته بصمته الخاصة، العصية على التناسخ والتقليد، حينما تماهى معها حد التلبس والعشق الأبدي؛ فأحبها وأحبته، وأخلص لها ولم تخنه، ولم يفترقا حتى آخر لحظات حياته، حيث كان صادقاً وفياً، كشاعرٍ نبيل، لا يهجر قصيدته حتى يموت..! ومع ذلك كله؛ فلم ينل هذا الشاعر العظيم، ما يستحقه من الشهرة والانتشار، لبعده عن الإعلام، وزهده في الأضواء، ومن حقه اليوم على جميع المهتمين والمختصين والباحثين، توثيق ميراثه الشعري، وحفظ مكانته الأدبية، كأحد الأسماء المهمة في ساحة الشعر العامي، التي تستحق التكريم والتقدير. يا عذاب «الهذيلي» كلما زاد همه من يلوم الهذيلي لا تزايد عذابه؟! صار مثل اليتيم اللي عنه ماتت أمه وما حصل له من العمّان رحمه وثابه كلما جا بيمسح دمعته فوق كمه قالت العمة: «الملعون» وصّخ ثيابه..! وإنْ شكى وجعته من عمته عند عمّه قام عمّه من الضيقة يشقّق كتابه..!
مشاركة :